كشفت الكاتبة المصرية الدكتورة ميرال الطحاوى، التي وصلت روايتها "أيام الشمس المشرقة" إلى القائمة الطويلة في جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، في دورتها لعام 2023، كواليس روايتها، ومشروعاتها الأدبية المقبلة.
وقالت الدكتورة ميرال الطحاوى، خلال حوار أجرته معها جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، انتقلت إلي ولاية أريزونا في بداية 2021، لأدرّس في جامعة الولاية كأستاذ مساعد للأدب العربي الحديث، انشغلت بالبحث والنشر العلمي والأكاديمي، وصرت أدوّن فقط بعض الملاحظات أملا أن أجد بعض الوقت لأبدأ في الكتابة، تأجلت الرواية لسنوات طويلة، لكن أبطالها كانوا يحتلون مخيلتي، كنت أدوّن باستمرار، لكنني أؤجل العكوف علي كتابة النص أملا في التفرغ له، ولم استطع ذلك إلا بعد سنوات طويلة.
وتابعت ميرال الطحاوى: انشغلت خلال تلك السنوات بمسؤوليات العمل الجامعي كما تتطلبه وظيفتي الأكاديمية، ولم أجد الوقت إلا في بداية عام 2020، كنت قد انتهيت أخيراً من تلك المشروعات البحثية التي عكفت عليهما طويلاً، ونشرتهما في كتابين هما "بنت شيخ العربان" وهي دراسة ثقافية في تاريخ القبائل العربية داخل مصر، والكتاب الثاني هو "بعيدة برقة على المرسال" وهي دراسة أدبية للشعر الشعبي المسمى بشعر الغناوة وهو شعر ينتشر بين حدود برقة الليبية وإقليم الغرب الصحراوي المصري.
وأضافت ميرال الطحاوى: بعد كل هذا الانقطاع والانشغال والإرجاء قررت الانتهاء من روايتي التي اكتملت بداخلي وصار من الضروري التفرغ لها، بدأت كتابتها عام 2020 وانتهيت منها خلال عام، وبدأت التشاور حول مخطوطتها مع بعض الأصدقاء الذين ساعدوني كثيراً في مراجعة النص وضبطه.
الروائية ميرال الطحاوى
وأشارت ميرال الكحاوى إلى أن استغرقت عاماً أو ربما عامين، في كتابة الرواية، حيث كانت بشكل عام فترة عصيبة علي المستوى الشخصى، لم يكن أمامي للتعافي النفسي والذهني سوى الهروب عبر الكتابة، كان ذلك في مدينة فينكس التي أسكنها منذ سنوات طويلة، وهي مدينة من مدن ولاية أريزونا حيث أعيش وأعمل أستاذاً بجامعة الولاية منذ عدة سنوات، كل ما أتذكره عن تلك الفترة أنها كانت فترة الوباء، وتداعياته الكارثية، تلك العزلة القسرية وفّرت لي بعض الوقت للتفرغ، انحصرت الواجبات الوظيفية قليلاً، بعد أن أصبحت الفصول الدراسية عبر الانترنت، وتوفرت تلك العزلة التي كانت كل ما أحتاج للعودة للكتابة.
أما عن طقوس للكتابة لديها، فقالت ميرال الطحاوى: العمل الأكاديمي خاصة في الولايات المتحدة عمل يومي ويتطلب الكثير من المسؤوليات الجامعية، مثل التدريس والنشر والعمل الطلابي، تلك المتطلبات الوظيفية لا تترك لي مساحة لأتذكر أنني كاتبة أو أفكر في الطقوس، منذ انتقلت للولايات المتحدة صرت مجرد، أم، وموظفة، ربما أستاذة، تعمل لتغطي نفقاتها، فقدت جزئاً كبيراً من هويتي ككاتبة، أنا مجرد مهاجرة تبحث عن فرص النجاة كغيري من الباحثين، صارت الكتابة هامش أحن إليه وأهرب إليه وأحاول انتهاز الفرص لاختلسه، الطقس الوحيد الذي أحتاجه هو التفرغ من الواجبات الكثيرة والانقطاع عن المسؤوليات اليومية والتصديق بأنني مازلت قادرة على الإمساك بالنص الذي يخايلني.
أما عن مشروعها القادم بعد هذه الرواية، فقالت ميرال الطحاوى: انتهيت تقريباً من مخطوطة كتابي الذي حصلت علي منحة فولبريت لإنجازه، وهو عن الكتابة النسائية العربية والاحتجاج بالعري، وهو دراسة وسيرة معاً، عمل يقارب تجربتي ككاتبة ومخاوفي ككاتبة، وهو عمل بحثي أيضاً عكفت عليه طويلاً يحاول اكتشاف العلاقة بين الكتابة ومخاوف أو فوبيا الانكشاف والتعري، أناقش في فصوله تطور كتابة المرأة العربية عن الذات وصور التلقي لها باعتبارها نوعاً من التعري المجازي.
وأشارت ميرال الطحاوى إلى أن هناك مشروع رواية محتملة، بدأت العمل فيها، لكنني أنا من أنصار التروي في النشر، أفضل إعطاء كل تجربة إبداعية الوقت لتختمر. في الحقيقة أن فكرة كتابة رواية جديدة ترتبط عندي بالكثير من القلق والتردد والإرجاء، أتمني بالطبع أن أتخلص من هذا القلق لأستطيع كتابة كل ما لدي وهو كثير.
رواية أيام الشمس المشرقة للكاتبة ميرال الطحاوى
تبدأ رواية "أيام الشمس المشرقة" بانتحار جمال، الشاب الممزق الهوية، وتنتهي مع انتحار ميمي الفتاة الإفريقية الناجية من مذبحة عرقية في بلادها، وما بين الحادث الأول والمشهد الأخير تدور أحداث الرواية في بلدة صغيرة متخيلة تُسمى "الشمس المشرقة"، التي تقع على الحدود الجنوبية الغربية لأمريكا، وتشهد سواحلها بشكل يومي عمليات تهريب العمّال والمهاجرين غير الشرعيين. تسلط الرواية الضوء على فئة مهمشة يظن الجميع، على عكس الواقع، أنها الفئة الناجية، وتمنح لهؤلاء المهمشين في المجتمع الغربي صوتاً، وتحفر عميقاً في أسئلة تخصهم. "أيام الشمس المشرقة" نموذج مثالي لتيهة الهجرة، لكنها، قبل كل شيء، رؤية الغريب التي تتمتع بالتمرد على الواقع الجديد، مع ذلك يخلق أسلوباً للتكيف مع قسوته.
ميرال الطحاوي كاتبة وروائية وأكاديمية مصرية، من مواليد المحافظة الشرقية، مصر، عام 1968، تعمل استاذاً للأدب العربي في كلية اللغات العالمية والترجمة بجامعة آريزونا الأمريكية، ومن أشهر رواياتها: "الخباء" (1995)، "الباذنجانة الزرقاء" (1998) التي حازت على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية سنة 2002، و"نقرات الظباء" (2002)، و"بروكلين هايتس" (2010)، التي ترشحت للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية سنة 2011.
كما حازت ميرال الطحاوى على جائزة نجيب محفوظ سنة 2011 التي تمنحها الجامعة الأمريكية في القاهرة. ترجمت رواياتها إلى أكثر من عشرين لغة عالمية، ولها مجموعة قصصية ودراسات أكاديمية، وقد درّست في جامعات فرجينيا ونورث كارولينا وكلية العلوم في جامعة الفيوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة