سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 فبراير 1258.. الخليفة العباسى «المستعصم بالله» يسلم بغداد للمغول بلا شرط و«هولاكو» يأمر بالقبض عليه والدماء تسيل فى الشوارع أربعين يوما

الجمعة، 10 فبراير 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 فبراير 1258.. الخليفة العباسى «المستعصم بالله» يسلم بغداد للمغول بلا شرط و«هولاكو» يأمر بالقبض عليه والدماء تسيل فى الشوارع أربعين يوما

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خرج الخلفية العباسى «المستعصم بالله» ومعه أبناؤه الثلاثة وأتباعهم إلى معسكر هولاكو قائد جيش التتار، فطلب منه أن ينادى فى الناس بإلقاء السلاح، ففعل، وما لبث أن أمر بالقبض على الخليفة، ثم نادى فى جنوده أن يمدوا الجسور عبر دجلة، وأن يدخلوها من كل جانب، فى 10 فبراير، مثل هذا اليوم، 1258، حسبما يذكر محمد صبيح فى الجزء الأول من كتابه «مواقف حاسمة فى تاريخ القومية العربية»، الصادر عام 1965 
 
يؤكد «صبيح»، أن المستعصم بالله كان رجلا ضعيفا قليل الحيلة، وأسوأ ما كان فى حكم العباسيين بعد خلفائهم الخمسة أو الستة الأوائل، وأقدم على خطوته بالاستسلام لهولاكو فى سياق غزو التتار للمنطقة، ويذكر الدكتور قاسم عبده قاسم فى كتابه «عصر سلاطين المماليك»: «فى فبراير عام 654 كان هولاكو قد دخل بقواته إلى أراضى فارس، حيث قضى على قلاع الشيعة الإسماعيلية وأخذ يمهد للقضاء على الخلافة العباسية، وتشير بعض المصادر العربية إلى أنه أرسل عددا من جواسيسه إلى بغداد، وعقد اتفاقا سريا مع الوزير ابن العلقمى وغيره من الأمراء، والخليفة فى لهو لا يعبأ بشىء».
 
ينقل «قاسم» عن المؤرخ تقى الدين المقريزى، أنه «فى السنة التالية «655 هجرية» قصد هولاكو بغداد وبعث يطلب الضيافة من الخليفة، فكثر الأرجاف ببغداد، وخرج الناس منها إلى الأقطار، ونزل هولاكو تجاه دار الخلافة، وملك ظاهر بغداد، وقتل من الناس عالما كبيرا، ثم جاءت الصدمة العظمى فى العام التالى «656 هجرية- 1258 ميلادية»، عندما تزلزل العالم الإسلامى بسقوط الخلافة العباسية فى أول شهر صفر من هذه السنة، أمر هولاكو بالهجوم العام على بغداد، وفى اليوم الرابع استسلم المستعصم بالله، وسلم عاصمته للغزاة بدون شرط، وبعد التسليم بعشرة أيام، 20 فبراير1258، تم قتل الخليفة وآل بيته، وقتل الناس ببغداد وتمزقوا فى الأقطار، وخرب التتار الجوامع والمساجد والمشاهد، وسفكوا الدماء حتى جرت فى الطرقات، واستمروا على ذلك أربعين يوما».
يذكر «صبيح» أن هولاكو أمر بالتحرك نحو بغداد، وفى حسابه أنها ستكون معركة حقيقية لا نزهة عسكرية، فقد سير إليها جيوشا تحاصرها من الغرب، حتى لا تأتيها نجدة من الشام أو من مصر، وسار هو إليها على نهر دجلة بكتلة جيشه، وعززه بإمدادات من أهل البلاد التى سبق له فتحها، وعسكر بجيشه فى شرق بغداد، وبانت روح الخليفة الحقيقية، فأخذ يبعث بالرسل والهدايا إلى هولاكو، فطلب بدلا منها قواد الجيش مع أسرهم وأعوانهم بحجة أنه سينفيهم إلى الشام، وما إن وصلوا، وكانوا نحو 700 فرد، حتى أمر بقتلهم جميعا.
 
يوضح «صبيح» عنصر الخيانة الذى لعب دوره فى سقوط بغداد، قائلا:  «كان الحصار والحرب قد أجهد أهل بغداد، وكانت الخيانة قد عملت عملها، والخيانة هنا تدور وتنصب حول شخص الوزير العلقمى، وقيل فى موقف هذا الخائن أنه أراد أن يستوثق لنفسه، بعد الهزيمة السريعة التى منيت بها حامية المدينة، فراسل هولاكو سرا على أن يؤمنه على نفسه، وعلى منصبه، ثم ذهب إليه فى بعثات السلام التى كان يرسلها الخليفة إلى قيادة العدو لكى يتأكد من مصيره، وعاد إلى الخليفة يطمئنه على أن هولاكو سيبقيه وأبناؤه أحياء وفى مناصبهم، وأنه يريد أن يزوج ابنته المغولية من ابنه الأكبر».
 
خرج الخليفة ومعه أبناؤه الثلاثة وأتباعهم إلى معسكر المغول، وأمره هولاكو بأن ينادى فى الناس بإلقاء سلاحهم، ففعل، ثم توجه هولاكو إلى قصر الخلافة، وأمر بإحضار الخليفة، وطلب منه أن يفتح خزائنه، وأخرج منها ألفين من الثياب، ونفائس القصر وخزائن الجواهر والمال، وكان للذهب مخبأ فى وسط القصر ودل عليه الخلفية بنفسه، فحفروا المخبأ ووجدوا أكداس الذهب ثم اتجهوا إلى جناح النساء، فانتقوا منهن ما راق فى أعينهم، وبعد ذلك أمر هولاكو بوضع الخليفة وأبنائه فى أجولة، وأمر حرسه بأن يسيروا فوقهم، وزفوا جميعا إلى الموت، ومنهم ولى العهد أبوبكر، وكان يظن أنه سيزف إلى بنت هولاكو، ولما رأى القائد الدموى أنه أخذ غايته من سفك دماء البغداديين، أمر جنده بالكف عن القتل، ونادى فى الناس بالأمان، فخرج الباقون من السراديب، وكان فى بغداد الكثير من الأنفاق الأرضية التى يلجأ إليها السكان فى الصيف».
 
يقدر «صبيح» أن عدد القتلى فى هذه الأيام المشؤومة بلغ نحو مليون نسمة، ويذكر «قاسم»: «وجد المسلمون أنفسهم بدون خليفة للمرة الأولى فى تاريخهم».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة