رجل احتل مكانة كبيرة فى البلاط الملكى فى عهد حتشبسوت هو "سنموت" الذى كان مدير بيت الإله "آمون"، وقد كان شابًا نشطًا يسترعي محياه النظر، قادرًا طموحًا، وقد رأى بثاقب نظره أن الفرصة سانحة ليكون لنفسه منذ باكورة هذا العهد الجديد مجدًا خالدًا.
و"سنموت" والذى لعبًا دورًا كبيرًا في حياة الملكة حتشبسوت، ولذلك يقول لنا: لقد كنتُ في هذه الأرض تحت إدارة «حتشبسوت» منذ اللحظة التي لاقى فيها سلفها حتفه (أي: تحتمس الثاني)، فلم أضع أي وقت لاكتساب حظوة الملكة التي كانت تقبض بيدَيْها القادرتين الخلَّابتين على أقدار البلاد وإدارتها، حسب ما ذكر الدكتور سليم حسن في موسوعته مصر القديمة.
تمثال سنموت
ولا نزاع في أن «حتشبسوت» قد وحَّدت روحها بروح «سنموت» منذ أن وقع بصرها عليه، وقد كان مستقبلها مرتبطًا تمام الارتباط بأمر الوصاية، ومنذ اللحظة التي وطدت فيها أركان الوصاية على العرش بدأ نجم سعد "سنموت" السياسي يظهر في الأفق ويسطع، وقد كان أول خطوة في تمكن هذه العلاقة الوثيقة التي أحكمت أواصرها بينهما حقبة توفي على عشرة أعوام، هي أن تجعل "حتشبسوت" خدنها «سنموت» المربي الأول لابنتها الابنة الملكية، وأميرة الأرضين، والزوجة الإلهية "نفرو رع"، وأن يكون بجانب ذلك مدير البيت العظيم لأملاكها وأملاك ابنتها «نفرو رع»، ويُحتمَل كذلك أنه كان قَيِّمًا على أملاك ابنتها الطفلة "مريت رع حتشبسوت"، والواقع أنها بإسنادها كلَّ هذه الوظائف إلى "سنموت" قد جعلته شريكًا فعليًّا معها في حكم البلاد، كما ذكر الدكتور سليم حسن في موسوعته مصر القديمة.
وقد كان "سنموت" دائمًا إداريًّا من الطراز الأول، ويحتمل أنه بدأ حياته في إدارة ضياع "آمون" بمعبد الكرنك الشاسعة، فلقد كان مع صعود نجمه وعلوِّ منزلته ورفعة مكانته يعرف دائمًا بمدير بيت "آمون".
والواقع أن كل شيء في إدارة ممتلكات معبد هذا الإله كانت بإشرافه، وكذلك كان المشرف على الغلال والمخازن، والحقول والحدائق، والماشية والعبيد، ومراقب قاعة «آمون»، كل ذلك في قبضته بوصفه مدير البيت العظيم، هذا وكان يلقب كذلك المشرف على أعمال "آمون"، وأحيانًا كان يلقب «مدير كل أشغال الملك في معبد "آمون" أيضًا، ولما رسخت قدمه وأصبح صاحب حظوة في نفس "حتشبسوت" وتمكن من عطفها، أصبحت تحت إدارته كل ثروة البيت المالك، وقد بدأ بالقيام بوظيفة مدير البيت العظيم للملكتين «حتشبسوت» وابنتها الصغيرة "نفرو رع"، وانتهى به الأمر بعد فترة من الزمن أن أمسى المراقب والمشرف، والمشرف على المشرفين لكل أشغال الفرعون، كما كان كذلك المسيطر على عبيد الفرعون والمالية والأسلحة وقصر التاج الأحمر، كما أكد الدكتور سليم حسن.
يضاف إلى هذه الوظائف العامة الرفيعة وظائف أخرى خاصة كان لا يشغلها إلا المقربون جدا، الذين كانت حظوتهم تسمح لهم بأن يشتركوا في الإشراف على إعداد أخص أدوات الزينة الملكية للزيارات الرسمية وغيرها، ومن ثم نجده لا يفخر بأنه حاكم القصر الملكي وحده، بل كان يتيه عجبًا؛ لأنه ملاحظ الغرفات الخاصة والحمام، وحجرة النوم أيضًا.
كما أشرف على أعمال المحاجر، والنقل، وإقامة المسلتين، عند مدخل معابد الكرنك، وكذلك اشرف على بناء المعبد الجنائزى، و يُعتقد أن تصميم المعبد مشتق من المعبد الجنائزى لمنتوحتب الثانى الذى تم بناؤه قبل 500 عام تقريبًا فى الدير البحرى .
وفي الوقت الذي كان فيه "سنموت" يجمع الوظائف التي تدر عليه الذهب والفضة تباعًا في الكرنك والقصر، كانت "حتشبسوت" وقتئذ المسيطرةَ الوحيدةَ التي لا منازعَ لها في مصر.