عاصفة من التداعيات الاقتصادية للأزمة السياسية المحتدمة بين روسيا وأوكرانيا تجتاح العالم، بين ارتفاع أسعار السلع الغذائية وشحها فى عدد من الدول إلى ارتفاع غير مسبوق فى أسعار الطاقة وأسعار صرف الدولار أمام العملات الأخرى.
ويشتد تأثير تلك الأزمات مع اقتراب حلول شهر رمضان، الذي يشهد نموا في الطلب على هذه المواد الغذائية، ويأتى لبنان فى مقدمة البلدان التى طالتها تلك المعاناة، حيث قفزت أسعار الوقود قفزات كبيرة حتى بلغت إلى مستويات غير مسبوقة.
ارتفاع غير مسبوق
هذا الارتفاع فى أسعار الوقود ليس ببعيد عن أسعار صرف الدولار ، شهدت الليرة اللبنانية انهيارا كبيرا، اليوم الأربعاء، سواء على المنصة الرسمية أو في السوق غير الرسمية، وذلك بالتزامن مع أول أيام العمل بقرار تخفيض سعر الصرف الرسمى فى البنوك بقيمة تناهز الـ 90 % من السعر المعمول به على مدار 25 عاما.
من جانبه أعلن مصرف لبنان المركزى أن حجم التداول على المنصة الرسمية، أمس، بلغ 25 مليون دولار بمعدل 42000 ليرة لبنانية للدولار الواحد وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نُفذت من قبل المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة، وذلك بارتفاع قدره 4 آلاف ليرة دفعة واحدة عن معدل سعر الصرف أمس والذى بلغ 38 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، وهو السعر المعتمد منذ 27 ديسمبر الماضى حين تقرر آنذاك تخفيض سعر الليرة على المنصة الرسمية من 31200 ليرة للدولار الواحد.
وفي السوق غير الرسمية، وصل سعر الصرف 63500 ليرة لبنانية للدولار الواحدن وهو أدنى مستوى لليرة اللبنانية على الإطلاق بعدما كان متوسط سعر الصرف في مستهل تعاملات اليوم يتراوح ما بين 57500 ليرة للدولار و59000 ليرة.
وأدى الانهيار الجديد فى سعر صرف السوق غير الرسمية إلى رفع أسعار كافة أنواع الوقود فى البلاد بشكل ملحوظ في جدول تسعير صدر مساء اليوم لاعتماد تسعير الوقود على سعر صرف السوق الموازية، حيث زاد سعر صفيحة بنزين 95 أوكتان بقيمة 78 ألف ليرة لتصل إلى مليون و160 ألف ليرة لبنانية، كما زاد سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان بقيمة 79 ألف ليرة لتسجل 1186000 ليرة لبنانية. وارتفع سعر صفيحة المازوت بقيمة 79 ألف ليرة لتسجل 1197000 ليرة، كما بلغ سعر قارورة الغاز للاستخدام المنزلي 734 ألف ليرة لبنانية بزيادة قدرها 49 ألف ليرة.
وكان مصرف لبنان قد بدأ من اليوم توحيد سعر الصرف الرسمي المعتمد فى كافة البنوك ليصبح 15000 ليرة لبنانية للدولار بدلا من 1507 ليرات وهو السعر المعمول به منذ قرابة 25 عاما، وبالتالى بات سعر صرف السحب من الحسابات الدولارية وسعر الدولار الجمركى وأسعار كافة المعاملات الرسمية مع مؤسسات الدولة اللبنانية وفقا لسعر الصرف الجديد.
أزمة غذاء فى تونس
ومن لبنان إلى تونس، لم تختلف مظاهر الأزمة كثيرا، فوفق تقرير نشره المرصد الوطني للفلاحة، فإن هناك تراجع فى إنتاج اللحوم البيضاء في تونس، خلال سنة 2022 بنسبة4.3% والبيض بنسبة 3.0 بالمائة مقارنة بسنة 2021.
وشهدت تونس نتيجة لذلك تراجعا في مخزونها الاستراتيجي من الحليب من1.32 مليون لتر سنة 2021 الى2.7 مليون لتر خلال سنة 2022 وهو ما أثر على نسق التوزيع وتوفر هذه المادة للمستهلكين.
وسجل المخزون من الحليب المعلب انخفاضا بنسبة 78 % خلال الأشهر 11 الأولى من 2022 مقارنة بالفترة ذاتها من 2021. وأنتجت تونس خلال ديسمبر 2022 زهاء 8،7 الف طن من اللحوم الحمراء. وتوزع انتاج هذه اللحوم على 6.4 ألف طن من لحوم الخرفان و9.3 الف طن من لحوم الأبقار في حين تراجع انتاج اللحوم البيضاء إلى 8.134 ألف طن سنة 2022 مقابل 6.139 الف طن عام 2021. وفق ماأوردت إذاعة"موزاييك".
وتراجع إنتاج البيض الموجه للاستهلاك، بدوره من زهاء مليار و747 مليون بيضة سنة 2021 الى قرابة مليار و 743 مليون بيضة سنة 2022 مشكلا انخفاضا طفيفا.
ويتجلي تقلص أداء منظومة الالبان سنة 2022 من خلال تراجع الكميات المجمعة بنسبة 5 بالمائة الى 746 مليون لتر والكميات، التي وصلت الى مركزيات تجميع الحليب، بنسبة 8 بالمائة الى 597 مليون لتر في حين تراجع التحويل بنسبة 10 بالمائة ليسجل هبوطا إلى مستوى 511 مليون لتر.
"الخليج" يرفع أسعار الفائدة
وعلى الصعيد المصرفى، أعلن عدد من دول الخليج رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع بالمائة ، تماشيا مع القرار الذى أصدره البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى ، الأربعاء، برفع الفائدة 25 نقطة أساس لتتراوح بين 4.5 و4.752 %، مع توقعات بمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة فى محاولة لكبح جماح التضخم وخفضه إلى المستوى المستهدف عند 2 %.
من بين الدول التىأعلنت رفع أسعار الفائدة فى بنوكها، السعودية والإمارات والكويت والبحرين، فى الوقت الذى نوهت فيه باحتمالية ارتفاعات أخرى تجاوبا مع المتغيرات التى تفرضها الظروف العالمية.