يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلى هجومه البرى على المدنيين العزل فى جنوب قطاع غزة وتحديدا مناطق خانيونس ورفح، وذلك فى إطار المخطط الصهيونى الذى يهدف للضغط على سكان قطاع غزة لإجبارهم على التهجير خارج أرضهم لتفريغ القطاع من السكان والشروع فى تفتيت قطاع غزة إلى مناطق غير مترابطة جغرافيا.
التحرك الحالى الذى تقوم به إسرائيل هو استنساخ كامل لخطة شمال غزة والتى تهدف للضغط على سكان القطاع للتهجير القسرى من غزة بذريعة أن العمليات العسكرية ستتوسع فى جنوب وشمال القطاع، وهو ما يدفع عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين للتأكيد على أن ما يجرى هو مخطط إسرائيلى خبيث لإفراج القطاع من السكان.
ويعمل جيش الاحتلال الإسرائيلى على إفراغ مساحة كبيرة من شمال غزة والسعى نحو إعادة تشكيل هذه المنطقة سواء عسكريا أو جغرافيا، فى إطار المخطط الغير معلن للاحتلال بقضم مساحات من غزة والضغط على السكان لإفراغ مناطق بعينها فى هذه الجولة من العدوان الإسرائيلي.
يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلى فى عدوانه على غزة أحدث ترسانة الأسلحة الأمريكية حيث قدمت واشنطن دعما بملايين الدولارات إلى حكومة بنيامين نتنياهو ظنا منها أن ذلك سيؤدى إلى القضاء على الفصائل الفلسطينية المقاومة فى غزة، ورغم ذلك فشلت إسرائيل فشلا ذريعا فى تطبيق أيا من الأهداف التى أعلنت عنها قبيل انطلاق العملية البرية فى غزة.
الهدف الذى تسعى إسرائيل لتحقيقه فى العدوان على غزة حول الوصول إلى مكان أيا من الأسرى الإسرائيليين لتحريرهم، وذلك لتحقيق أى إنجاز استراتيجى يدفع نحو هدوء الشارع الإسرائيلى الذى أيقن أن حكومة نتنياهو فشلت فشلا ذريعا فى رؤية التعاطى مع أزمة الأسرى بالقوة العسكرية الغاشمة التى لم تتكمن من تحرير أيا من الأسرى والأسيرات.
بوتيرة متسارعة يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلى بغارات عنيفة على مناطق خانيونس ورفح للضغط على المدنيين للنزوح إلى أقصى جنوب غزة، وكذلك فى محاولة لاغتيال أيا من قيادات حركة حماس الوازنة ولعل أبرزها القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، قائد حماس فى غزة يحيى السنوار، مروان عيسى الرجل الأقوى عسكريا داخل كتائب القسام، ولعل التحركات التى تقوم بها تل أبيب فى خانيونس هى المحاولة الأخيرة للوصول لأيا من قيادات حماس، لأنها تعى أن خانيونس هى معقل قيادات حماس والقسام، والواضح أن إسرائيل لا تمتلك أى معلومات حول مكان الأسرى الإسرائيليين أو قيادات حماس وهو ما يدفعها للتحرك بعشوائية، أملا فى الوصول إلى الجنود والمجندات الإسرائيليين الذين تخفيهم وحدة الظل التابعة للقسام عن الأنظار بشكل كامل.
الجانب الإسرائيلى نجح ولو نسبيا فى تحويل غزة إلى أطلال ومع توقف العملية العسكرية فى القطاع سيسعى عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين لهجرة غزة، وهو ما يتطلب دورا عربيا ودوليا فاعلا لإعادة اعمار ما تم تدميره ووأد المخطط الإسرائيلى الذى يعمل على مدار الساعة لجعل القطاع منطقة لا تصلح للحياة أبدا لمدة عقود.
القصف الإسرائيلى العشوائى الذى يستهدف كل شيء فى غزة ويدمر البنية التحتية بشكل كامل فى القطاع هو مخطط خبيث يهدف لتحويل غزة إلى مدينة أشباح غير قابلة للحياة أبدا، وهذا ما يتطلب ممارسة المزيد من الضغوطات على الاحتلال لعدم تكرار أو استنساخ ما حدث فى شمال غزة فى جنوب القطاع، لأن ذلك سيكون له تداعيات وخيمة على أمن واستقرار الإقليم برمته وستكون الدول الأوروبية هى الوجهة الأولى لأبناء قطاع غزة هربا من البربرية الإسرائيلية.
المتابع لما يجرى داخل قطاع غزة يجد أن عدد كبير من المواطنين الذين نزحوا قسريا من الشمال إلى الجنوب يسعون للعودة إلى منازلهم وبيوتهم حتى لو كان ذلك ثمنه حياتهم، ويرفض الفلسطينيون رغم التعطيش والتجويع والحصار التفريط فى ذرة تراب من الأراضى الفلسطينية، ويتمسك المواطنون الفلسطينيون برفض تكرار نكبة 1948 التى دفع فيها الاحتلال أكثر من 700 ألف فلسطينى للنزوح خارج أرضهم.