توشك الحرب فى أوكرانيا أن تتم عامها الأول الذى شهد دمارا هائلا على صعيد البنية التجتية وقتالا شرسا لم تكن الجيوش الرسمية هى الوحيدة فيه. فمنذ بدايات الحرب لعبت الميليشيات وجماعات المرتزقة دورا كبيرا من كلا الطرفين، وكان الأبرز بين تلك الجماعات، مجموعة فاجنر الروسية، وجماعة موزارت الأمريكية.
أما عن جماعة فاجنر الروسية، فقد برز اسمها بقوة فى الأسابيع الأخيرة بسبب دورها القوى مع معارك دونيتسك، والذى ساعد القوات الروسية على تحقيق مكاسب. وقد دفع هذا الولايات المتحدة إلى الإعلان فى يناير الماضى عن تصنيف فاجنر بأنها منظمة إجرامية دولية.
وتأسست جماعة فاجنر على يد يفجينى بريجوزين، الملقب بـ "طباخ بوتين" بسبب امتلاكه لشركة تموين لديها تعاقدات مع الحكومة الروسية، وهو أحد المقربين من الرئيس الروسى فلاديمير بوتي، ولم يكن معروفا بشكل كبير عندما كانت قوات فاجنر منتشرة نيابة عن الكرملين فى مناطق متفرقة حول العالم.
تقول صحيفة نيويورك تايمز إن فاجنر ظهرت لأول مرة عام 2014، خلال ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وتقول الحكومة الأمريكية إن المنظمة ممولة من بريجوزين، واكتسبت المنظمة اسمها من لقب زعيمها ديمترى يوتكين، الضابط العسكرى الروسى المتقاعد، وأوتكين من قدامى المحاربين فى حروب الشيشان، وضابط سابق فى القوات الخاصة وكذلك فى المخابرات العسكرية الروسية، وقيل إن يوتكين اختار اسم فاجتر على اسم الملحن الألمانى الشهير والذى كان المفضل لدى هتلر. ورغم إنكار الكرملين أى علاقات مع فاجنر، فقد تم تصوير أوتكين بجانب بوتين.
وهذه المنظمة ليست مسجلة ككيان قانونى فى أى دولة فى العالم. وتعد المرتزقة غير قانونية بموجب القانون الروسى، لكن وجودها فى الظل يسمح لروسيا بالتقليل من خسائرها فى المعارك وأن تنأى بنفسها عن الفظائع التى ارتكبتها فاجنر، بحسب ما يقول مراقبون غربيون.
وفى تقرير سابق لها، قالت هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، إن وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU)، تمول وتشرف سرا على مجموعة فاجنر، وقد قالت مصادر من المجموعة لبى بى سي، إن قاعدتها التدريبية فى مولكينو بجنوب روسيا، توجد جنبا إلى جنب مع قاعدة عسكرية روسية.
وتثير فاجنر مخاوف الغرب فى ظل صعود دورها فى أوكرانيا، وفى الاسبوع الماضى فرضت الولايات المتحدة الأمريكية جولة جديدة من العقوبات على أفراد وشركات روسية، من بينها مجموعة فاجنر، فى رد على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقال صموئيل راماني، الزميل المشارك فى معهد رويال يونايتد سيرفيسز فى تصريحات لبى بى سى، إن مجموعة فاجنر لديها حوالى 5 آلاف مرتزقة يعملون فى جميع أنحاء العالم.
على الجانب الآخر، لا تعترف دول الغرب بأنها لها مرتزقة تعمل لحسابها أو ميليشيات فى أوكرانيا، وإنما تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن جماعات المتطوعين، الذين يعملون بشكل منفرد بعيدا عن أى صلة بحكوماتهم، ومن بين هؤلاء جماعة موزارت الأمريكية التى أسسها عقيد سابق بمشاة البحرية "المارينز".
اختارت جماعة موزارت اسمها، الذى يرجع إلى الموسيقى النمساوى الشهير، الذى كان منافسا للموسيقى الألمانى فاجنر، والذى اتخذته الجماعة العسكرية الروسيا الخاصة اسما لها.
شاركت موزارت منذ مارس الماضى فى تدريب الجنود الأوكرانيين على القتال، لكن فى الآونة الأخيرة ظهرت الانقسامات داخل الجماعة، الأمر الذى انتهى بوقف أنشطتها. حيث أعلن العقيد البحرى المتقاعد أندرو ميلبورن على تويتر يوم الثلاثاء الماضى وقف نشاط موزات بعد أن أصبحت موضع تقاضى وصرف الانتباه عن مهمتها الأساسية وهى تدريب الجنود الأوكرانيين وإنقاذ المدنيين. لكن ميلبورن قال إن المهمة والأفراد مستمرون.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن جماعة موازرت، والتى تعد واحدة من أبرز التنظيمات العسكرية الأمريكية الخاصة (جماعات مرتزقة) فى أوكرانيا، قد انهارت فى ظل اتهامات تتراوح ما بين المخالفات المالية وسوء تقدير بسبب إدمان الكحوليات.
وأشارت الصحيفة إلى أن معاناة هذه الجماعة تقدم نافذة كاشفة على عالم "المتطوعين الأجانب" الذين توافدوا على أوكرانيا يحملون ما وصفته بالنوايا النبيلة، لكنهم تعثروا بسبب ضغوط إدارة "مشروع معقد" فى منطقة حرب. ونقلت نيويورك تايمز عن أحد مقاتلى جماعة موزارت إنه رأى هذا الأمر يحدث مرارا من قبل، مضيفا أنه يجب إدارة هذه الجماعات مثل العمل التجارى، وهذا لم يحدث.
وأوضح تقرير الصحيفة أن المئات، إن لم يكن الآلاف، من المقاتلين والمتطوعين الأجانب الغربيين تدفقوا إلى أوكرانيا، والكثير منهم أمضوا حياتهم فى بيئة خطرة للغاية بدون قواعد، وازدهرت جماعة موزارت فى البداية ودربت القوات الأوكرانية وأنقذت مدنيين على الخطوط الامامية للقتال، وجمعت أكثر من مليون دولار من التبرعات لتمويلها بالكامل. لكن بعد ذلك بدأ المال ينفذ.
وتابعت الصحيفة قائلة إن موزارت وبعد أشهر من الكفاح للحفاظ على تماسكها، ابتليت بالانشقاقات والصراعات الداخلية، وتم اختراق مقرها وأقيمت دعوى قضائية من قبل المسئول المالى بالشركة أندرو بايدن يسعى فيها للإطاحة بأندرو ميلبورت، قائد الجماعة.
الدعوى تم رفعها فى ولاية وايومنج، التى تم تسجيل موزارت فيها كشركة، تشمل سلسلة من الإدعاءات الصغيرة والخطيرة، من بينها اتهام ميلبورن بإبداء تعليقات مهينة حول القيادة الأوكرانية تحت تأثير الكحول، وتحويل أموال الشركة وغيرها من المخالفات المالية.