تمرد الأدباء والمثقفين على الاتحاد السوفيتى كان سببا فى حصولهم على جائزة نوبل فى الأدب، ربما الجملة سالفة الذكر غريبة بعض الشىء فما علاقة الجائزة التى تعطى فى الأساس على مجمل الأعمال الأدبية والناتج الإبداعى بالخلافات السياسية، التى قد تنشأ بين مواطن روسي ووطنه الأم، لكن في الحقيقة هناك عدة أمثلة اثبتت أن تمرد مبدعى الاتحاد السوفيتى على السلطات هناك جعلت منهم فائزين بجائزة نوبل.
بوريس باسترناك
واحد من الأدباء الرووس الذين ربما نالو جائزة نوبل في الأدب بسبب خلافه مع الاتحاد السوفيتى، كان الأديب الروسي الشهير بوريس باسترناك، خاصة بعد شهرة "الدكتور جيفاجو"، التى تكونت فكرتها بداخله خلال الحرب العالمية الأولى، عندما مل فى مختبر للكيميائيات فى الأورال، وهى التجربة التى ساعدته على جمع مادة أولية خصبة للرواية، وعندما استقر هو وزوجته فى قرية صغيرة ضمت مجموعة من الكتاب والمثقفين، وكتب روايته والتى كانت انتقاد شديد للنظام الشيوعى، ولهذا وجد باسترناك صعوبة في إيجاد ناشر لنشرها، مما اضطر للهرب إلى إيطاليا، وبالفعل نشرت في عام 1957م، محققة نجاحًا كبيرًا في الغرب، ولكنها انتقد الكثر فى الاتحاد السوفينتى الرواية رغم عدم الإطلاع على الرواية.
وبعد عام من نشر الرواية أى فى عام 1958م، منح باسترناك جائزة نوبل للآداب، لكنه رفضها رغم سعادته التي عبر عنها في خطاب أرسله للأكاديمية السويدية، وذلك نظرًا لانتقاد الكبير الذى تعرض له من قبل الاتحاد السوفيتى، وتحولت روابته إلى فيلم سينمائى في 1965م، أى بعد رحيله بخمس سنوات، بطولة الفنان الكبير عمر الشريف، وحصد الفيلم 5 جوائز أوسكار، ونشرت الرواية في التحاد السوفيتى بعد رحيله بـ 27 عاما، أى فى عام 1987م.
ألكسندر سولجنيتسين
أثار سولجنيتسين غضب السلطات السوفيتية بسبب ما جاء في روايتيه "أرخبيل جولاج" و"يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش"، التي لم تتردد خلال منتصف السبعينيات في تصنيفه كخائن ومذنب ليطرد بذلك هذا الأديب من بلده ويجبر على المكوث لعقود طويلة بالمنفى، وقد نقد "سولجنيتسين" من خلال روايته نظام معسكرات العمل القسري السوفيتية ومعاناة المعتقلين داخلها.
ولقد أثار هذا الكتاب غضب المسئولين السوفيت الذين لم يترددوا عام 1974 في سحب الجنسية من سولجنيتسين وطرده من البلاد ليجبر بذلك الأخير على الرحيل نحو ألمانيا الغربية قبل أن يهاجر فيما بعد للولايات المتحدة الأمريكية، وقد ظل سولجنيتسين منفيا خارج بلاده لنحو 20 عاما حيث لم يتمكن هذا الأديب الروسي من العودة لوطنه سوى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وعلى الرغم من ذلك إلا أنه حصل على أعرق جائزة فى العالم وهى جائزة نوبل فى الأدب فى عام 1970م بفضل موقفه السياسى ومجهداته الأدبية التي نقدت الجولاج بالاتحاد السوفيتي، كتكريم له على مؤلفاته التي وصف من خلالها أهوال مراكز العمل القسري السوفيتية، أثناء فترة حكم جوزيف ستالين، وأصبح ذا شهرة عالمية واسعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة