مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتزايد الغضب إزاء الفظائع التى ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، بات أحد الأسئلة المطروحة ما إذا يمكن أن تؤثر هذه الحرب على مسار أو نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية.
عادة لا تؤثر الحروب أو قرارات السياسة الخارجية على اتجاهات الناخبين الأمريكيين بشكل يمكن أن يغير نتيجة الانتخابات الرئاسية. وتجلى هذا بشكل كبير فى إعادة انتخاب جورج دبليو بوش عام 2004 برغم مأساة حرب العراق وما ارتكبته الولايات المتحدة فى فظائع كتلك التى حدثت فى سجن أبو غريب، ناهيك عن المبرر الواهى للحرب بمزاعم امتلاك نظام صدام حسين أسلحة نووية أو علاقته بتنظيم القاعدة. لكن بوش فاز فى انتخابات 2004 ليمكث أربع سنوات أخرى فى البيت الأبيض. وكذلك لم يشفع سجل والده جورج بوش الأب الخارجى الأولى له عند الناخبين الأمريكيين، فحرموه من فترة ثانية، والسبب الاقتصاد.
لكن بلا شك سيكون لحرب إسرائيل على غزة تأثيرها على الناخبين، خاصة فى أصول عربية أو المسلمين. تعهد قادة المسلمين فى عدد من الولايات الأمريكية المتأرجحة بسحب دعمهم للرئيس جو بايدن، وذلك خلال مؤتمر عقد يوم السبت الماضى، السبت بالقرب من ديترويت، وذلك بسبب رفضه الدعوة لوقف إطلاق النار فى غزة.
وبحسب ما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس، فإن الديمقراطيين فى ميتشيجان قد حذروا البيت الأبيض بأن تعامل بايدن مع حرب إسرائيل على غزة يمكن أن يكلفه دعم كبير بين العرب الأمريكيين بما يمكن أن يغير نتيجة انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل.
وتجمع قادة المسلمين من ولايات ميتشيجان ومينسوتا وأريزونا وويسكونسن وفلوريدا وجورجيا ونيفادا خلف منبر كتب عليه " تخلوا عن بايدن، أوقفوا إطلاق النار الآن"، وذلك فى مدينة ديربورن بولاية ميتشيجان، وهى المدينة التي يوجد بها أكبر تجمع للأمريكيين العرب فى الولايات المتحدة.
وقال جيلانى حسين، الذى ساعد فى تنظيم المؤتمر، إن عدم استعداد بايدن للمطالبة بوقف إطلاق النار قد أضر بعلاقته بالمسلمين الأمريكيين بشكل لا يمكن إصلاحه. وأضاف ان الأسر والأطفال يتم القضاء عليهم بالكامل بأموال ضرائبنا، مضيفا أن ما نشهده اليوم هو مأساة تلو مأساة.
وقال حسين لأسوشيتدبرس إن الغضب بين المسلمين يتجاوز كونهم مسلمين، ومن بين الأشياء التي تجعلنا أكثر غضبا هي حقيقة أن أغلبنا قد صوت بالفعل للرئيس بايدن. وأشار إلى أن احد القادة الدينيين سأله: كيف يمكن أن أحصل على بطاقة التصويت الخاصة بى لانتخابات 2020 حتى يمكننى ان أدمرها.
وكان أندرو باتس، المتحدث باسم البيت الأبيض، قد قال فى وقت سابق إن إدارة بايدن قد ضغطت من أجل وقفات إنسانية للقتال من أجدل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مضيفا أن القتال ضد ما أسماه "سم معاداة السامية والوقوف بجانب حق إسرائيل السيادى للدفاع عن نفسها كان دائما من بين القيم الأساسية للرئيس جو بايدن".
ولفتت أسوشيتدبرس إلى أن ميتشيجان وويسكونسن وبنسيلفانيا كانت من العناصر الهامة لما أطلق عليه " الجدار الأزرق" للولايات التي أعادها بايدن إلى صف الديمقراطيين، وساعدته على الفوز بالبيت الأبيض فى 2020. وهناك 3.35 مليون أمريكى يعرفون أنفسهم كمسلمين يمثلون 1.1% من تعداد السكان، ويميلون لتأييد الديمقراطيين، وفقا لمركز بيو البحثى.
وإذا كانت سياسة بايدن إزاء إسرائيل وغزة نقطة الضعف الوحيدة للرئيس الأمريكى، لربما أمكنه التغلب عليها فى منافسته المحتملة مع دونالد ترامب فى سباق البيت الابيض 2024. لكن بايدن يواجه سلسلة من العقبات، أبرزها المخاوف المتعلقة بتقدمه فى العمر وعدم قدرته على القيام بمهام المنصب لو بدأ فترة رئاسية جديدة فى سن يتجاوز الـ 82 عاما. ناهيك عن قلق من أجندته الاقتصادية، برغم أنه يعتمد على سجله التشريعى فى مساعيه لجذب الناخبين، هذا غلى جانب انقسام الديمقراطيين أنفسهم بشأن ترشحه، وهى العوامل التى لو اجتمعت معا يمكن أن يحرمه من سنوات أربع أخرى فى البيت الابيض.