دونت الصيهونية تاريخا مزيفا بالدماء العربية، وحاولوا لعقود إثبات ادعاءات ووهم للعالم، تلك الادعاءات وجدت من يساندها بعد أن منح بلفور وزير الخارجية البريطانى عام 1917م وعد إنشاء وطن قومى يهودى فى فلسطين، من أجل تقليص موجات الهجرة اليهودية نحو أوروبا وتحويلها لفلسطين، ومنذ ذلك الحين عملت الصهيونية على الترويج لوهم أوروبى، لكن لعقود تصدت العديد من الأقلام العربية وفضحت مبتغاها، فما كان من إسرائيليين إلا السعى لإسكاتها بوسائل إجرامية.
فى فبراير عام 1967 وبعد أقل من 20سنة من اغتصاب إسرائيل أرض فلسطين فى عام 1948، أثبت الكاتب الراحل جمال حمدان الذى يعد أحد أعلام الجغرافيا، فى كتابه الشهير "اليهود أنثروبولوجيا" الصادر فى نفس العام، فضح فيه أكذوبة العصابة الصهونية التى روجت لعقود بأن اليهود الحاليين هم أحفاد بنى إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقبة ما قبل الميلاد.
وعبر دراسة متقنة بالأدلة العلمية، أثبت زيف ادعاءات الصهيونية وهدم مشروعها المزيف القائل بأن "فلسطين أرض الميعاد"، وأكد أن اليهود المعاصرين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمى هؤلاء إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التى قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية فى القرن 8 الميلادى، الأمر نفسه أكده بعد ذلك بـ10 سنوات "آرثر كوستلر" مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذى صدر عام 1976.
ولم تكن فلسطين الوجهة الأولى لليهود خلال الشتات، هذا ما أثبته ايضا حمدان فى الكتاب نفسه، لكنها كانت ملاذهم من محرقة النازية فى ذلك الوقت، وبعد أن اغلقت الولايات المتحدة وأوروبا أبوابها فى وجههم.
كما أثبت أنهم خليط من أجناس مختلفة وذكر "أن اليهودية ليست ولا يمكن أن تكون قومية بأى مفهوم سياسى سليم كما يعرف كل عالم سياسى، ورغم أن اليهود ليسوا عنصراً جنسياً فى أى معنى، بل "متحف" حى لكل أخلاط الأجناس فى العالم كما يدرك كل أنثروبولوجى، فإن فرضهم لأنفسهم كأمة مزعومة مدعية فى دولة مصطنعة مقتطعة يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساساً".
ودلل على ذلك بالصفات الأنثروبولوجية لهم، منها الطول ولون البشرة والشعر والعين وغيرها وأهمهم على الإطلاق شكل الرأس، ليثبت أن اليهود الحاليين ليسوا إلا متهوِّدين، ويستدل عن ذلك بالصفات الموجودة بين القلة الباقية من اليهود الذين لم يخرجوا من فلسطين.
كما وصف فى كتابه "استراتيجية الاستعمار والتحرير" إسرائيل بأنها "دولة دينية صرفة، تقوم على تجميع اليهود، واليهود فقط، فى جيتو سياسى واحد، ومن ثم فأساسها التعصب الدينى ابتداء، وهى بذلك تمثل شذوذاً رجعياً فى الفلسفة السياسية للقرن العشرين، وتعيد إلى الحياة حفريات العصور الوسطى بل القديمة ".
وكتب أيضا أن الأمن يمثل مشكلة هذا الكيان، واعتبر أن وجود إسرائيل رهن بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيرا إلى أنها قامت ولن تبقى -وهذا تدركه جيداً- إلا بالدم والحديد والنار. ولذا فهى دولة عسكرية فى صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها.
كل هذه الحقائق التى أستطاع حمدان إثباتها اغضبت الصهيونية، فتوفى فى ظروف عامضة، وقيل أن وفاته المأساوية فى حريق التهم شقته فى 17 إبريل عام 1993، كانت تحوم حولها الكثير من الشكوك من جانب ذويه ومريديه بأنها جاءت بيد الموساد الإسرائيلى الملوثة بدماء الكثير من العلماء والكتاب حول العالم ممن يعارضون الأفكار الصهيونية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة