مصر وأوزبكستان.. توافق سياسى وتعاون اقتصادى وتجارى وثقافى
السياسة الخارجية المصرية نشطة على كل الأصعدة، ويحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على أن تكون علاقات مصر الخارجية قائمة على التنوع والشراكة وتوسيع دوائر التعاون والتنسيق فى كل الاتجاهات، عربيا وإقليميا وأفريقيا ودوليا، فى ظل واقع عالمى وإقليمى يحتم على الدول البحث عن أفضل طرق التعاون والشراكة، وضمان مصالحها وتسويق فرصها وتبادل الخبرات، وبناء مواقف للتعامل مع واقع عالمى يتغير ويتفاعل، وتحرص مصر على توسيع دوائرها الإقليمية والدولية، والتعاون والتنسيق مع كل الدوائر الإقليمية فى كل الاتجاهات.
ومن دوائر مصر التقليدية العربية والأفريقية والإسلامية، أحيا الرئيس السيسى الدائرة المتوسطية، بجانب فتح مجالات التعاون مع آسيا وأوروبا، بجانب آسيا الوسطى، وهذه السياقات تدعم حجم الثقة الدولية والإقليمية فى مصر، بجانب موقعها كجسر بين أفريقيا والعالم. ولم تتوقف مصر عن فتح آفاق التعاون السياسى والاقتصادى مع كل الدوائر، وخلال الشهر الماضى زار الرئيس الهند، ضيف شرف للجمهورية، والتقى رئيسة الهند، ورئيس الوزراء والمسؤولين ومجتمع الأعمال فى إطار العلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية والمصالح المشتركة بين البلدين، وإعادة بناء هذه العلاقات بشكل يتناسب مع ما يشهده العالم من تحولات على المستوى السياسى والاقتصادى، ثم انتقل الرئيس فى زيارة إلى عاصمة أذربيجان، باكو، فى آسيا الوسطى، ثم إلى أرمينيا، وتمثل آسيا الوسطى أحد أهم خيارات العمل وتوجهات الدولة.
من هنا يمكن النظر على الزيارة التى قام بها رئيس أوزبكستان «شوكت ميرضياييف»، والاتفاق على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية، وزيادة التبادل التجارى بين البلدين، والاستثمارات المتبادلة، وأكد أهمية تعزيز أنشطة اللجنة المشتركة للتعاون العلمى والاقتصادى والفنى، وتعزيز أنشطة منتدى الأعمال المصرى - الأوزبكى، ورحب بتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم فى العديد من المجالات، تتعلق بالزراعة والتعليم والصحة والثقافة، ومجالات متعددة، مع الاتفاق على رفع التبادل التجارى والتعاون بما يتناسب مع عمق العلاقات بين البلدين، وما يربطهما من علاقات تاريخية وثقافية، وتشابه فى الطموح والتنمية.
الرئيس السيسى، أكد فى المؤتمر المشترك مع الرئيس الأوزبكى، أن زيارة رئيس أوزبكستان إلى مصر جاءت لاستكمال المباحثات والعلاقات بين البلدين فى المجالات المختلفة، وأنه تم أيضا الاتفاق على سرعة عقد اللجنة المصرية الأوزبكية المشتركة للتعاون الاقتصادى فى أقرب وقت ممكن ووضع الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين موضع التنفيذ، وأهمية العمل على زيادة الميزان التجارى بين البلدين، ما يعكس حجم الاحترام والثقة والإرادة السياسية فى التعاون بين البلدين، موضحًا أن المباحثات أيضًا تناولت استمرار التعاون والدعم المتبادل فى المحافل الدولية، موجهًا الشكر والتقدير لأوزبكستان لدعمها مصر فى الحصول على صفة المراقب فى منظمة شنجهاى، مؤكدًا أهمية التعاون الأمنى والمعلوماتى فى مجال مكافحة التطرف، وأشار السيسى إلى دور الأزهر المعتدل والمتوازن فى نشر التعاليم الإسلامية السمحة، واستقبال الطلاب من أوزبكستان للدراسة به.
رئيس أوزبكستان شوكت ميرضياييف، أكد من جانبه أنه تم الاتفاق مع الرئيس السيسى خلال المباحثات على تعزيز التعاون والتنسيق الشامل بين البلدين فى المجالات السياسية واللوجستية والصناعية، خاصة فى مجال مكافحة الفساد بما يصب فى مصلحة البلدين، وقال إن المباحثات التى أجراها مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، أسفرت عن دعم سبل تعزيز التعاون، فى ظل تطابق برنامجى أوزبكستان مع برنامج الجمهورية الجديدة فى مصر، ووجود توافق كبير فى العديد من القضايا وسبل حلها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة، مؤكدًا «أن أوزبكستان لديها تقارب كبير فى مجال التعاون السياسى مع مصر فى العديد من القضايا فى المنطقة من بينها القضية الفلسطينية ومسألة سد النهضة والنزاع الراهن بين روسيا وأوكرانيا».
الاقتصاد والثقافة والأزهر
تم توقيع مذكرة تفاهم حول مشروع برنامج للتعاون بين وزارتى الخارجية بمصر وأوزبكستان، ومشروع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمصر العربية ووكالة الترويج الاستثمارى بوزارة الاستثمار والصناعة والتجارة فى أوزبكستان، ومشروع اتفاق للتعاون بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بمصر ووكالة وقاية النباتات والحجر الزراعى بأوزبكستان فى مجال وقاية النباتات والحجر الزراعى، ومشروع مذكرة تفاهم للتعاون بين المجلس المصرى للاعتماد والوكالة الأوزبكية للتنظيم الفنى، ومشروع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بمصر ومركز الحضارة الإسلامية بأوزبكستان، ومشروع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بمصر وأكاديمية العلوم «معهد أبى الريحان البيرونى للدراسات الشرقية»، ومذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة التعاون الدولى بمصر ووزارة الاستثمار والصناعة والتجارة بأوزبكستان فى مجال تبادل الخبرات، ومشروع مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارتى الصحة فى البلدين.
واتفق الجانبان المصرى والأوزبكى على تعزيز التعاون بين الجامعات وكل المؤسسات التعليمية فى البلدين، وأعرب الجانب الأوزبكى عن ترحيبه بمشاركة أساتذة من الجامعات المصرية فى تدريس اللغة العربية فى جامعة طشقند للدراسات الشرقية، وأكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية، وجامعة الاقتصاد العالمى والدبلوماسية. وأكد الرئيسان التزامهما بمواصلة تعميق الروابط الثقافية بين الشعبين، ودعمهما لتكثيف المشاركة المتبادلة فى الفعاليات الثقافية والفنية فى البلدين، وتنظيم الأيام الثقافية والمعارض والمهرجانات الفنية وعروض الفرق الفولكلورية والمعارض السياحية فى القاهرة وطشقند لتعزيز التقارب الإنسانى والثقافى بين الشعبين.
البيان المشترك
ومن خلال البيان المشترك بين مصر وأوزبكستان رحب الجانبان بتصنيف مصر خلال عام 2022 كإحدى أهم الوجهات السياحية التى يقصدها المواطنون الأوزبك، وزيادة عدد رحلات الطيران المباشرة بين البلدين، وضرورة تعزيز الجهود المشتركة لتنمية حركة السياحة والطيران بين البلدين، وتقديم كل التسهيلات الممكنة والتيسيرات المطلوبة لتحقيق ذلك، كما تم الاتفاق على تعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات التعليمية فى البلدين.
الرئيس السيسى ثمن العلاقات بين مصر وأوزبكستان ووصفها بالأخوية والتاريخية، وأن مصر كانت أول دولة عربية اعترفت باستقلال أوزبكستان عام 1991، وأول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية وافتتحت سفارة فى طشقند عام 1993، معربًا عن تقديره لزيارة الرئيس ميرضياييف إلى مصر ردًا على زيارته إلى أوزبكستان عام 2018، وقال الرئيس السيسى: «نعرف بلادكم العظيمة على المستوى التاريخى، إنها بلاد ما وراء النهرين، ونعلم سمرقند، ومدينة بخارى، والإمام البخارى، والترمذى، والزمخشرى، وعلماء عظماء من علماء المسلمين.. هنا فى مصر مثل ما قمت فخامتك بزيارة مقياس النيل أمس، فهناك أحمد الفرغانى، وجامع ابن طولون، التى تعد أيضًا من العلامات الجميلة الموجودة فى مصر لأوزبكستان».
قدم الرئيس شوكت ميرضياييف التهنئة للرئيس السيسى، على استضافة مصر الناجحة لأعمال الدورة 27 لمؤتمر الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتى عقدت فى شرم الشيخ خلال نوفمبر الماضى، خاصة فيما يتعلق بإنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» لمساعدة البلدان النامية المعرضة للآثار السلبية لتغير المناخ.
هناك الكثير من المجالات التى يمكن التعامل فيها ضمن علاقات مصر السياسية والاقتصادية، مع أوزبكستان، ودول آسيا الوسطى، فى ظل عالم يتغير، ويتطلب الكثير من التعاون والتنسيق لمواجهة هذا التحول لضمان مصالح الشعوب فى كل المجالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة