برنيطة وكاميرا سبب اتهام المليجى بالجاسوسية.. والقبض على الموجى لمقاومة الاحتلال فى الترام
الكثير من المفارقات والمواقف الطريفة والغريبة وأحيانا المحرجة والمرعبة تعرض لها نجوم الفن، فبينما يتجنب الكثيرون منا الوقوع فى مشكلات تجعلهم عرضة للمساءلة أو الذهاب إلى أقسام الشرطة كمطلوبين أو مقبوض عليهم، تعرض عدد من نجوم الزمن الجميل لمواقف ومفارقات، دخلوا بسببها إلى أقسام الشرطة وتعرضوا للمساءلة بعد أن تم القبض عليهم، وظلت هذه المواقف التى لا يعرفها الكثيرون عالقة فى أذهانهم يتذكرونها طوال حياتهم ويتندرون عليها.
كارم محمود متهم بخطف عروسة
ومن هذه النوادر، ما حدث مع المطرب الكبير كارم محمود، الذى حكى عنه فى حوار نادر أجراه فى شبابه.
قال الفنان الكبير: فى بداية حياته الفنية كان يعرف أستاذا ذا صيت كبير فى عالم الطرب، وكان من المدرسة القديمة، لذلك اعتبر كارم محمود وأصدقاءه أطفالا فى عالم الفن، ولم يكن بينه وبينهم أى انسجام،وأوضح كارم محمود أن هذا الأستاذ كان مزواجا وهوائيا يعشق النساء ومتعدد العلاقات، ووجد هو وأصدقاؤه أن فى ذلك فرصة لتدبير مقلب للانتقام منه.
وأشار الفنان الكبير إلى أن عقله ورفاقه هداهم لفكرة مقلب يدبرونه له، حيث قلد كارم محمود صوت فتاة واتصل به وأوهمه بأنه يقع فى غرامه، ويتمنى أن يراه، وصدق الأستاذ وأعطى للفتاة المزيفة موعدا للقاء عند تمثال النهضة، وذهب كارم وأصدقاؤه واتفقوا مع فرقة حسب الله لعمل زفة لعريس فى نفس الموعد والمكان، ولحنوا نشيدا خاصا لهذه المناسبة حتى يزفوا الأستاذ.
وبالفعل ذهبوا جميعا فى الموعد المحدد وبدأوا فى الغناء، وتجمع حولهم الناس باحثين عن العريس، الذى وقف وقد ارتدى ملابس فاخرة استعدادا للقاء الفتاة ففوجئ بهذه الزفة، وفهم المقلب وثار غضبه وحاول إبعاد كارم محمود وأصدقائه بالعصا التى يحملها، حتى أصاب أحدهم فى رأسه وسالت الدماء منه بغزارة.
وفجأة انقلب الموقف الضاحك وتجمع جنود البوليس لفض هذه المعركة والزحام، وأصر الأستاذ على أن يذهبوا لقسم البوليس متهما كارم محمود وأصدقائه بأنهم اعتدوا عليه واختطفوا عروسه.
وفى قسم البوليس، استمع الضابط لأقوال الأستاذ، وشعر بأن هناك أمرا مدبرا وسرا وأن هذه الزفة وليدة تفكير وتدبير سابق،
وخرج الضابط وتحدث مع كارم محمود وأصدقائه، وفهم القصة وضحك من هذا المقلب، ثم عاد للأستاذ وقال له إنه سيحيل الأمر للنيابة، لأن أحد الشباب مصاب بجرح كبير فى رأسه، وهنا خاف الأستاذ وطلب الصلح وإنهاء الموقف، وبالفعل انتهى المقلب بالصلح، وظل الفنان الكبير كارم محمود لا ينساه طوال حياته.
عمر الشريف متهم يحافظ على الآداب العامة
قد لا يصدق الكثيرون أن النجم العالمى الكبير عمر الشريف، الذى قضى أغلب احتفالات رأس السنة فى دول مختلفة حول العالم، اضطر فى بداية مشوار حياته إلى قضاء ليلة رأس السنة فى قسم الشرطة، وهذا ما حكاه النجم الكبير فى حوار نادر، مؤكدا أنه لا ينسى ذلك الاحتفال الذى قضاه مع بعض أصدقائه فى بداية مشواره الفنى فى أحد الملاهى الليلية، وكان الاحتفال جميلا مليئا بالفقرات والمفاجآت، ولكن فجأة بدأ التوتر يسود المكان بسبب وجود بعض الشباب الذين لعبت الخمر برؤوسهم، وبدأوا يتصرفون تصرفات غريبة وغير مقبولة، وقال عمر الشريف: إنه استفزه ما قام به هؤلاء الشباب من تصرفات تتنافى مع الآداب العامة، حتى إن بعض الأجانب الموجودين بالمكان شعروا بالغضب وكانوا ينظرون إليهم شذرا.
وأوضح الفنان الكبير أنه تقدم نحو هؤلاء الشباب، وحاول نصحهم وتنبيههم إلى أن ما يفعلونه يتنافى مع الذوق العام ويشوه سمعة الجميع أمام الأجانب، لكنهم سخروا منه وحاول أحدهم أن يعتدى عليه، ولكنه تفادى ضربة هذا الشاب ولكمه لكمة قوية سقط بسببها على الأرض، وسادت الضجة فى المكان وتدخل البوليس الذى اصطحب الشباب وعمر الشريف وأصدقائه للقسم، وفى قسم البوليس حكى عمر الشريف والشهود ما حدث من هؤلاء الشباب، وقال الفنان العالمى: إن الضابط لقن هؤلاء الشباب درسا جعل تأثير الخمر يطير من رؤوسهم، بينما قضى الفنان العالمى ليلة رأس السنة فى هذا العام بقسم البوليس على عكس ما كان يخطط ويتمنى، وظلت هذه ذكرى هذا الاحتفال فى ذهن عمر الشريف يحكيها دائما كلما تحدث عن ذكرياته للاحتفالات برأس السنة.
لم تكن هذه هى المرة الوحيدة التى يدخل فيها النجم العالمى قسم الشرطة، بل إنه دخله مرة أخرى متهما بسرقة سيارة، وهو ما لا يتخيله الكثيرون، ولكنه حدث بالفعل، وحكته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة خلال فترة زواجهما فى عدد نادر من مجلة الكواكب عام 1958.
وقالت فاتن حمامة: ذات ليلة اتصل بى عمر قبل وصوله للمنزل، وطلب منى الاستعداد للخروج لقضاء سهرة، وبالفعل وصل بسيارته وكنت مستعدة للخروج، وانطلقنا وهو يقود السيارة فى شوارع الزمالك.
وتابعت سيدة الشاشة: فجأة أوقفنا عسكرى المرور وهو يصرخ «وقف عندك دوختنا يا مجرم»، وذهل عمر الشريف وهو يسمع كلمات العسكرى وقال له: «فى إيه يا شاويش»، فرد العسكرى قائلا: فى العربية اللى انت سارقها»، وأصر العسكرى أن يصطحب عمر الشريف والسيارة لقسم الشرطة ودخل به للقسم، بينما ظلت فاتن حمامة فى السيارة وإلى جوارها العسكرى الذى خاف أن تهرب بها.
انتظرت عمرالشريف فى القسم لمدة 3 ساعات حتى وصل الضابط النوبتجى، الذى كان يجرى تحقيقات خارج القسم، وما أن رأى الضابط عمر الشريف وعرف ما حدث من العسكرى حتى انطلق يضحك وهو يعتذر للفنان الكبير، مؤكدأ أن هناك سوء تفاهم حدث وخطأ من العسكرى الذى لم يكن يعرفه، وزاد على ذلك حدوث التباس وتشابه فى المعلومات بين بيانات سيارة عمرالشريف وسيارة أخرى تم الإبلاغ عن سرقتها.
خرج عمر الشريف من القسم بعد هذا الموقف الغريب، ليجد فاتن حمامة فى حالة توتر لم تشهدها من قبل، ورغم ما حدث أصر الفنان الكبير على اصطحابها لاستكمال السهرة فى مكان هادئ حتى تنسى هذا الموقف الغريب، وظل هذا الموقف عالقا فى ذاكرة النجمين الكبيرين طوال حياتهما.
المليجى جاسوس مشاغب
أما النجم الكبير محمود المليجى، فكانت أول مرة يكتب فيها اسمه فى الصحف ليس ككونه فنانا، ولكن نشر اسمه ضمن قائمة فى إحدى الجرائد اليومية تحت عنوان «القبض على طلبة مشاغبين». وفى حوار نادر للنجم الكبير، أوضح أن هؤلاء الطلبة المشاغبين كانوا بعض طلبة المدرسة الخديوية، الذين تظاهروا فى إحدى المناسبات السياسية، وألقى القبض عليهم، وذكر الخبر اسم محمود المليجى ضمن هؤلاء الطلبة.
وأشار «المليجى» إلى أنه لم يكن من بين هؤلاء الطلبة، ولكن وكيل المدرسة أملى اسمه على ضابط البوليس ليعتقله بتهمة المشاغبة.
أكد محمود المليجى أنه بعد قراءة اسمه فى الصحيفة، أسرع بالاختباء خوفا من إلقاء القبض عليه، وظل مختبئا حتى عفى وزير المعارف عن الطلبة المقبوض عليهم.
أما المرة التى دخل فيها المليجى قسم الشرطة ولم ينساها طوال حياته، فكانت من المفارقات الصعبة التى حكاها فى عدد نادر من مجلة الكواكب، صدرعام1954، حيث تعرض ذات مرة للاتهام بأنه جاسوس، وتم اصطحابه للشرطة بسبب حبه للتصوير، وقال الفنان الكبير للكواكب: إن هوايته الثانية بعد التمثيل هى التصوير، وأنه لو لم يكن ممثلا كان سيصبح مصورا ناجحا، ولكن هذه الهواية كادت تتسبب فى اتهامه بالجاسوسية.
وأوضح المليجى أنه كان يحرص على تسجيل كل المناسبات، والاحتفاظ بهذه الصور فى العديد من الألبومات، مشيرا إلى أن نشاطه فى التصوير يزداد فى الربيع بتصوير المناظر الجميلة والطبيعية.
وأشار الفنان الكبير إلى أنه فى ربيع عام 1949 كان مشغولا بتصوير أحد الأفلام، وانتهز الفرصة صباح أحد الأيام، واستيقظ مبكرا وارتدى قبعة بيضاء لتحميه من الشمس، واصطحب الكاميرا الخاصة به وذهب للقناطر لتصوير بعض المناظر الجميلة، وفى الطريق شاهد الحقول والفلاحين وحرص على تصويرهم، وكان يتوقف بسيارته كلما وجد مشهدا يستحق التصوير.
أكد «المليجى» أنه كان طوال الرحلة حريصا على أن يتوارى عن عيون الناس حتى لا يعرفونه، ويزدحمون حوله ويفسدون هدفه من الرحلة، ولكن خلال الطريق تعرف عليه عدد من تلاميذ المدارس والتفوا حوله، وطلبوا منه أن يوقع لهم على كراساتهم، فلبى طلباتهم، ولكن ازداد التزاحم حول أحد الكبارى والتف حوله الناس.
وبينما فشل المليجى فى فض هذا الزحام، جرى نحوه أحد الجنود ليعرف سر التزاحم، فوجد «المليجى» وهو يرتدى البرنيطة وفى يده آلة التصوير، فاندفع نحوه وأمسكه بقوة، قائلا: «يا نهارك اسود انت بتصور منطقة محرمة»، وفى هذه اللحظة تذكر «المليجى» أن الكبارى فى أوقات الحرب تعتبر مناطق محرمة، وممنوع تصويرها، وحاول أن يتفاهم مع الجندى ويخبره بأنه أراد تصوير المناظر الطبيعية وأن الأمر بسيط، لكن الجندى نظر إلى القبعة التى يردتديها «المليجى»، وقال: «أنت جاسوس والله ما أنا سايبك»، وحاول الجمهور المتزاحم حول الفنان الكبير أن يفهم الجندى بأنه ممثل مصرى، وليس جاسوسا ولكن الجندى أصر على اصطحابه لقسم البوليس، وما أن دخلا حجرة الضابط حتى تعرف على «المليجى» وفهم الموقف، وأخذ يشرح له طبيعة عمل الشرطة فى هذه الفترات ويعتذر عن تصرف الجندى، وانتهى الموقف بأن شكر «المليجى» الضابط واصطحب الكاميرا الخاصة به وانصرف، بعد أن قرر أن يقاطع هواية التصوير خلال فترات الحرب.
الموجى قاوم الاحتلال فى الترام
أما الموسيقار الكبير محمد الموجى، فكانت له ذكرى حدثت له فى شهر رمضان لم ينسها طوال حياته، وتحدث عنها لمجلة الكواكب فى عدد نادر، صدر عام 1961، وقال الموجى للكواكب: إنه لا ينسى ما حدث له فى رمضان عام 1946، حيث اصطحب زوجته ذات يوم للسينما حفلة الساعة الثالثة، وبعد انتهاء العرض ركبا الترام فى طريق العودة للمنزل بالعباسية.
وتابع «الموجى» قائلا: كان الترام مزدحما جدا بسبب هذه الوجوه الحمراء للجنود الإنجليز، الذين كانوا يلوثون أرض مصر فى هذه الفترة، ووصل بنا الترام إلى ميدان الجيش وفجأة سمعت صراخ زوجتى فى عربة السيدات تقول: الحقنى يا سى محمد، حوش جونى يا سى محمد.
وأشار «الموجى» إلى أنه اندفع مسرعا فى لمح البصر ليصل لزوجته، فإذا بها منزوية تحتمى بركن فى العربة، بينما يمسك أحد الجنود الإنجليز بخناق الكمسارى محاولا انتزاع حقيبة الإيراد منه، وأوضح الموسيقار الكبير: حاولت أن أفرق بين العسكرى الإنجليزى والكمسارى، ولكن العسكرى كان باردا لدرجة «التلامة»، فناضل كثيرا من أجل الحقيبة، وفجأة وجدت عددا آخرا من الجنود الإنجليز يتدخلون لمساعدة زميلهم فى سرقة الحقيبة، وضربنى أحدهم لكمة شديدة أفقدتنى صوابى، فرحت أضربه بكل ما أوتيت من قوة وحقد المواطن المصرى المغلوب على وطنه، وتدخل بقية الركاب المصريين وأشبعنا العساكر الإنجليز ضربا ولكما.
وتابع «الموجى»: «فى وسط المعركة أشرت لزوجتى كى تنزل من الترام وتعود للبيت ففعلت، وبعدها جاء البوليس واقتادنا جميعا إلى القسم، واستمر التحقيق معنا حتى انطلق مدفع الإفطار، ووقتها تشارك كل من فى القسم من المصريين فى الطعام، واستمر التحقيق حتى وقت متأخر من الليل قبل أن يطلقوا سراحنا».
واختتم «الموجى» قصة هذه الواقعة التى حدثت له فى رمضان قائلا: «ورغم مرور سنوات طويلة على هذا الحادث، مازلت أشعر بحلاوة اللقمة التى أكلتها فى القسم وقتها، لأنها كانت ممزوجة بلمة المصريين وفرحة الانتصار على اللصوص الحمر».