أضحت حرب غزة خطرا يهدد العالم أجمع، ومن هذا المنطلق يعقد مجلس الأمن، اليوم الجمعة، اجتماعا يستمع فيه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الذي استخدم للمرة الأولى المادة 99 من الميثاق التأسيسي للمنظمة الدولية، للتحذير من أن الحرب في غزة قد تؤدى إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلام والأمن الدوليين.
يأتي هذا بالتزامن مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها الثالث، بينما يتواصل القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي على مناطق عدة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، مخلفاً مئات الشهداء والجرحى، وفى هذا السياق قام الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مربعا سكنيا في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، كما سُمع دوي صفارات الإنذار في مستوطنات غلاف غزة وسيدرويت.
وخلال الساعات القليلة الماضية، شهدت المناطق الشمالية لقطاع غزة غارات جوية وقصفاً مدفعياً شديدين، لاسيما في بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا وحي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما دارت أعنف الاشتباكات في مدينة خان يونس. وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن الأوضاع في غزة أشبه بالجحيم على غرار بقية أنحاء القطاع.
نزيف الشهداء
وقد وثقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في تقرير لها، استشهاد 273 فلسطينياً داخل مراكز الإيواء التابعة لها في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بعد استهدافها بشكل مباشر من طائرات الاحتلال الإسرائيلي، كما أصيب 966 بجروح مختلفة.
وأكدت الأونروا، أن 33 مؤسسة تابعة لها أصيبت بشكل مباشر من القصف الإسرائيلي، كما تضررت 57 مؤسسة بسبب عمليات القصف المستمرة لليوم الـ 63 على التوالي، لافتة النظر إلى أن 1.2 مليون نازح ممن فقدوا منازلهم أو تعرضت مناطقهم للقصف، لجأوا لـ 155 مركز إيواء تابع للأونروا.
وأشارت الأونروا إلى أن 132 من موظفيها قتلوا في عمليات القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع، مؤكدةً تواجد 11388 مريضاً داخل مراكز الإيواء ويحتاجون لرعاية طبية، إضافة لوجود 50 ألف امرأة حامل، بحاجة ماسة للعلاج والرعاية الصحية.
الإجراء الصامت
وأمام التعنت الإسرائيلي، يجتمع مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا، لبحث تداعيات الحرب على غزة المندلعة منذ أكثر من شهرين، وذلك بعد أن حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في خطوة غير مسبوقة، لاستخدام كل نفوذه لمنع وقوع كارثة إنسانية في القطاع المحاصر.
ويأتي الاجتماع وسط استعدادات للتصويت على مشروع قرار مدعوم عربياً ودولياً يطالب بوقف النار، في حين لا تزال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترفض مثل هذا التوجه، كما تعد "المادة 99" التي استند إليها جوتيريش، أقوى أداة على الإطلاق يمكن أن يستخدمها أي أمين عام للأمم المتحدة، لمواجهة الأخطار المحدقة بالأمن والسلم الدوليين.
وجاءت دعوته بعد ساعات من وضع مشروع القرار تحت "الإجراء الصامت"، مما يعني أنه يمكن التصويت عليه في أي وقت اعتباراً من الجمعة.
وقد لجأ أنطونيو جوتيريش للمرة الأولى منذ تعيينه أمينا عاما للأمم المتحدة في عام 2017، إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تسمح للزعيم الأممي بإحالة أي مسألة يعتقد أنها تهدد "السلام والأمن الدوليين" إلى مجلس الأمن، وذلك نظرا لحجم الخسائر في الأرواح في غزة وإسرائيل في غضون فترة وجيزة.
فأرسل الأمين العام خطابا إلى رئيس مجلس الأمن الخميس، يفعّل فيه للمرة الأولى المادة النادرة بعد أن كرر دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، كما كتب جوتيريش في رسالته إلى مجلس الأمن، أن العالم يواجه خطرا شديدا لانهيار النظام الإنساني، مشدداً على أن الوضع يتدهور بسرعة ويتحول إلى كارثة ذات آثار محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل وعلى السلام والأمن في المنطقة.
وأضاف أنه يجب تجنب مثل هذه النتيجة بأي ثمن، مكرراً دعوته إعلان وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، قائلاً: «هذا أمر ملح».
معارك طاحنة
وعلى صعيد متصل، تستمر المعارك التي دارت رحاها على أجساد الأطفال والنساء والشبابا، لتحيلهم إلى جثامين هامدة بعد أن صعدت أرواحهم شهداءً في الجنة ، كما تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر إضافية بين الضباط والجنود، بينهم نجل مسؤول حكومي كبير، بينما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» استئناف تحليق مسيراتها في سماء القطاع بحجة البحث عن الرهائن.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن 350 فلسطيياً غالبيتهم نساء وأطفال قتلوا وأصيب 900 آخرون خلال ساعات يوم الخميس، وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، إن حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي ارتفعت إلى 17 ألفاً و177 قتيلاً و46 ألف جريح. وأضاف أن 70 في المئة من ضحايا العدوان الإسرائيلي من الأطفال والنساء، ولفت إلى أن قوات الاحتلال استهدفت 130 مؤسسة صحية ما أدى إلى إخراج 20 مستشفى و46 مؤسسة ومركزاً للرعاية الأولية من الخدمة.
ومن جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أمس الخميس، إن إسرائيل اعتقلت إدارياً نحو 700 فلسطيني في غزة منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
وكانت هيئة البث أشارت سابقاً إلى أن الجيش الإسرائيلي أقام مركز تحقيق واعتقال لفلسطينيين تم اعتقالهم من داخل قطاع غزة. وفي سياق المعارك، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الخميس، مصرع جنديين خلال القتال في قطاع غزة، من بينهما غال إيزنكوت ابن رئيس هيئة الأركان الأسبق الوزير في حكومة الحرب غادي إيزنكوت..
فيما أعلنت الفصائل الفلسطينية استهداف غرف قيادة الجيش الإسرائيلي في المحور الجنوبي لمدينة غزة بصواريخ، كما استهدفت دبابة ميركافا ودكت تحشدات للقوات المتوغلة بقذائف الهاون في محور شمال مدينة خان يونس. كما هاجم مقاتلوها قوة راجلة مكونة من 15 جندياً بثلاث عبوات مضادة للأفراد خلفت عدداً من القتلى في محور شرق مدينة خان يونس.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أمس الخميس، أن الولايات المتحدة استأنفت تحليق طائرات مسيرة غير مسلحة فوق قطاع غزة، للمساعدة في البحث عن الرهائن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة