شاهد العالم على مدار عدة أيام، حجم المشاهد الصعبة في كل من تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمر الذى ضرب البلدين فجر الإثنين 6 فبراير الجارى، ولعل تأخر استجابة المجتمع الدولى لاستغاثات السوريين كانت سببا كبيرا في تفاقم المعاناة، تلك المعاناة التي كشفت حجمها مؤسسات إغاثة دولية، في ظل انهيارا لبنية التحتية في سوريا بفعل الحرب الدائرة منذ أكثر من 10 سنوات.
لم يكن ينتظر السوريون كارثة أخرى، بجانب كارثة الحرب، لتزيد من حجم الأوجاع، وتفاقم أزمة المشردين، فى دولة أصبح حلم شعبها أن يعيش في استقرار وآمان فقط، وأن يجد قوت يومه، ليجد بعض الأهالى في عدة مدن سورية بين ليلة وضحاها يعيشون بلا مأوى، فيصبحون بين مطرقة الحرب وسندان الزلزال، وهو ما يزيد من أهمية التساؤل الذى نطرحه الآن ما الذى تحتاجه سوريا لتجاوز أزمة الزلزال؟ وكيف تتخطى أزمة تأخر استجابة المجتمع الدولى للنداءات؟ تلك النداءات التي كشفت عبر بيانات مؤسسات أممية حجم المعاناة التى يعيشها السوريين الآن بعد زلزال اعتبرته منظمة الصحة العالمية أكبر كارثة طبيعية خلال قرن ضمن منطقتها الأوروبية.
نداءات جوتيريش
جوتيريش
على سبيل المثال وليس الحصر، فقد دخلت الثلاثاء الماضى – أي بعد أكثر من أسبوع على وقوع الزلزال - أول قافلة مساعدات من الأمم المتحدة لسوريا عبر معبر باب السلامة الحدودي بين تركيا ومناطق شمال سوريا، وذلك في الوقت الذى أطلق فيه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش نداء إنسانيًا بقيمة 397 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الزلزال في سوريا، وذلك من أجل تغطية الاحتياجات الإنسانية لمدة 3 أشهر.
الأمين العام للأمم المتحدة كشف عن حجم الفاجعة التي يعيشها السوريين قائلا في تصريحاته لصحفيين إنه جارٍ تأمين الإغاثة المنقذة للحياة، بما في ذلك المأوى والرعاية الصحية والغذاء والحماية، لنحو 5 ملايين سورى خاصة أن الاحتياجات هائلة، والملايين يكافحون للبقاء على قيد الحياة بعد أكثر من أسبوع من الزلازل المدمرة، وهم مشردون يعيشون في درجات حرارة متجمدة.
زلزال سوريا
تأخر الاستجابة الدولية لاستغاثات للسوريين كشفها أيضا أنطونيو جوتيريش قائلا إن المساعدات المنقذة للحياة لم تصل بالسرعة والنطاق الضروريين، والكارثة واحدة من أكبر الكوارث في الذاكرة الحديثة، كما دعا المجتمع الدولي بالمساعدة لمواجهة المعاناة الإنسانية الناجمة عن هذه الكارثة الطبيعية الهائلة، فهناك العديد من القوافل تنطلق عبر معابر سوريا الثلاث المصرح بها، وانطلقت أول قافلة تضم 11 شاحنة، عبر باب السلام الذي تم فتحه.
منظمة الصحة العالمية أيضا كشفت هول الكارثة، وذلك على لسان مدير الفرع الأوروبي في منظمة الصحة العالمية هانس كلوغه ، الذى قال، خلال مؤتمرا صحفيا، إننا نشهد أكبر كارثة طبيعية في منطقة الفرع الأوروبي من منظمة الصحة العالمية خلال قرن وما زلنا نقيم حجمها حتى الآن.
استغاثات اليونيسف
منظمة اليونيسيف، أوضحت حجم معاناة الأطفال السوريين من أزمة الزلزال قائلة عبر موقعها الرسمي، إن آلاف الأطفال والأسر عرضة للخطر بعد زلزالين مدمرين وعشرات الهزات الارتدادية التي ضربت جنوب شرق تركيا وسوريا يوم 6 فبراير 2023، حيث يظل العدد الإجمالي للأطفال المتأثرين غير واضح، إلا أن ثمة أكثر من 2.5 مليون طفل متأثرين في سوريا، وتم تدمير آلاف المنازل، مما أدى إلى تشريد أسر كثيرة وتعريضها للعوامل الجوية في وقت من العام تنخفض فيه درجات الحرارة عادة إلى ما دون درجة التجمد وتكثر فيه الثلوج والبرد، كما تعرضت عشرات المدارس والمستشفيات والمرافق الطبية والتعليمية الأخرى للضرر أو التدمير الكامل بسبب الزلزالين، مما أثر بشكل كبير على الأطفال.
جهود اليونيسف فى سوريا
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، السيدة كاثرين راسل، عبر الموقع الرسمي للمنظمة، إنه يجب أن نبذل كل ما في وسعنا لضمان حصول جميع الناجين من هذه الكارثة على الدعم المنقذ للأرواح، بما في ذلك المياه المأمونة، وخدمات الصرف الصحي، والتغذية والإمدادات الطبية الحاسمة الأهمية، وتقديم الدعم للصحة العقلية للأطفال، وليس خلال الفترة الحالية فقط وإنما على المدى البعيد أيضا، خاصة أنه لم يتأكد عدد الأطفال الذين قتلوا وأصيبوا أثناء الزلازل وفي أعقابها حتى الآن، ولكن من المرجح أن يصل العدد إلى عدة آلاف.
كما تكشف منظمة اليونيسف الكثير من أوجاع الأطفال بعد الزلزال قائلة :"لقد كان تأثير الزلازل على الأطفال والأسر في المنطقة كارثياً، إذ تركت مئات الآلاف من الناس في أوضاع بائسة، وقد خسرت أسر عديدة منازلها وتعيش الآن في مراكز إيواء مؤقتة، وغالبا في ظروف من البرد الشديد حيث يضيف هطول الثلوج والأمطار على معاناتهم، وتسببت الزلازل أيضاً بأضرار واسعة النطاق للمدارس وغيرها من الهياكل الأساسية الحيوية، مما يزيد الخطر على عافية الأطفال والأسر، وتمثل إمكانية الحصول على المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي شاغلاً رئيسياً أيضاً، إضافة إلى الاحتياجات الصحية للسكان المتأثرين، واليونيسف تعمل على مدار الساعة لتوفير المساعدة المنقذة للأرواح للناس المتأثرين بالزلازل، وظلت أفرقة اليونيسف المتواجدة في الميدان تعمل مع الشركاء لتوزيع الإمدادات الأساسية من قبيل الإمدادات الصحية الحيوية، والبطانيات، والملابس، ومياه الشرب المأمونة، ومستلزمات الصرف الصحي، إضافة إلى مواصلة توفير أماكن آمنة للأطفال ليلعبوا وليتعافوا من الأحداث الصادمة التي شهدوها".
بيان اليونيسف
هنا يأتي الحديث عن حجم المساعدات المطلوبة للسوريين بعد الزلزال من خلال بيان اليونيسف والتي قالت :" في سوريا، تعمل اليونيسف على توفير مساعدات اشتدت الحاجة إليها للسكان المتأثرين بالزلازل، وقد جهزت المنظمة إمدادات في شمال غرب سوريا وبدأت في توزيعها على أكبر عدد ممكن من الناس، ومن بين الأولويات الفورية توفير إمكانية الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الضرورية لمنع انتشار الأمراض في الأيام الأولى من الأزمة، وتعكف اليونيسف على تقييم تأثير الزلازل على محطات المياه الرئيسية وتعمل على توفير مياه الشرب للمهجرين، وأرسلت فرق متنقلة لتقديم الخدمات والإمدادات الصحية والغذائية للمحتاجين إليها، بما في ذلك الناس الذين لجأوا إلى مراكز الإيواء المؤقتة".
برنامج الغذاء العالمى يوضح حجم الأزمة بسوريا
وفى نفس السياق يتحدث برنامج الغذاء العالمى، عن حجم المساعدات المطلوبة لسوريا لمواجهة آثار الزلزال، فعبر موقعه الرسمي على الإنترنت، تقول المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي، كورين فلايشر: قلوبنا مع الأسر والمجتمعات المحلية التي ضربتها موجة الزلازل، ويعمل برنامج الأغذية العالمي في المنطقة منذ سنوات عديدة، والفرق التابعة له محتشدة ومتأهبة للانضمام إلى الشركاء على الخطوط الأمامية للاستجابة حسب الحاجة وعند الطلب، فقد تسببت موجة الزلازل في تدمير المنطقة المنهكة بالفعل جراء النزاع السوري".
بيان برنامج الغذاء العالمى
وتضيف المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي، إنه في سوريا، فقد أدت موجة الزلازل إلى تدمير المناطق التي تعرضت بالفعل لأضرار جسيمة على مدار اثني عشر عامًا من النزاع. وفي شمال غرب سوريا، يعتمد 90% من السكان البالغ عددهم 4.4 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية بما فيهم 8.2 مليون نازح يعيشون في المخيمات أو المواقع الأخرى لعدم وجود خيارات أفضل. يوفر البرنامج المساعدات الغذائية لـ4.1 مليون شخص في لشمال غربي سوريا من بين إجمالي 6.5 مليون شخص ممن يتلقون المساعدات الغذائية من برنامج الأغذية العالمي في جميع أنحاء سوريا.
وناشد برنامج الغذاء العالمي، المجتمع الدولي بتوفير 50 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الغذائية العاجلة في تركيا وسوريا، إذ تمكن البرنامج من الوصول إلى 300 ألف شخص بالمساعدات الغذائية التي تمس الحاجة إليها، وقال إنه يخطط لتوسيع عملياته بشكل كبير للوصول إلى 900 ألف شخص إذا توفر التمويل، موضحا أن ملايين السوريين يعتمدون على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود بالقرب من مركز الزلازل، وذلك بموجب قرار من مجلس الأمن، فيما معلنا أنه أرسل شحنة من الإمدادات الغذائية عبر الحدود، إلى شمال غرب سوريا، حيث زادت الزلازل من تعقيد الأزمة الإنسانية الحادة.
سورى يكشف حجم الدمار في بلاده بعد الزلزال
للوقوف أكثر على حجم الدمار في سوريا بفعل الزلزال، تواصلنا مع سليمان منصور صحفى سورى من اللاذقية – أحد المدن التي ضربها الزلزال – والذى قال في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من سوريا، إن الضرر الأكبر في المدينة وقع في المباني الحديثة وليست القديمة، رغم أن الجميع كان يتوقع سيثر أكثر على الأبنية القديمة ولكن الضرر الكبير فى الأبنية المشيدة حديثة، متابعا :"أنا كنت من سكان الأبنية الحديثة وكنت أسكن فى الطابق الرابع من مبنى مكون من 6 طوابق، وأنا مراسل ميدانى فى الحرب السورية منذ بدايتها والموت كان قريب منى اكثر من مرة خلال تغطية للحرب السورية وإننا فى الميدان يتم إنقاذك وتجد سبيل تنجى بحياتك ولكن الكوارث الطبيعية غير ذلك ونسمع الأحاديث الدينية تتحدث عن سكرة الموت وعندما تعايش لحظات الزلزال والكارثة تشاهد سكرة الموت ، فعشنا 60 ثانية كانت الأصعب فى حياتى وشريط حياتى مر أمام عينى والمبنى كان يتأرجح كالأرجوحة أمام عينى".
الدمار فى سوريا
وكشف سليمان منصور عن أبرز اللحظات الصعبة التي عايشها خلال وقوع الزلزال قائلا :"عندما بدأ الاهتزاز، كان الهم الأول أهلى، فناديت على شقيقاتى اللاتى كانتا متواجدتين وطلب منهم الاحتماء ووالدى كان فى غرفة أخرى ومر حوالى 30 ثانية لم أكمل كلمى حتى شعرت أن صاروخ أصاب البناء والآثاث المنزلى سقط علينا وكسر البناء والجدران، فسقطت خزنتى علي وكانت طوق النجاة والحامى لى من سقوط البناء فوق رأسى، وجلسنا ننتظر المبنى ينهار ولكن لله الحمد لم يسقط بشكل كامل وكان هناك ضرر كبير فى البناء وتم الإخلاء سريعا وفى هذه اللحظة كنت اخر من غادر البناء".
وأضاف :"لم أرغب أن أخرج وأترك جيرانى فى البناء والطابق الذى فوقى كان هناك جيران لديهم أطفال وناديت عليهم للمساعدة والجار حمل ما يمكن حمله ونزلنا مسرعين وعندما وصلنا لأسفل البناء حدثت هزة أرضية كبيرة وكنت على مدخل البناء ورأيت المبنى ينهار، في مشهد لم أراه فى حياتى من قبل، واستشهد 3 عائلات فى هذا المبنى ولم يكن مر على بناءه 3 أشهر، وكان هناك هطول كبير للأمطار وكان لحظة هي الأصعب على سوريا".
وبشأن ما تحتاجه سوريا لمواجهة آثار الزلزال، قال سليمان منصور إن سوريا تحتاج فك الحصار الدولي المفروض عليها، ووحدة وحب السوريين لبعضهم البعض، متابعا :"الوقت حان لأن نضع جانبا كل الأحقاد وكل الحسابات السياسية وغيرها ونتحد جميعا، لأن مصابنا واحد وفاجعتنا واحدة، ونحتاج إلى وقوف كل العرب معنا وتقديم كل الدعم اللازم من أجل إعمار ما هدمته الحرب أولا وإعمار ما هدمه الزلزال ثانيا".
وأوضح أن معظم الأبنية التي سقطت بسبب تهشمها والضرر الذى لحق بها بسبب الحرب، قائلا :"نحتاج أن نكون قلب واحد ويد واحدة لأن المصاب كبير والفاجعة والخسائر كبيرة في الأبنية والبنية التحتية وسوريا اليوم تحتاج إلى مواد أولية وأدوية وحليب الأطفال ومعدات ثقيلة تسهم في إزالة الأنقاض والركام.
وأشار سليمان منصور إلى أن سوريا تحتاج إلى خبراء ليتم إعادة وتأهيل البنية التحتية من شبكات مياه وصرف صحي وكهرباء ولأن خسائر الكهرباء بمليارات، مستطردا :"نحتاج إلى المحروقات والوقود وسوريا مكلومة للأسف ولابد من توجيه الشكر للدول العربية والدول الصديقة واليوم حان الوقت للوقوف مع سوريا، فمن يتأذى هم الشعوب والفقراء وهذا ما أريد أن أوجهه لكل العرب لأن الشعب السوري في أمس الحاجة إليكم أيها العرب ونحن نعلم عن الشعب المصري كرمه ومحبته ونخوته العربية واليوم هذه النخبة يطلبها الشعب السوري، وشكرا للحكومة المصرية على ما قدمته لنا وللشعب المصري وللجمعيات الأهلية المصرية والهلال الأحمر المصري وكل من قدم ولو جنيه واحد ليكن متأكد أنه أسعد طفل هنا في سوريا".
الاستجابة الدولية لاستغاثات السوريين
على نطاق التحرك الدولى لمساعدة السوريين، فأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء الماضى 15 فبراير، عزمها تقديم مساعدات عاجلة لكل من سوريا وتركيا، بقيمة 135 مليون دولار، لمواجهة تداعيات الزلزال المدمر الذي ضربهما خلال الأسبوع الماضي، وأسفر عن وفاة أكثر من 37 ألف شخص.
من هنا أجرينا حوارا مع صامويل وربيرج، المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية، لنتحدث معه حول حجم الدعم الأمريكي لسوريا لتخطى أزمة الزلزال، وما إذا كانت واشنطن ستغير موقفها بشأن تطبيق قانون القيصر على سوريا ليتسنى توصيل المساعدات للسوريين وبدء عمليات إعادة الأعمار بعد الضرر الكبير الذى وقع على السوريين وكان معه الحوار التالى..
المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية صامويل وربيرج
فى البداية.. السوريون وجهوا كثيرا نداءات للمجتمع الدولى لسرعة إرسال مساعدات لسوريا لمواجهة أزمة الزلزال فما هو دور واشنطن في تلك المساعدات؟
الولايات المتحدة كانت من أوائل الدول التي أعلنت عن تضامنها مع المتضررين وتقديم المساعدات الضرورية والعاجلة للشعبين التركي والسوري وقد أعلن الرئيس بايدن عن ذلك فورا بعد الزلزال وقال إن الولايات المتحدة ستقدم كل الدعم اللازم وتحديدا في سوريا عبر المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، طبعاً نقدم المساعدات المطلوبة الآن لهذه الكارثة ولكن كنت نقدم المساعدات لهذه الجهات منذ 12 عاما منذ بداية الحرب في سوريا، بالتالي عندما ضرب الزلزال تركيا وسوريا قمنا فورا بالتواصل مع الجهات المعنية والمنظمات غير الحكومية التي كنا أصلا ندعمهم من قبل لبذل كل الجهود اللازمة لإنقاذ الأرواح.
ما هو حجم تلك المساعدات؟
نحن نفهم أن الوضع الإنساني كارثي للغاية بسبب شدة الزلزال والذي أثر أيضا على الطرقات المؤدية للمناطق المتضررة وهذا زاد من صعوبة الوصول للمتضررين والمصابين ولكننا نعمل بشكل وثيق مع هذه المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة لإيصال المساعدات بشتى الطرق. ومنذ أن ضرب الزلزال الكارثي تركيا وسوريا، قدمت الولايات المتحدة أكثر من 85 مليون دولار من المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، بما فيها إمدادات إغاثة بقيمة 2,5 مليون دولار للمتضررين من الزلازل، وأعلنا الأحد (19 فبراير) عن موافقة الرئيس بايدن على تقديم 50 مليون دولار عبر صناديق مساعدة اللاجئين والهجرة الطارئة، بالإضافة إلى ذلك، تقدم الولايات المتحدة 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية من خلال وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وبذلك يصل إجمالي المساعدات الإنسانية الأمريكية لدعم الاستجابة للزلزال في تركيا وسوريا إلى 185 مليون دولار حتى الآن، ونحن ملتزمون بتلبية الاحتياجات الطارئة لمساعدة البلدين على التعافي من هذه الكارثة.
هل إعلان الخزانة الأمريكية برفع العقوبات لمدة 6 أشهر قد يكون بداية لإلغاء قانون القيصر على سوريا؟
في البداية لا بد من تصحيح بعض المفاهيم، أولاً، لم يتم رفع العقوبات لمدة 6 أشهر لأن العقوبات الأمريكية أصلا تتضمن استثناءات فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية من قبل الزلزال، وثانياً، لن يتم رفع أو تجميد أي عقوبات عن نظام الأسد وقانون قيصر هو قانون تم توقيعه من الحزبين في الكونجرس ولن يتم رفع أي عقوبات متعلقة به لأن الأسباب التي أدت إلى فرض هذه العقوبات لم تتغير، وقد كان ذلك واضحاً حتى في الأيام الأخيرة بعد الزلزال عندما قام نظام الأسد بمحاولة تسييس هذه الكارثة الإنسانية، ومبدئياً، الرخصة العامة التي أصدرتها وزارة الخزانة هي ليست بأمر غريب، لأنه من الأساس لم يكن هناك أي عائق أمام إرسال المساعدات الإنسانية للإغاثة، بالتالي ليس هناك شيء جديد، وموقفنا من نظام الأسد وكل داعميه لم يتغير، ونطالب بالحل السياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 ومازلنا نطالب بالعدالة وسيتم تحقيقها، ومازالت كل العقوبات المفروضة على النظام قائمة، سواء التي تندرج تحت قانون قيصر أو غيرها.
ما رد الخارجية الأمريكية على مطالبة الخارجية الصينية لواشنطن برفع العقوبات الأحادية عن سوريا كى يتسنى وصول المساعدات؟
كل المساعدات الإنسانية سواء من الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى تستطيع دخول الأراضي السورية وليس هناك أي عوائق وهذا الأمر كان واضحا وضمن القوانين الأمريكية حتى قبل الزلزال، أي دعاية ورواية أخرى هي غير صحيحة.
هل تضمن واشنطن وصول المساعدات الدولية لمستحقيها من السوريين المتضررين من كارثة الزلزال؟
المساعدات التي أعلنت عنها الولايات المتحدة سيتم إرسالها لكل من الشعبين التركي والسوري، وكما ذكرنا فنحن مساعداتنا سيتم إيصالها عبر الأمم المتحدة وعبر المنظمات غير الحكومية التي تعمل على الأرض، والتي كنا نعمل معها منذ سنوات ولدينا ثقة كبيرة بها، لأنها أثبتت أنها كانت فعلا تساعد السوريين، وسنحرص كما فعلنا في السنوات الماضية، ألا يستفيد النظام السوري من أي أموال أو مساعدات من الولايات المتحدة.
هل القوات الأمريكية في سوريا لها دورا في توصيل تلك المساعدات للسوريين؟
قيادة النقل الأمريكية التابعة للجيش الأمريكي على دراية كبيرة بدعم الأزمات الإنسانية الدولية، وبالنسبة لهذا الزلزال، قامت الولايات المتحدة بنشر مساعدات إنسانية طارئة في تركيا وسوريا للاستجابة للآثار المدمرة، ويعمل شركاؤنا منذ 6 فبراير/شباط بلا كلل لتقييم الاحتياجات على الأرض وتنسيق تقديم المساعدة المنقذة للحياة، وقد أرسلنا على الفور إلى تركيا، في غضون 24 ساعة، فريقين للبحث والإنقاذ، يتألفان من فرق الكلاب وحوالي 160 فردا وحوالي 77000 كيلوجرام من المعدات لبدء البحث عن ناجين، ونشرنا أيضا طائرات هليكوبتر تابعة للجيش الأمريكي لبدء نقل طواقم طبية جوا إلى المناطق الأكثر تضررا.
الدعم الصيني لسوريا
من ناحيتها الصين أعلنت عبر وسائل إعلامها يوم الإثنين الماضى 13 فبراير وصول الدفعة الثانية من المساعدات الإنسانية التي قدمتها جمعية الصليب الأحمر الصيني لمساعدة سوريا إلى العاصمة دمشق، وكان في استقبالها بالمطار، السفير الصيني لدى سوريا شي هونغ وي، ومعاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز دوجي، وشملت الإمدادات الخيام ومجموعات الإسعافات الأولية والملابس والأدوية وغيرها من المستلزمات الأساسية العاجلة للمناطق المنكوبة بالزلزال، لفائدة أكثر من 10000 سوري، فيما قال السفير الصيني، في تصريح للصحفيين عقب مراسم التسليم في المطار، إن الطائرة تحمل على متنها مساعدات إنسانية تتضمن أجهزة تنفس ومعدات لإنتاج الأوكسجين، فضلا عن حقائب الإسعافات الأولية والبطانيات والملابس الشتوية والمواد الغذائية.
وللوقوف أكثر على حجم الدعم الصينى لسوريا لمواجهة آثار الزلزال، تواصلنا مع المحلل السياسى الصينى نادر رونج، الذى قال في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، من الصين، إن هناك مساعدات كثيرة قدمتها الصين بعد وقوع الزلزال، والرئيس الصيني شي شين بينج، بعث رسالة تضامن مع نظيره السورى بشار الأسد للتعبير عن تضامن الشعب الصيني مع الشعب السوري.
نادر رونج
ويضيف المحلل السياسى الصينى، أن بلاده أعلنت عن تقديم مساعدات عاجلة لسوريا كمساعدات مالية تقدر بـ30 مليون ين صيني، وتقديم المساعدات العاجلة مثل المواد الإغاثية مثل أجهزة الإغاثة والأدوية والبطانيات والحبوب الغذائية وغيرها، وقد وصل عدة دفعات من هذه المساعدات إلى سوريا.
ويشير إلى أن الصليب الأحمر الصيني قدم معونات مالية تقدر بـ200 ألف دولار أمريكي لسوريا من أجل مساعدة المحتاجين والمتضررين من الزلزال، وكذلك الشركات الصينية الموجودة في سوريا قدمت مساعدات كثيرة وعملت على تقديم المعدلات الثقيلة للإنقاذ والبحث وكذلك الأجهزة الطبية لإنقاذ المصابين.
ويتابع نادر رونج: "وصلت خلال الأيام القليلة الماضية من الصين المساعدات الطبية وتشمل المواد الإغاثية والمساعدات بوزن يتجاوز 80 طنا، كما تواصل الصين التنسيق والتواصل مع مختلف الأجهزة في سوريا وأيضا مستعدة لتقديم المزيد من المساعدات حسب احتياجات الجانب السوري".
تعهدات اليابان المساعدة السوريين
من جانبها تعهدت الحكومة اليابانية، على لسان وزير خارجيتها الياباني يوشيماسا هاياشي الخميس الماضى 17 فبراير، في تصريحات للصحفيين ونشرتها وسائل إعلام يابانية، بتقديم نحو 27 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة لتركيا وسوريا اللتين ضربهما زلزال مدمر الأسبوع الماضى، وأسفر عن وقوع آلاف الضحايا، مشيرا إلى أنه سيتم تسليم المساعدات للدولتين من خلال برنامج الغذاء العالمي والمنظمات غير الحكومية اليابانية.
زير الخارجية الياباني أكد أيضا أن بلاده ستبذل قصارى جهدها من أجل إرسال أطقم إنقاذ وإمدادات إلى المنطقة بناء على تجربتها مع الزلازل والكوارث الأخرى، وستواصل العمل بشكل سريع، بالإضافة إلى تقديم الدعم بأي طريقة ضرورية من أجل تلبية احتياجات المواطنين.
تعهدات دولية بالمساعدة.. فأين التنفيذ؟
سنلاحظ في أغلب البيانات التي صدرت من دول غربية بشأن الإجراءات المتخذة لدعم المتضررين من الزلزال في سوريا جاءت في صيغة تعهدات وليس تنفيذ على أمر الواقع، فبينما أعلنت السويد التبرع بنحو 650 ألف دولار لتركيا وسوريا عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الهلال الأحمر، سنجد أن ألمانيا أعلنت اعتزامها زيادة المساعدات الإنسانية التي تقدمها في سوريا إلى 26 مليون يورو لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوريين بعد الزلزال المدمر، كما أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، بعد 3 أيام من وقوع كارة الزلازل أنها تتعهد بتمويلات إضافية، تبلغ ثلاثة ملايين جنيه إسترليني لدعم عمليات البحث والإنقاذ ومساعدات الطوارئ في سوريا، ونفس الإطار تعهد رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو بتقديم 7.5 مليون دولار لمساعدة فورية لتركيا وسوريا، ومن هنا سنجد أن أغلب البيانات الصادرة اعتزام وتعهد ولم تكتب بصيغة إرسال بالفعل.
ما تحتاجه سوريا لمواجهة أضرار الزلزال المدمر
للتعرف على أبرز احتياجات سوريا كى تتمكن من مواجهة تداعيات هذا الزلزال، تحدثنا مع محمد أرسلان المحلل السياسى السورى، لنطرح عليه الكثير من الأسئلة الملحة الخاصة بطرق خروج بلاده من أزمة هذا الزلزال المدمر وكان معه هذا الحوار التالى..
ما الذى تحتاجه سوريا الآن من أجل الخروج من ازمة الزلزال وبدء علمية الإعمار؟
ما تحتاج سوريا من أجل الخروج من أزمة الزلزال كثير للغاية، ففي الحقيقة ما أصاب سوريا أقل من مما أصاب المدن التركية ولكن الشمال الغربى من سوريا مدن عديدة تضررت بشكل كبير للغاية من جراء هذا الزلزال ولكن مع الأسف حجم المساعدات الدولية كان قليل للغاية مقارنة بحجم كارثة الزلزال.
محمد ارسلان
كيف كانت حجم المساعدات أقل من ما تسبب فيه الزلزال؟
لأن معظم المساعدات كانت موجهة إلى تركيا بشكل عام وكذلك فرق الإنقاذ ولكن ما توجه إلى سوريا كان قليل، ولكن رغم أن هذه المساعدات وإن كانت قليلة ولكنها كانت من الناحية المعنوية كبيرة للغاية خاصة أنها كسرت الحصار وأو ما يسمى بقانون القيصر الذى كان يسيطر على سوريا وكان يمنع إدخال أي مساعدات أو إيرادات وتجارة في سوريا.
ما هي التحديات التي تواجه سوريا الآن لمواجهة تداعيات أزمة الزلزال؟
التحديات كبيرة للغاية خاصة أن كل طرف من الأطراف المتنافسة على الساحة السورية عملت على تسييس الزلزال والمساعدات التي تم تقديمها إقليميا أو دوليا، وبعض الأطراف الدولية التي تتدخل في سوريا منعت وصول بعض المساعدات، ومعظم المساعدات التي وصلت إلى المناطق لم يتم توزيعها في المناطق المنكوبة التي ضربها الزلزال بقدر ما كان يتم إخفاء القسم الكبير منها لاستخدامها في أماكن أو أزمنة أخرى وهذه مشكلة كبيرة للغاية، فالعقلية الموجودة ضمن سوريا نتيجة عدم الاستقرار والحرب المستمرة منذ أكثر من عقد جعلت كل طرف يفكر في نفسه فقط ولذلك التحديات التي تواجه سوريا كبيرة للغاية وسوف يتم الاستثمار بضحايا هذا الزلزال دوليا وكل طرف سيستثمر هذا الأمر لصالحه لشيطنة الطرف الأخر .
وما هو المطلوب الآن لمساعدة السوريين؟
من أجل الخروج من الأزمة الخاصة بالزلزال، يلزم الكثير من المساعدات التي يجب أن تصل إلى المتضررين مباشرة ولكن الأزمة التي عصفت بسوريا منذ أكثر من عقد مع الأسف جعلت سوريا مقسمة إلى 3 أقسام في الأمر الواقع، والمدن التي تضررت من الزلزال تقع في يد المرتزقة والإرهابيين، والآن يعد هذا الزلزال فرصة لبعض الدول لكى تقوم بما كان يقع على عاتقها لاستيعاب سوريا خاصة أن هذا الزلزال جاء كوسيلة لترك الخلافات جانبا والعمل على حل ما أصاب سوريا من زلزال أخير وزلزال منذ عقد من خلال تدخلات دولية على سوريا كانت بمثابة زلزالا كبيرا للغاية.
هل تتوقع أن يسرع المجتمع الدولى في إجراءات إعادة إعمار سوريا؟
الزلزال الأخير يلزمه مساعدات كثيرة للغاية، لأن سوريا لا حول لها ولا قوة وليس لديها أي إمكانيات سواء مادية أو لوجيستية لتفادى نتائج هذا الزلزال وإيصال المساعدات مباشرة إلى المتضررين، وبالتالي يلزم الكثير من المساعدات الإقليمية والدولية، بينما بدء عملية الإعمار هي عملية سياسية وليس لها علاقة بالزلزال لأن الأزمة السورية ما زالت مستمرة خاصة أن المتدخلين في الساحة السورية هي قوى متصارعة على الكعكة السورية ولن تسمح بسيطرة طرف على بقية الأطراف من أجل إعادة اعمار، وهذه الأطراف سوف تستغل وتستثمر بورقة إعادة الإعمار ضد بعضها البعض والشعب سيكون هو الضحية الأولى والأخيرة من هذا الزلزال .
إذن ما هو المطلوب لبدء عمليات إعادة الإعمار في سوريا؟
لإعادة الإعمار لابد من وجود استقرار بشكل عام وهذا الاستقرار غائب عن الساحة السورية في الوقت الحاضر على الأقل، فإعادة الإعمار هي عملية سياسية ليست في المدى المنظور ومتوقفة على التوافقات الإقليمية والدولية بشكل عام.
واشنطن أعلنت أنها سترسل مساعدات بقيمة 135 مليون دولار لسوريا لمواجهة الزلزال هل ترى أن هذا كافيا من جانب الولايات المتحدة؟
الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت إرسال مساعدات لسوريا، سنجد أن معظم هذه المساعدات سوف تذهب إلى المناطق البعيدة عن النظام السورى وسوف ترسل قليلا للمناطق الخاضعة للنظام السوري، بينما سيذهب أغلبها للمناطق التي يسيطر عليها الإرهابيين إما من خلال جمعيات أو مؤسسات خيرية أو تحت مسميات أخرى وكذلك المناطق التي تتواجد فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي الجميع يقوم بتسييس المساعدات التي تصل لسوريا.
الدول العربية وقفت بشكل كبير مع سوريا بعد أزمة الزلزال ولكن الغرب تأخر في الاستجابة.. فما هو المطلوب الآن من المجتمع الدولى وبالتحديد الغرب لدعم سوريا؟
المطلوب من الغرب الذى هو سبب الزلزال الأول الذى انتشر بسوريا منذ عام 2012 وجعل معظم الإرهابيين والمرتزقة في العالم يدخلون لسوريا وينهبون ويقتلون ويسرقون، أن يكف يده من الساحة السورية ويجعل حل الأزمة السورية في يد السوريين أنفسهم بعيدا عن التدخلات الدولية، وبما يخص الزلزال، فالمطلوب من الغرب إعطاء حيز ولو قليل من الاستقرار وعدم تسييس هذا الزلزال لإعادة الإعمار ووقف العمل بقانون القيصر كى يتسنى للحكومة السورية للعمل على جلب المواد الأساسية لإعادة الإعمار وفتح البلاد للاستيراد لأن الآن بحسب هذا القانون لا تستطيع أي دولة أو شركة أو أشخاص التعامل مع سوريا من الناحية الاقتصادية، فالمطلوب من الغرب إيقاف العمل بهذا القانون وفتح المجال للدول والقوى والتيارات والأشخاص الذين يرسلون المساعدات كى تصل لسوريا بأريحية كبيرة دون تسييس هذه الأمور وكذلك فتح المعابر الأخرى سواء على الحدود الأردنية أو العراقية لإرسال تلك المساعدات لأن المعابر التي تدخل منها المساعدات هي المتواجدة بشكل رسمي مع الحدود التركية من قبل الأمم المتحدة فلابد من تفح المعابر الأخرى لأن هذا سيؤثر بشكل إيجابى على إيصال المساعدات لسوريا فهو أمر مهم للغاية كى يتم تجاوز هذه الكارثة التي حلت بالسوريين.