تعمل الدولة المصرية من خلال وضع الخطط والاستراتيجيات وإطلاق المبادرات على ضمان حقوق المواطنين وخاصة الفئات الأولى بالرعاية في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، وتكوين بوتقة واحدة تضم حقوق كافة فئات المجتمع من مرأة وطفل وشباب وكبار سن وذوي همم وغيرهم؛ لأن بناء الجمهورية الجديدة يستند في الأساس إلى النهج التشاركي الذي يعزز التعاون بين القطاع العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن التحالف الوطني ينظم عمله من خلال توحيد جهود مؤسسات المجتمع المدني تحت مظلة واحدة؛ لضمان وصول الدعم لمستحقيه، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا نحو تعزيز حقوق الإنسان وتضافر مؤثر للجهود بما يحد من ازدواجية المعايير، وتداخل المهام. ويقترح في هذا الإطار أن يعمل التحالف على توسيع نطاق مبادراته لتشمل قطاعات إضافية، فضلًا عن تطوير الهيكل الإداري للتحالف الوطني ليشتمل على لجان تكون فيها كل لجنة مسؤولة عن ملف ما، إلى جانب أن يكون للتحالف مقرات في المحافظات لتسهيل عمله داخلها، وكشفت الدراسة عن جهود التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ومدى جدواها على أرض الواقع
حقوق المرأة وضمان المساواة والتمكين الاقتصادي:
يأتي ملف تعزيز حقوق المرأة ترجمة حقيقة وواقعية لإيمان الدولة المصرية بدور المرأة الرئيس والأساسي في المجتمع، فمصر من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقية القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة في سبتمبر 1981، إضافة إلى التزامها الكامل بالميثاق الأفريقي لحقوق الانسان والشعوب 1981، وأيضًا بروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا 2003، إلى جانب المادة 11 من الدستور والتي تنص على أن “الدولة تكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل…..”، هذا وتأتى مبادرات التحالف الوطني لتعزيز ودعم المرأة استجابة حقيقية للمحور الثالث من محاور عمل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (حقوق المرأة والطفل و…).
وقام التحالف بتدشين مقر لتقديم الخدمات وجمع التبرعات وذلك في يونيو 2022، وعمل على تنظيم حملات للكشف المبكر عن سرطان الثدي وإجراء عدد من الجراحات كلها بالمجان، بالإضافة إلى ندوات نشر الوعى، وإطلاق حملة بعنوان “نسمعك ندعمك” وتمثل هدفها في تقديم الدعم النفسي للسيدات اللاتي يتعرضن لأزمات نفسية؛ في محاولة لتغيير ثقافة المجتمع نحو وصمة المشكلات النفسية، مع مراعاة كل وسائل الاحترام والتأمين، إلى جانب دعم التحالف لبروتوكل مشروع تغذية المرأة المعيلة لتوفير الغذاء الصحي المتوازن، وأيضًا إطلاق برامج توعوية من خلال عقد جلسات وندوات للمرأة المعيلة.
وتتسم كافة المبادرات التي يقوم بها التحالف لدعم وتمكين المرأة بالاختلاف والتميز؛ فلقد اعتمدت على قاعدة بيانات حقيقية وفرتها منظمات المجتمع المدني العضو بالتحالف، فمن المرات القليلة التي نلحظ فيها صب الاهتمام بصورة مباشرة للمرأة المعيلة والنساء ذوى الهمم، إضافة إلى دعم الجانب النفسي للمرأة من خلال مبادرة “نسمعك ندعمك” والتي تعد من أهم المبادرات التي تدعم وتعزز صحة المرأة وذلك نظرًا لما تعانيه السيدات في واقعها اليومي من أزمات وضغوط نفسية، فلقد أكد المجلس القومي للمرأة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2021 أن 5 ملايين و600 ألف سيدة تتعرضن للعنف بكافة أنواعه؛ فهذه المبادرات خطوة حقيقية لتقليل العنف الموجه للسيدات ودعم وتعزيز مكانتها في المجتمع بوصفها شريكًا أساسيًا في العملية التنموية التي تقودها الدولة.
حقوق ذوي الهمم:
إن العمل على ضمان حقوق ذوى الهمم هو جزء من خطة عمل الدولة التي تهدف إلى تعزيز ودعم حقوق الفئات الخاصة كفاعل أساسي ورئيس في المجتمع، فمصر صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة في 2007، إضافة إلى دستور 2014 والذى تضمن اهتمامًا كبيرًا بالأشخاص ذوي الإعاقة، وتخصيص عام 2018 عامًا للأشخاص ذوي الإعاقة والذى جاء تأكيدًا علي محورية تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع وأحقيتهم في كافة الحقوق والواجبات دون أدني تمييز بسبب الإعاقة، إضافة إلى الاستراتيجية الوطنية والتي تتضمن في محور عملها الثالث حقوق ذوي الهمم، فجاءت كافة المبادرات التي نفذها التحالف التي استهدفت ذوي الهمم ترجمة حقيقة لإطار العمل الذي وضعته مصر لنفسها في هذا الشأن.
وأوضحت الدراسة، أنه تخطى الأمر مجرد إرسال المساعدات العينية أو إجراء الكشوفات الطبية لذوي الهمم، فجاءت المبادرات التي تم تنفيذها من خلال التحالف الوطني مميزة ومختلفة وركزت بالأساس على تمكين هذه الفئة اقتصاديًا من خلال توفير مصادر دخل حقيقية ومستدامة تضمن خروج هذه الفئة من النمط الاستهلاكي حتى يصبحوا فئة منتجة، وبالتالي فعملية التمكين الاقتصادي جاءت بناءً على رغبة حقيقية في تغيير الأوضاع القديمة القائمة لذوي الهمم والاعتماد عليهم كعنصر أساسي في عملية التنمية الحالية.
وتابعت الدراسة: "ذلك إضافة إلى تنظيم الندوات والفاعليات لرفع الوعي لذوي الهمم حتى يستطيعوا مناقشة الموضوعات الخاصة بهم من أجل إعطائهم الحرية الكاملة في التعبير عن متطلباتهم ورغباتهم وعدم التمييز بسبب الإعاقة أو نوعها أو حتى جنس الشخص ذي الإعاقة، وجدير بالذكر أن الفعاليات التي نظمها التحالف تضمنت ذوي الهمم وأسرهم وذلك لضمان احتوائهم في بيئاتهم التي يعيشون فيها حتى تكون بيئة سليمة وعامل محفز لهم".
الحق في التمتع بأعلى مستوى للصحة يمكن بلوغه:
وأكدت: لقد جاءت الخطوات التي قام بها التحالف الوطني في مجال الصحة والخدمات الاجتماعية حقيقية وضمنت وصول الخدمات الطبية لمستحقيها؛ فانطلاقًا من تصديق مصر على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذى تقتضى المادة 12 منه بأن “لكل مواطن الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته ويشمل هذا المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية”، إضافة إلى المادة 18 من الدستور المصري والتي تنص على “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة….”، إضافة إلى محور العمل الثاني من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن ضمنها حق المواطن في الصحة.
وأضافت أنه قام التحالف الوطني بتنفيذ ورش لتدريب الأطباء المصريين من مختلف جامعات مصر على أيدي خبراء أجانب، وتنظيم بروتوكولات للتعاون بين العديد من المستشفيات والجامعات المصرية وعدد من الدول المحيطة العربية والأفريقية في مجال نقل الخبرة الطبية والتعاون في مجال رفع الكفاءة الطبية، إضافة إلى انتشار القوافل الطبية التي تقدم الاستشارات الطبية وتصرف الأدوية اللازمة للمواطنين الأكثر احتياجًا، إلى جانب مبادرات خاصة بعلاج أمراض العيون وتقديم اللازم للمرضي، وأيضًا قيام عدد من المستشفيات لعلاج الأورام السرطانية، ومبادرة رفع كفاءة المستشفيات الحكومية في عدد من المحافظات، وحملات تأهيل المنازل وسكن كريم لرفع كفاءة المنازل، إضافة إلى حملات كساء الملابس بالتوازي مع موسم الشتاء لمواجهة البرد، وتقديم الدعم الشهري لعدد كبير من الأسر الأكثر احتياجًا بصورة منتظمة، وأيضًا التأمين الغذائي في عدد من المحافظات وتقديم الوجبات الغذائية للمواطنين، هذا إلى جانب تحقيق الأمن الغذائي على مدى أطول من خلال استزراع عدد من الأراضي الزراعية للمحاصيل الاستراتيجية المهمة من خلال مبادرة “ازرع” في نوفمبر 2022.
فلقد جاءت خطة عمل التحالف الوطني في مجال الصحة مميزة ومختلفة وحاولت التقليل من التحديات التي تواجه دعم حقوق الإنسان في الصحة كما ورد بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فلقد سعى التحالف إلى تغطية الخدمات الطبية لقطاع أكبر من المناطق الأشد احتياجًا، والعمل على رفع جودة المرافق والخدمات الطبية، ومحاولة تعزيز الوعى العام بالصحة النفسية وتدعيم المشاركة المجتمعية.
حق الإنسان في الحصول على التعليم:
يعمل التحالف الوطني على ضمان حق المواطن في الحصول على التعليم وذلك في ظل الظروف الحالية وفقًا للمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من المواثيق الدولية والإقليمية التي تضمن حقوق المواطن في الحصول على التعليم، وأيضا وفقًا للمادة 19 من الدستور المصري تلتزم الدولة المصرية بأن تكفل الحق في التعليم لكل مواطن والذى يعد إلزاميا حتى المرحلة الثانوية.
وكفلت الدولة مجانية التعليم بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، إضافة إلى محور العمل الثاني من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تتضمن الحق في التعليم والتي تواجهه بعض التحديات التي عمل التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي على تقليلها والقضاء عليها من خلال تعزيز البنية التحتية والتكنولوجية في عدد كبير من المدارس، وإطلاق المبادرات التي تهدف للقضاء على الأمية وغيرها، وتوفير المستلزمات المدرسية مجانًا لعدد من الأسر الأكثر احتياجًا لضمان بقائهم في المراحل التعليمية وتقليل نسب التسرب من التعليم.
في مجال تمكين الشباب:
يضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حقوقًا لتمكين الشباب، إضافة إلى التزام الدولة بموجب الدستور المادة 82 برعاية الشباب والنشء، وتعمل علي اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية، وتضمن محور العمل الثاني من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حقوق الشباب، ولذلك، عمل التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي على مواجهة التحديات التي تواجه مصر في هذا الملف، من خلال تعزيز المشاركة السياسية والمجتمعية للشباب.
وقام التحالف بتنظيم عدد من الحلقات النقاشية للشباب مع المسؤولين في الحوار الوطني؛ لسماع الرؤى ووجهات النظر الخاصة بالسياسات العامة في الدولة، إلى جانب تنظيم عدد من الندوات التثقيفية لفتح الآفاق والموضوعات وتعزيز الفكر لدى الشباب، ويستثمر التحالف الوطني في الشباب والنشء المصري من خلال تعزيز ثقافة التطوع لغرس القيم في النشء، واحتواء كافة طاقاتهم في مكانها الصحيح، والاستماع لآرائهم ووجهات نظرهم ومقترحاتهم؛ في محاولة لتعزيز الثقة في وطنهم، وتجنب تحول هذه الطاقات في مكان غير صحيح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة