الحرب على غزة.. تداعيات إقليمية وكارثة إنسانية.. صندوق النقد: الآثار الاقتصادية تتجاوز منطقة القتال إلى دول الجوار وما حولها.. التصعيد سيكون نقطة تحول.. وإبادة الفلسطينين تنذر بـ"أحلك لحظة فى تاريخ البشرية"

الخميس، 07 ديسمبر 2023 02:30 م
الحرب على غزة.. تداعيات إقليمية وكارثة إنسانية.. صندوق النقد: الآثار الاقتصادية تتجاوز منطقة القتال إلى دول الجوار وما حولها.. التصعيد سيكون نقطة تحول.. وإبادة الفلسطينين تنذر بـ"أحلك لحظة فى تاريخ البشرية" غزة
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليست مجرد حرب بين طرفين، ولا تقتصر على كونها عدوان وحشى تشنه قوة غاشمة على مدنيين عزل لتزهق أرواحهم وتدمر منازلهم وتمحو مظاهر الحياة القليلة التى كانوا ينعمون بها. بل هو صراع ممتد منذ عقود طويلة، تفجر مرارا وتكرارا، لكن يبدو أن هذه المرة هى  الأخطر من حيث تداعياتها السياسية ليس فقط على إسرائيل، وإنما على العديد من دول المنطقة، ناهيك عن آثارها الاقتصادية الكارثية التى تثير التقارير والمؤسسات الدولية المخاوف منها.

ففى تقرير له فى الأول من ديسمبر، قالت صندوق النقد الدولى إن الحرب فى غزة تسبب معاناة إنسانية هائلة. فبالإضافة إلى التأثير المباشر، سيكون للحرب عواقب على منطقة الشرق الأوسط وشكمال أفريقيا مع تأثيرات على كلا من الشعوب والاقتصاد. وياتى هذا فى الوقت الذى كان هناك توقعات بالأساس بتباطئ النشاط الاقتصادى فى المنطقة لينخفض من 5.6% فى 2022 إلى 2% فى 2023.

وأشار التقرير إلى أن مدى التأثير على المنطقة يظل غير مؤكد غلى حد كبير، وسيعتمد على مدة الصراع وشدته ومدى انتشاره.

وحذر من أن اندلاع صراع واسع النطاق سيكل تحديا اقتصاديا كبيرا للمنطقة، ويتوقف احتوائه على نجاح الجهود الدولية لمنع المزيد من التصعيد فى المنطقة الأوسع. والأمر المؤكد بحسب صندوق النقد هو أن التوقعات الخاصة بالاقتصادات الاكثر عرضة للخطر بشكل مباشر سيتم تخفيضها، وأن السياسات الرامية إلى حماية الاقتصادات منا لصدامات والحفاظ على الاستقرار ستكون حاسمة.

ورغم اعتراف التقرير بأن إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة هي الأكثر تضررا، إلا أنه أشار إلى أن التأثير الاقتصادي للحرب يمتد إلى ما هو أبعد من منطقة القتال. وتعاني البلدان المجاورة، مثل الأردن ولبنان، بالفعل من أصداء اقتصادية. وسط مخاوف بشأن خطر التصعيد، ألغى الزوار سفرهم إلى المنطقة، مما أدى إلى ضرب شريان الحياة لهذه الاقتصادات بشدة. وتعد السياحة، التي شكلت ما بين 35% إلى ما يقرب من 50% من صادرات السلع والخدمات في هذه الاقتصادات في عام 2019، مصدرا بالغ الأهمية للنقد الأجنبي وفرص العمل. وستشهد الاقتصادات المعتمدة على السياحة مثل لبنان، حيث انخفضت معدلات إشغال الفنادق بنسبة 45% في أكتوبر مقارنة بالعام الماضي، تأثيرات غير مباشرة على النمو.

وحذر صندوق النقد من أن تصعيد الصراع يمكن أن يكون نقطة تحول فى المنطقة، وستكون التداعيات بعيدة المدى، وتنتشر بين ما هو أبعد من الجيران لتصل إلى العراق وسوريا واليمن. وكلما طال زاد تأثيره على السياحة والتجارة والاستثمار والقنوات المالية الأخرى. ومن الممكن أن تزداد تدفقات اللاجئين بشكل كبير، مما يزيد من الضغوط الاجتماعية والمالية في البلدان التي تستقبلهم، وربما يتسبب في مزيد من الضعف طويل الأمد.

وفي منطقة تنتج 35% من صادرات النفط العالمية و14% من صادرات الغاز، فإن تأثير انقطاع الإنتاج المحتمل يلوح في الأفق بشكل كبير. ومع ذلك، على عكس الأحداث الماضية، حتى لو ارتفعت الأسعار استجابة للأحداث، يمكن لمنتجي النفط، وخاصة أولئك في المنطقة، الاستفادة من الطاقة الفائضة الوفيرة لتعزيز الإنتاج بسرعة، مما يساعد على تخفيف التأثير.

وفى وقت سابق، حذر معهد ودرو ولسون للعلماء، ومقره الولايات المتحدة، من خمس مخاطر عالمية تسسبها الحرب فى غزة، وأشار المركز إلى أن  لمخاطر العالمية لتلك الحرب تشمل الاضطراب الاقتصادى وتزايد نقاط الضعف العسكرية ومزيد من الاستقطاب السياسى وتحديات استراتيجية جديدة ناهيك عن تحول فى طبيعة الحرب فى ظل دور الأطراف التي لا تمثل دولة.

وفيما يتعلق بالاضطراب الاقتصادى، تحدث المركز عن تحذير البنك الدولى فى 30 أكتوبر الماضى من أن الحرب قد تتسبب فى صدمة فى الاقتصاد العالمى تشمل ارتفاع أسعار النفط لتصل إلى 150 دولار للبرميل، وتفشى الجوع بين ملايين أخرى بسبب ارتفاع أسعار الغذاء. كما أنه يمكن أن يعكس الأزمة التي حدثت اثناء حرب أكتوبر 1973، عندما فرضت الدول العربية حظرا على مبيعات النفط للولايات المتحدة ردا على دمها للجيش الإسرائيلي.

 

وقال تقرير البنك الدولى إن الحرب الجديدة تاتى فى أعقاب أكبر صدمة شهدتها أسواق السلع منذ السبعينيات، والمتمثلة فى حرب روسيا وأوكرانيا، وسيتعين على صناع إقرار أن يكونوا حذرين. فلو حدث تصعيد فى الحرب الحالية، فإن الاقتصاد العالمية قد يواجه صدمتى طاقة للمرة الأولى منذ عقود، ليس فقط بسبب حرب أوكرانيا، ولكن أيضا بسبب الحرب فى الشرق الأوسط.

أما عن المخاطر الأخرى، أوضح تقرير مركز ودرو ويلسون أن الولايات المتحدة تواجه خطر أن تعلق فى صراع عسكرى أوسع كنتيجة غير مقصودة لانتشارها فى الشرق الأوسط. فقد أرسل البنتاجون حاملتى طائرات على المنطقة تحملا أكثر من 150 طائرة إلى جانب صواريخ مختلفة، وجهز 2000 من القوات للانتشار فى المنطقة والهدف هو منع التصعيد. إلا أن هذا البسط للعضلات يجعل القوات الأمريكية أهدافا محتملة أيضا للهجوم.

كما أشار التقرير إلى أن الحرب تهدد بتعميق الاستقطاب السياسى فى مختلف أنحاء العالم، مع دعم فريق للفلسطينيين ومساندة أخرين لإسرائيل.

على الصعيد الأمنى، باتت المنطقة بأكملها أكثر اشتعالا. فإلى جانب غزة، تشهد الجبهة اللبنانية على فترات مناوشات مع إسرائيل بإلقاء صواريخ على شمال الدولة العبرية، وإن كانت لم تصل إلى تصعيد كبير، وكذلك الحال بالنسبة لسوريا، التى استهدفتها إسرائيل بغارات متفرقة وصلت إلى مطارى حلب ودمشق عدة مرات. ومن ناحية أخرى، يشن الحوثيين فى اليمن ضربات متفرقة ايضا مستهدفين إسرائيل، ناهيك عن تعهدهم باستمرار منع السفن الإسرائيلية من الملاحة فى البحر الأحمر.

وتواجه القوات الأمريكية المتواجدة فى الشرق الأوسط ارتفاعا هائلا فى معدل استهدافها عبد شن إسرائيل حربها على قطاع غزة. وحتى منتصف نوفمبر، تعرضت القوات الأمريكية لما يزيد عن 46 هجمة بطائرات مُسيّرة وصواريخ في العراق وسوريا على مدى الأسابيع الماضية، وذلك ردا على دعم واشنطن لإسرائيل في الحرب على غزة.

مثل هذه التحركات تضع المنطقة على صفيح ساخن، وتهدد بمزيد من الاشتعال، وربما اتساع أكبر فى حال ما كثفت إسرائيل مثلا تحركاتها ضد سوريا، بما يستدعى تدخل روسيا حليفة دمشق، أو استهدفت الولايات المتحدة بشكل مباشر إيران، التى تحملها مسئولية تصاعد الهجمات ضدها مؤخرا.

على الصعيد الإنسانى، فإن ما يشهده قطاع غزة من إبادة جماعية لسكانه بات جريمة القرن الحادى والعشرين التى ليس لها مثيل، خاصة وأن أغلبية الضحايا ليسوا مقاتلين أو عسكريين، وإنما من النساء والاطفال. وقال ريتشارد بيبركورن، ممثل الصحة العالمية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة إن طفلا واحدا يقتل بمعدل كل 10 دقائف فى وسط قطاع غزة، وأعرب عن فداحة الوضع قائلا: أعتقد أننا قريبون من أحلك لحظة في تاريخ البشرية، ولذلك نحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة .

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة