شهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، المنعقدة اليوم الإثنين، الموافقة علي تقرير اللجنة المشتركة من لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والثقافة والسياحة والآثار والإعلام، والشئون الدينية والأوقاف عن الدراسة المقدمة من النائب محمد هيبة، بشأن ظاهرة العنف الأسري- الأسباب والآثار وسبل المواجهة، والمقترحات والتوصيات التي انتهت إليها، وإحالتها إلي رئيس الجمهورية إعمالا للمادة 89 من قانون اللائحة الداخلية للمجلس.
وأشار رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إلي أن أبرز ما تضمنته التوصيات، سن تشريع لتجريم العنف الأسري أسوة بالعديد من الدول، وكذا إنشاء ومنظمـة مصـرية تهدف إلى تعزيز تماسك الأسرة المصرية ونبذ العنف الأسرى بشتى صـوره ومنع انتشاره، والعمـل علـى دعـم الثقافة المجتمعية ودفعها نحو توطيد السلوك القويم داخل الأسر المصرية، للوقايـة مـن ظاهرة العنف الأسـرى، تُسـمى "المجلـس الاستشاري لمناهضـة العنـف الأسـرى" يضـم فـى تشـكيله ممثلـين عـن المجـالس القوميـة: لحقـوق الإنسان، والمـرأة، والطفولة والأمومة.
أكد المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، أن مراجعة دور الأسرة نفسها أمر ضروري ومهم لمواجهة ظاهرة العنف الأسري، قائلاً: "مهم أن نراجع أنفسنا، نقوم بتحميل الجهات المختلفة المسئولية، أين نحن، نحن أباء وأجداد، للأسف كل التركيز فى الحديث عن دور هذه الجهات وأغفلنا الدور الأساسي، لابد من وقفة داخل الأسرة نفسها، لم نعد كما كنا سابقا، لا نغفل دور الأسرة نفسها".
وتابع: "من الظواهر الغريبة جدا ملاحظة لما جينا نتصور أن هناك إيجابية معينة خلال جائحة كورونا كوفيد 19، لما الناس قعدت مع بعضها فى البيت، إذا بالأمر تحول إلى سلبية، رجع الأسرة لدورها، ياريت يكون لينا دور فى هذا الأمر".
وزير الأوقاف: دور المسجد والكنيسة مهم فى الوعى لمواجهة ظاهرة العنف الأسرى
وعلي جانب المؤسسات الدينية، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن هناك تعاون وتنسيق من جانب الوزارة مع وزارات أخرى فى العديد من الموضوعات والقضايا ولا يتم العمل فى جزر منعزلة.
وتحدث الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، قائلا: "وجودنا كجهات تنفيذية ليس بمعرض الدفاع عن النفس ولكن بنية صادقة أن نكون معكم جزءا من الحدث، وتقرير اللجنة جيدا جدا والأسباب الموجودة بخصوص هذه الظاهرة منطقية واللجنة قسمتها إلى ثقافية واقتصادية وجائحة كورونا وغيرها، وأؤكد أن قضية بناء الوعي قضية مشتركة بين عدة جهات ومؤسسات، الدينية والثقافية والتعليمية والتربوية والمجتمعية سواء مؤسسات المجتمع المدني أو الأسرة نفسها".
وتابع الوزير: موضوع الأخلاق أولوية فى حياة الشعوب والأديان، والنبى عليه الصلاة والسلام عندما تحدث عن الهدف الأسمى قال "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، مستطردا: هناك كتاب تحت عنوان "مكارم الأخلاق"، أعدته ووزارة الأوقاف وأصدرته وزارة الثقافة، واليوم هناك كتاب آخر وهو "أخلاقنا"، وهناك سلسلة الدروس الأخلاقية، ما يؤكد أننا لا نعمل كجزر منعزلة، وحاليا نحن فى أفضل لحظاتنا الدعوية من حيث تكثيف الأنشطة، وهذا واجبنا والمجتمع المصري بخير وسيظل بخير، ودائما يظهر المعدن الأصيل.
وأشار "جمعة"، إلى أنه يتم الاهتمام فى هذا الإطار، بالجزء الخاص بحق الطفل والحقوق المتبادلة بين الزوجين وحقوق الأبناء والآباء، وتقوية الحس الإيماني العام، والذي به سنعالج ظواهر متعددة فى وقت واحد، متابعا: "البرنامج الصيفي للطفل الصيف الماضي كان فى 7 آلاف مسجد وكان هناك إقبالا كبيرا للأطفال، ولازال البرنامج الصيفى قائم، وأقمنا فى معرض الكتاب حوالي 6 ندوات، كما أن هناك اهتمام بالمرأة والواعظات والمساجد ممتلئة بإقبالهم، وهناك دروس للواعظات".
واستكمل وزير الأوقاف: "تدركون حجم المقارىء، عدد المقارىء للأئمة 835 مقرأة ، لما نشرناها تجاوز سماعها 2 مليون مشاهدة، وكثفنا الدروس الدعوية وعادت الأنشطة، ومتفائل وعلى يقين كبير خلال الشهور والسنوات القليلة الشعب المصري سيتحول إيجابيا، ففى السابق كان اختطاف المساجد وكانت الناس تخاف تودى أولادها المساجد خوفا من اختطافهم من الجماعات المتطرفة، والأمر اختلف وانتهى هذا الأمر".
وواصل وزير الأوقاف: "لن ندخر جهدا خدمة لديننا ووطننا، قضية الأخلاق مؤمنون أنه لا أمة بلا أخلاق ولا قيم، وكل الظواهر مرتبطة بالأخلاق رشوة وغيرها، ومؤمنون بأن دور المسجد والكنيسة ودور الخطاب الديني مهم جدا فى تقوية الحس الإيماني العام، هذا ما نعمل عليه، والدولة المصرية فى عصر ذهبى فى الخطاب الديني، مصر تشهد خطابا معتدلا وسطيا، ومستعدون لبذل جهد أكثر وتعاون ونعقد جلسات أكثر مع اللجنة ونستضيفها فى الوزارة، وعودة الناس للمساجد بقوة جزء من عودتهم للأخلاق والقيم".
من جانبه، قال الدكتور علي عمر فاروق، رئيس قطاع الشؤون الشرعية بدار الإفتاء المصرية، إنه تم إعداد كتاب "دليل الاسرة" والذى يتحدث عن التناغم بين أفراد الأسرة، وتعتزم دار الإفتاء توزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القرآن.
وأشار "فاروق" إلي دور دار الإفتاء من خلال فتواها للتوفيق بين الزوجين وتقديم النصيحة للآباء والشباب حول أهمية التضافر الأسري، مشيراً إلي أن "الإفتاء" تحاول جمع الأسرة من خلال الفتاوي، وهى منفتحة على جميع الجهات ومستعدة للتعاون في إطار الدراسة البرلمانية.
فيما أكد الدكتور حسن خليل، رئيس الادارة المركزية للثقافة الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أن ظاهرة "العنف الأسري" غريبة عن المجتمع المصري، ويقوم الأزهر في هذا الإطار بجهد كبير من خلال وقوف الوعاظ جنبا إلي جانب الائمة والدعاة لتأتي الجهود مكتملة في المؤسسات الدينية في مصر لدحض الظاهرة.
وقال خليل، إن الأزهر يقوم بعدة اتجاهات لمجابهة هذه الظاهرة في مقدمتها الجانب الدعوي من خلال الندوات التوعوية والتثقيفية للوعاظ في قصور الثقافة والمدارس ومراكز الشباب عن مكارم الاخلاق والتراحم، فضلا عن رواق الأطفال بالأزهر حول السلوكيات النافعة، مشيراً إلي المقالات أيضا التي تزخر بها مجلة الأزهر فضلا عن إيضاحات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في كافة اللقاءات العالمية والمحلية وتأكيده علي مكانة المرأة ودورها الفعال في قيادة الأسرة لبر السلام.
مشيرة خطاب : الزيادة السكانية "مُرعبة" ولها انعكاس واضح في تنامي "العنف الأسري"
من جانبها، أكدت السفيرة مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، مسئولية الزيادة السكانية وانعكاساتها علي تنامي ظاهرة "العنف الأسري"، مشددة علي أهمية تطبيق التشريعات المصرية فيما يتعلق بتلقي النشء للتعليم، و أن حرمان الأطفال من الحقوق التي كفلتها الدولة وفي مقدمتها التعلم، جريمة يجب محاسبة من يقترفها.
وقالت خطاب، في كلمتها، إن الدراسة البرلمانية ذات منهجية رائعة، وتمخضت عن الحوارات حولها عن دراسة رشيقة جديرة بالتنفيذ، و هناك جانب خطير مرتبط بالعنف الأسري موجه ضد الأطفال ويتمثل في عمالتهم، مشيرة إلي أن الدولة مهمومة بمواجهة قضية الزيادة السكانية ونوعيتها التي تكرس وتزيد بدورها للفقر والأمية.
ووصفت مشيرة خطاب، الزيادة السكانية بـ"المخيفة" فرغم الانجازات الوطنية الني نتابعها للنهوض بحياة المواطن نجد أن الزيادة تصل إلي 250 ألف نسمة في 56 يوم، وهو أمر "مرعب" علي حد وصفها، مشددة علي أهمية تطبيق القوانين المصرية والإصرار علي ذهاب الأطفال للمدارس ومنع استغلالهم، مما ينعكس إيجابيا في ضبط الزيادة السكانية وبالتالي خفض معدلات العنف الأسري والاتجار بالبشر، لاسيما وما نشهده من سوق سوداء موازية للإتجار بالبشر.
ودعت خطاب، إلي وقفة جادة لضمان تنفيذ القوانين المصرية، وحقوق كل انسان مهما قل شأنه أو ضعفت إرادته، لافتة إلي أهمية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان التي تعلي كافة مبادئ حقوق الانسان وتحقيق الكرامة الإنسانية.
وتعقيبا علي تأكيد رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق أهمية التضافر بين جميع الجهود لاسيما وان الملاحظة الغالبة مع حرص المجلس الاستماع لكافة الأطراف، أن هناك افتقاد للتنسيق بين كافة الجهات في حين أن القضية أكبر من أن يتم تناولها جزئيا، قائلاً : "لا أهيب أن استخدم أننا أمام جزر مٌنفصلة"، داعيا إلي مبادرة من لجنة حقوق الانسان بالمجلس حتي يجري مؤتمر سنوي أو بشكل دوري يجمع كافة الاطراف للتنسيق مما يؤدي إلي نتائج افضل، أكدت السفيرة مشيرة خطاب، وضع خطة قومية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مشيرة إلي التعاون المثمر مع وزارة التربية والتعليم والمجلس القومي للأمومة والطفولة للتصدي لظاهرة "العنف الأسري" علي وجه التجديد.
واشادت "خطاب" علي جهود وزير التربية والتعليم رضا حجازي، منذ تولية المسئولية بقضية التسرب من التعليم، مشيرة إلي أن هناك مزيد من التنسيق وتضافر الجهود عما سبق، فالسياسات والتشريعات والمساعدات قائمة، وهناك دور هام يجب أن يلعبه المجتمع المدني والإعلام في مجال التوعية وتغيير الثقافات.
ولفتت مشيرة خطاب، إلي مبادرة "حياة كريمة" التي تعد أكبر برنامج للوفاء من الدولة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
وفي سياق متصل، لفتت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلي أهمية خروج قانون للأحوال الشخصية يقوم علي المادة 53 من الدستور، التي تكرس لتساوي المواطنين في الحقوق والحريات والواجبات العامة، الأمر الذي سينعكس بدوره علي قلة معدلات "العنف الأسري"، لاسيما وأنه يدور بين جنبات الدولة اليوم حوار مجتمعي حول التشريع الجديد.
وقالت "خطاب" إنها شاركت في الحوار القومي الذي أقامه اتحاد نساء مصر حول مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي تبناه مجلس الوزراء، ونهدف أن يكرس ما جاء بالدستور من حيث التساوي في التمتع بالحقوق، فإذا شعر أفراد الاسرة أنهم متساوون ستقل معدلات العنف الأسري، مشددة علي ضرورة التجرد عند الحديث عن هذه القضية، والتعبير عمن لا صوت لهم حيث الأطفال.
واشارت مشيرة خطاب إلي حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أطلق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان علي الارتفاع في كل مناسبة بحقوق الانسان، وتأكيده أنه لن يوقع علي قانون للأحوال الشخصية لا ينصف المرأة، وهذا مؤشر يساعد المجتمع المدني ويدعوه إلي التوافق.
وفي سياق الدراسة البرلمانية، أكدت مشيرة أنها كاشفة لحال الاسرة المصرية، يجب أن تكون المرشد لنا جميعا بصرف النظر عن مواقعنا، مشيرة إلي أن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان قفزة كبيرة للأمام.
وشددت رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان، علي أهمية دور وسائل الاعلام فيما يعرض علي الشاشة الفضية التي تدخل كافة البيوت المصرية، مما يستوجب أن تكرس موادة لاحترام حقوق الانسان.
نواب: الاهتمام بالأخلاق والقيم بالمجتمع والمناهج الدراسية سيواجه العنف الأسرى
وخلال الجلسة أكد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، أن تنامي ظاهرة العنف الأسري السبب الرئيسي فيها انهيار الأخلاق والقيم فى المجتمع، مطالبين بالاهتمام بالقيم والأخلاق فى المناهج التعليمية وعودة دور الأسرة.
وقال النائب فاروق المقرحي: "أين ذهبت الأخلاق، أين ذهب احترام الكبير والعطف على الصغير، لابد أن نتحدث عن الأخلاق، لماذا انهارت الأخلاق فى المجتمع، أين الأسرة وتماسكها ومكانة الأب والأم فيها، واحترام الأبناء لبعضهما البعض، حاليا الآباء لا يسيطرون على الأبناء، ما يحدث فى المجتمع عيب فينا".
وعقب رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق: "أضم صوتى لك، البحث عن الأسباب وليس العوار فى الظواهر فى مجملها، لكن طالما أن هذه الأمور هناك اتفاق على أنها داخليا بيننا لابد من مقاومتها للعودة إلى ما كنا عليه".
من جانبه، قال الدكتور عبد المنعم سعيد، إن ظاهرة العنف الأسري هي ظاهرة عالمية، وهناك زيادة فى العنف الأسري، ومعالجة ذلك من خلال زيادة الطاقة المجتمعية ومعدل النمو، متابعا: التكنولوجيا لها وظائفها والإعلام له وظائفه، والفن له دوره، وهناك قوانين صدرت نتيجة أفلام وفنون".
وقال النائب محمد شبانة، إنه يجب الاهتمام بعودة الأخلاق والقيم فى المجتمع، وتابع: "ظاهرة العفن الأسري تحتاج إلى الاهتمام بمعالجة أسبابها، فهناك عدم تقدير للرموز وعدم إظهار ذلك فى وسائل الإعلام والدراما، مجتمع أخلاقه متراجعة بهذا الشكل، ناس تشغل وتقارير تكتب ومفيش نتائج، العنف الأسري حاليا الظروف الاقتصادية والأب والأم مشغولين، وأسباب أخرى، ولابد من ضبط هذا الأمر ومعالجة الأخطاء".
فيما قال، النائب جميل حليم: "ممثل المجلس القومي للمرأة رغم أنه أشاد بتقرير اللجنة لكنه أعاب أنه لم يستند على المادة 10 من الدستور، لكنى أقول له راجع التقرير وستجد السند التشريعي فى التوصيات بالتقرير تستند إلى المادة 10 تحديدا، وبعض الزملاء أعابوا أن التقرير لم يتضمن تعريفا للعنف الأسري، لكن لو رجعوا للمحور الأول فى التقرير سيجدون تعريفا للعنف الأسري".
وتابع: "الدراسة مهمة جدا وتهم الأسرة المصرية لأن ظاهرة العف الأسري تهدد البناء السليم للأسرة، الوعي الديني مهم، ومراجعة المناهج فى المدارس والاهتمام بالقيم التى تربينا عليها فى المدارس".