أكد الدكتور محمود محيى الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخى COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، أن نجاح أى قمة يتمثل فيما يتبعها من تنفيذ للتوصيات وهو ما يتجسد فى قمة المناخ بشرم الشيخ والتى نتج عنها قرارات هامة ومنها تأسيس صندوق الخسائر والأضرار الذى تم تفعيله في اليوم الأول خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين المنعقد حاليا بدبي، الأمر الذي أحدث نقلة نوعية في نقل بعض الأفكار والمطالب التي كانت محل اهتمام من جموع غفيرة من البشر حول العالم خاصة من الدول المتضررة من تغير المناخ.
وقال الدكتور محمود محيي الدين - في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة، على هامش فعاليات مؤتمر المناخ المنعقد بدبي - إن ما تتعرض له الدول من التقلبات في الطقس وشدة تغيرها بسبب تغير المناخ وما تعرضت له عدة دول من فيضانات وحرائق كل هذا دفع إلى سرعة تفعيل صندوق الخسائر والأضرار والاتفاق على ما أوصت به اللجنة الانتقالية التي تشكلت في شرم الشيخ؛ من حيث المقر وعدد أعضاء مجلس الإدارة والقواعد الخاصة بتفعيل هذا الصندوق، مشيرا إلى أن رئيس البنك الدولي ذكر مؤخرا أنه سيتم تفعيل هذا الصندوق خلال 90 يوما وهذا يعد إنجازا هاما.
وأضاف محيي الدين أن دور صندوق الخسائر والأضرار لا يقتصر على تقديم التمويل ولكن كذلك توفير البيانات والحلول العلمية والتكنولوجية للتعامل مع آثار التغير المناخي، لافتا إلى أن تفعيله يغير من ديناميكيات العمل المناخي، وينوه بضرورة إعادة النظر في مسارات تخفيف الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ لتفادي الخسائر المادية لتغير المناخ والتي تبلغ قيمتها 60 مليون دولار في الساعة، إلى جانب الخسائر المادية التي لا يمكن تثمينها أو تعويضها.
وحول آخر التطورات الخاصة بملف التمويل الذي يحظى بأهمية كبرى بمؤتمر المناخ، أشار محيي الدين إلى أن هناك العديد من المبادرات الهامة التي تم الإعلان عنها خلال مؤتمر المناخ (cop 28) حتى الآن وفي مقدمتها إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، والذي صمم لسد فجوة التمويل المناخي وتيسير الحصول عليه بتكلفة مناسبة ويهدف إلى تحفيز جمع واستثمار 250 مليار دولار بحلول عام 2030، لافتا إلى أن ذلك يعد إضافة جيدة لما سبق وأن أعلنته الإمارات في سبتمبر الماضي من تخصيص 4.5 مليار دولار لمبادرات الطاقة النظيفة في أفريقيا.
ونوه رائد المناخ كذلك بصندوق المناخ الأخضر بقوله: "أ أنه أكبر صندوق للمناخ في العالم ويتخذ من كوريا مقرا له حيث كلفت بأن أكون المنسق الميسر لتمويل هذا الصندوق وفي جولة التمويل الجديدة له تم الوصول إلى أعلى من الرقم المستهدف في الدورة السابقة ؛ حيث تم زيادة التمويل من 10 مليارات دولار إلى 13 مليار دولار من التعهدات الموجهة إلى العمل المناخي في مجالات التخفيف والتكيف علما بأن هذا الصندوق يقوم بالتمويل مناصفة بين الاتجاهين المتعارف عليهما وفقا لاتفاق باريس وجميعها خطوات إيجابية فيما يتعلق بتمويل المناخ، حيث إن تنفيذ العمل المناخي يحتاج للمزيد من هذه المبادرات والجهود".
وحول "أجندة شرم الشيخ للتكيف"، أفاد محيي الدين بأن أجندة شرم الشيخ للتكيف مع التغيرات المناخية تحظى باهتمام كبير جدا؛ حيث دشنت في شرم الشيخ وتفعل فيى مجالات العمل الخاصة بها وهي مجالات المياه والقطاع الزراعي وإنتاج الغذاء والاستثمار والخدمات وحماية البشر من التصحر أو ارتفاع منسوب مياه البحر أو من المشاكل المتعلقة بتهالك الغابات وتدهورها.
وتابع محيي الدين "هناك عمل كبير قامت به قمة شرم الشيخ للمناخ (cop 27) واستجيب له بإمكانية كبيرة خاصة وأن العمل المناخي عمل متكامل ونحن نتحدث هنا عن إطار عام للعمل المناخي أكثر توافقا في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17 المتعارف عليها وكلما استطعنا أن نضع العمل المناخي في هذا الإطار نستطيع ليس فقط التوفيق في تحقيق أهداف اتفاق باريس ولكن أن نكتسب القدرة على أن يتحرك العمل المناخي حيث يتطلع جموع البشر".
وشدد على ضرورة تسريع تنفيذ الأجندة التي تسهم مجالات عملها الرئيسية في تنفيذ عدد من أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمن الغذائي والمائي وحماية الحياة البحرية والتحول الأخضر للمدن وتعزيز قدرة البنى التحتية على الصمود في مواجهة التغير المناخي، منوها بأن تنفيذ أهداف المناخ تستلزم تعزيز الجهود على المستويين المحلي والإقليمي بحيث تدعم الجهد العالمي في هذا الصدد.
وحول المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في مصر، قال محيي الدين إن المبادرة تعد نموذجًا رائدا لحشد العمل المناخي على المستوى المحلي وتعد تجسيدا لأحد أهداف مؤتمر الأطراف السابع والعشرين بشرم الشيخ وهو تعزيز البعد المحلي للعمل المناخي والتنموي، وهو ما نجحت فيه المبادرة من خلال إشراك جميع الأطراف المحلية الفاعلة وتنويع فئات المشروعات المشاركة في مسابقة المبادرة، كما أن الرعاية المباشرة للمبادرة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء لها، والعمل الجماعي للوزارات المعنية والمحافظات والأجهزة المحلية، أسفر عن نحو 12 ألف مشروع خلال عامين ترسم خريطة استثمار للمشروعات البيئية في جميع محافظات مصر.
وعن ملفات الديون وأسواق الكربون ومبادرة المنصات الإقليمية لمشروعات المناخ في أفريقيا، أكد رائد المناخ أهمية إنشاء أسواق الكربون وتفعيل آلية مقايضة الديون على نطاق أوسع بما يسهم في تعزيز قدرة الدول النامية على تمويل أهدافها المناخية والتنموية، لافتا إلى أن تحديد فجوات التمويل المناخي والتنموي تفتح المجال أمام إيجاد الحلول وضمان عدم إثقال كاهل الدول النامية والاقتصادات الناشئة بالمزيد من الديون لتمويل أهدافها المناخية والتنموية.
وأشار في هذا الصدد إلى المنصة الخاصة ببنجلاديش لتمويل أنشطة تخفيف الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ التي تم إطلاقها بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، موضحًا أن المنصة تعد نموذجًا للشراكات والتعاون بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف.
وفي ختام حديثه، أكد رائد المناخ أن مؤتمري الأطراف السابع والعشرين بشرم الشيخ أكدا على الحاجة الملحة لإصلاح نظام التمويل العالمي لضمان تمويل أكثر فاعلية للعمل المناخي والتنموي وأن مؤتمر دبي يشهد مناقشات مستفيضة في هذا الشأن.