يعتبر قطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة به أحد أهم الركائز الأساسية فى اقتصاديات الدول فى دعم ملف الامن الغذائى بمحاوره المختلفة نظرًا لأن القطاع المسئول عن توفير الحاجات الأساسية للشعوب وتوفير المواد الخام اللازمة لكثير من الصناعات إضافة إلى مساهمتها الملموسة فى الناتج المحلى كما انه قطاع تشابكى ويعتبر الية مهمة لتوطين التنمية.
وهناك العديد من التغيرات التى يشهدها العالم وتؤكد بما لا يدع مجال للشك أهمية قطاع الزراعة فى تحقيق الأمن الغذائى للأمم والشعوب وأنه لا يقل اهمية عن الصناعة وأن جميع الملفات لابد أن يسير العمل فيها جنبا إلى جنب لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية خلال الفترة المقبلة وفى مقدمتها القمح والذرة لضمان توفير الأعلاف ومن ثم ضمان عدم رفع أسعار منتجات اللحوم والدواجن.
وتعمل الحكومة على تحقيق زيادة الإنتاج المحلى من كل المحاصيل الزراعية وحماية الكثير من الصناعات المحلية فى ظل الظروف الراهنة محلياً وعالمياً وما ترتب عليها من تقلبات فى أسعار المحاصيل الزراعية وخاصة محصول الذرة المكون الرئيسى للاعلاف كما تسعى الدولة إلى تحقيق مصلحة الطرفين المزارعين ومنتجى الدواجن.
ومنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم وأعطى قطاع الزراعة اهتمام كبير وهو ما أحدث طفرة غير مسبوقة لأن ملف الامن الغذائى واحداً من أكبر التحديات التى تواجه الدول المتقدمة والنامية على حد السواء، ولم تعد مشكلة العجز الغذائى مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومى والإقليمى لدرجة أصبح الغذاء سلاحاً تضغط به الدول المنتجة والمصدرة على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
وهناك العديد من المبادرات بالإضافة إلى توجيهات القيادة السياسية الغرض منها فى المقام الأول دعم الفلاح بصورة مباشرة وتذليل أية عقبات قد تواجهه، إضافة لدعم قطاع الزراعة لما يمثله من أهمية فى تحقيق الأمن الغذائى، ومن ثم أوصت بضرورة التوسع فى الزراعات التعاقدية خلال الفترة المقبلة مع الجهود المبذولة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية.
وهناك مركز زراعى متخصص، لدية هئية تحكيم مستقلة، ويقوم بالتنسيق بين الاطراف المتعاملة فى مجال انتاج وتسويق المحاصيل الزراعية، بما يحقق التكامل والترابط بين جميع الجهات المتعاقدة فى النشاط الزراعى وسائر عمليات التصنيع الزراعى والانشطة المرتبطة بها".
والزراعة التعاقدية هى الإنتاج الزراعى أو الحيوانى والداجنى أو السمكى، الذى يتم استنادا إلى عقد بين المنتج والمشترى يلتزم بموجبه المنتج بالتوريد طبقا للكميات والأصناف والجودة والسعر وغيرها من الشروط التى يتضمنها العقد، وان تسجيل عقود الزراعة التعاقدية متى طلب أى من الطرفين ذلك، إضافة إلى التوعية والإرشاد والترويج للزراعات التعاقدية، مع وضع نماذج استرشادية للعقود المشار إليها.
وتعد الزراعة التعاقدية هى أحد أهم آليات تحقيق أهداف التنمية الزراعية وإنفاذها على أرض الواقع من خلال التوفيق ما بين المصالح المتضاربة وكسر حلقات الاحتكار داخل المسلك التسويقى وتصحيح مسارها وإزالة التشوهات الجارية لكل من سعر المزرعة وعائد الوسيط وسعر المستهلك، وهى آلية هامة للحد من معاناة المزارعين، خصوصاً فى مجالات التسويق، وتطوير نظم الإنتاج، وجذب الإستثمار للقطاع الزراعى، كما أنها آلية رئيسية فى تجميع صغار المنتجين الزراعيين باعتبارهم أحد المحركات الأساسية للنمو والتنمية الزراعية بالإضافة إلى ذلك أصبح الاهتمام بصغار الزراع ضرورة ملحة للنهوض بالقطاع الزراعى، باعتبارهم العصب الأساسى لتحقيق التنمية الزراعية.
وكان من الضرورى إدخال ونشر الزراعات التعاقدية فى الزراعة المصرية بصفة عامة والمناطق المستصلحة بصفة خاصة لعدة اعتبارات، من أهمها أن معظم مزارعى المناطق المستصلحة من صغار المنتجين وذوى الحيازات الصغيرة يعانون من مشكلات إنتاجية وتسويقية، وكذلك زيادة مشاركة صغار المنتجين فى تحقيق أهداف الدولة الخاصة بالتصدير وتنمية وعيهم بأهمية العمل الجماعى، وتعتبر سياسات الزراعات التعاقدية من السياسات المهمة والضرورية لإحداث تنمية زراعية مستدامة، كما هو الحال فى الدول المتقدمة ويتطلب الأمر العمل على وضع خطط استراتيجية لكافة المحاصيل المهمة والمحاصيل الزيتية، وبوجه خاص للحد من تقليل الاستيراد والعمل على الاكتفاء الذاتى.
ويقوم قانون الزراعة التعاقدية، على تعاقد المزارع على بيع محصوله قبل أن يبدأ فى زراعته، وأن القانون ينشئ ما يسمى "مركز تسجيل وتحكيم العقود الزراعية"، ومن ثم يقوم المركز بتسجيل العقود المبُرمة بين المزارعين وبين التجار الراغبين فى الحصول على المحصول، ويتم ختم العقد، ثم التأمين على العقد فى أى شركة تأمين، وهذا على غرار نظام تسجيل الصادرات المعمول به فى مصر، ما يزيد من استثمارات شركات التأمين، ويضمن للمزارعين والجميع حقوقهم.
كما تزيد من فرص نجاح تحسين أسعار المزارعين عندما يكون التطبيق من خلال تجمعات زراعية فعالة مثل الجمعيات الزراعية، وتحمى حقوق المنتجين والمزارعين من تلاعب بعض المسوقين للمنتج، وتتيح حصول المنتج أو المزارع على دفعات نقدية خلال فترة الزراعة وتتيح التسويق الملائم فى جميع الاسواق، من خلال عناصر البنية التسويقة المتعددة منها المخازن المبردة، ومحطات الفرز والتعبئة فى صورة عمل جماعى مركزى مما يحقق وفرة فى اقتصاديات تشغيل هذه التسهيلات مع إمكانية اقامة مناطق زراعية متخصصة تساعد على نجاح الحد من انتشار الأمراض والاوبئة الزراعية وتفيد المصدرين فى عدة جوانب منها إتاحة التعاقد المسبق لتصدير كميات محددة من المنتجات الزراعية مما يساعدهم على الاستفادة من الفرص التسويقية المناسبة للأسواق الخارجية.
كما تفيد المصنعين، حيث ستعمل على زيادة معدلات التشغيل فى وحدات التصنيع، مما يساعد على تقليل سلبيات الطاقات العاطلة ويقلل تكلفات الإنتاج مما يساعد فى زيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصنعة وبالنسبة للمنتجين توفر الضمانات التسويقية والمستقرة وإتاحة الفرصة لاستخدام تقنيات زراعية لزيادة الإنتاجية، كما تتيح مصادر تمويلية إضافية لصغار المزارعين حيث يمكن استخدام العقود كضمانات للقروض وتمكن المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من الحصول على الضمانات الائتمانية من قبل القطاع المصرفى بضمان عقود الزراعة التعاقدية.
وتتضمن إنشاء مناطق زراعية متخصصة مما يرفع كفاءة التسويق ويخفض من تكاليف الإنتاج ويحد من انتشار الأمراض والأوبئة الزراعية وتنمية مهارات المزارع وخبراته فى تطبيق الممارسات المزرعية الجيدة واستخدام التقانات الحديثة فى الزراعة وتعزيز منظمة سلاسل القيمة وبالتالى مد الأسواق المحلية والأجنبية بمنتجات آمنة وعالية الجودة وانخفاض التكاليف الإنتاجية وزيادة الإنتاج وتوافر فرص التشغيل إضافة إلى التحكم فى نوعية السلع وجودتها وتحد من المخاطر وعدم اليقين بالإضافة إلى زيادة دخول المزارعين مقارنة بالزراعة غير التعاقدية.
وهناك اثار اجتماعية للزراعات التعاقدية منها نشر الوعى الثقافى بين المزارعين بالانواع المناسبة من البذور المعززة للإنتاجية وارشاد المزارعين بمواصفات الجودة للمنتجات الزراعية والمساهمة فى ترشيد استخدام الأسمدة والمبيدات نظراً لما تتضمنه العقود من مواصفات للإنتاج الزراعى متضمنة نسب الأسمدة والمبيدات وضمان توفير الإنتاج الزراعى للشركات المتعاقدة فى المواعيد المناسبة وبما يضمن عدم تعرض هذه الشركات لاى مشاكل فى الحصول على المنتجات الزراعية فى الوقت المناسب ورفع مستوى جودة المنتجات الزراعية وهو ما ينعكس على زيادة رفاهية المستهلكين.
وهناك اثار قتصادية للزراعة التعاقدية منها ضمان حصول المزارعين على عائد مجزى من بيع منتجاتهم الزراعية والمساهمة فى زيادة الإنتاجية الفدانية وهو ما ينعكس فى وصورة زيادة الدخل الزراعى وتقليل الفاقد الزراعى إلى اقل قدر ممكن وهو الامر الذى ينعكس فى صورة زيادة قيمة الإنتاج الزراعى كذلك تقليل نشاط الوسطاء وتقليل الهوامش التسويقية وتقليل التداول للمنتجات الزراعية وهو ما ينعكس فى صورة خفض فى التكاليف التسويقية من ناحية وتقليل الفاقد التسويقى من ناحية أخرى وضمان حصول القطاع الخاص على المنتجات الزراعية بأسعار عادلة ومناسبة وزيادة معدلات التصدير وهو ما ينعكس على زيادة حصيلة الدولة من العملات الأجنبية وتقليل العجز فى الميزان الزراعى وتشجيع زيادة الإنتاج الزراعى وهو ما يساهم فى تقليل حجم الواردات الزراعية ومن ثم المساهمة فى تقليل العجز فى الميزان الزراعى وزيادة الاستثمار فى القطاع الزراعى وضمان الحصول على اكبر انتاج ممكن من نفس الموارد الأرضية والمائية المتاحة وهو الامر الذى ينعكس فى صورة زيادة إنتاجية وحدة الأرض والمياه.
وتنفذ الدولة الزراعة التعاقدية فى عدد من الأصناف وأهمها القمح، ووضعت له الدولة سعر 1250 جنيه للأردب، وهى خطوة جادة لتشجيع الفلاحين على زيادة زراعة المحاصيل.
ومعظم المحاصيل والخضر فيها اكتفاء ذاتى ونصدر ما يزيد، ولا نطبق فيها الزراعة التعاقدية، ولكن مثلا القطن محصول مهم والدولة تضع له ضمان استرشادى لتشجيع المزارعين لزراعة الأقطان.