ـ التواصل مع إسرائيل فى المنطقة «ج» المصرية يقابل تواصل تل أبيب مع القاهرة فى المنطقة «د» الإسرائيلية
2017.. الرئيسى السيسى يعلن عبور 41 كتيبة للمشاركة فى العمليات بعدد مقاتلين 25 ألفا
2021.. القوات المسلحة تعلن تعديل الاتفاقية الأمنية وزيادة عدد القوات رسميا
2023.. مصر تعلن سيناء خالية من الإرهاب وبدء اصطفاف وطنى لمعدات التعمير والتنمية
يقول اللواء فؤاد حسين، مؤلف كتاب شبه جزيرة سيناء المقدسة: «تعتبر سيناء أرض المتناقضات، فهى أكثر بقاع العالم تعرضا للهجمات منذ بدء التاريخ»، وفى موضع آخر من كتابه الهام عن سيناء يذكر بأن سيناء تعتبر أرض المعجزات الإلهية ففيها حدثت أكثر من 13 معجزة إلهية لم تحدث فى مكان آخر بالعالم، وتلك المعجزات منها على سبيل المثال عصا موسى وانفلاق البحر وتجلى الله على جبل الطور وغيرها من المعجزات التى يسجلها التاريخ والدين، وفى ظل تلك الأهمية التاريخية وكذلك مستقبل سيناء، ومع التأكيد المباشر أن مظاهر الإرهاب قد اختفت فى سيناء، إلا أن فكرة الإرهاب نفسها تظل موجودة، ويجب الانتباه إليها، لذلك فهناك حديث متواصل من الرئيس السيسى عن سيناء، وحول ما جرى فيها، يؤكد ذلك الخطاب الرئاسى المعلن بأن الحصول على الحقوق لا يأتى بالأمنيات على الإطلاق، بل هناك تضحيات مستمرة بالنفس والمال، لتحقيق النتيجة المطلوبة، وهو الأمر الذى حدث حرفيا فى طريق السيطرة على سيناء بالكامل، حيث وقع فى سبيل الحفاظ عليها أكثر من 3 آلاف شهيد، وصرفت الدولة على عمليات المواجهة ما يقرب من مليار جنيه شهريا، فى فترة تجاوزت التسع سنوات تقريبا، كانت الدولة تسير فى طريق مجابهة الإرهاب جنبا إلى جنب مع أعمال التنمية والتطوير، التى تكلفت تقريبا أكثر من 610 مليارات جنيه.
سيناء.. بلد يعيش فيها الإنسان على الفطرة
رحلة الحفاظ على سيناء لا يمكن إجمالها فى رقم أو رقمين، وإن كانت الأرقام وسيلة رئيسية للتعبير عن النتائج، إلا أن سيناء تحديدا لها بعدا خاصا يتعلق بالأمن القومى المصرى، فهى تشكل أكثر من 6 % من جملة مساحة مصر، وهى مساحة تعادل مساحة أكثر من 13 محافظة مجتمعة، والسيطرة على ذلك الامتداد الكبير ليست سهلة، فى ظل طبيعة جغرافية مختلفة بين المنطقة والأخرى، فمناطق وسط سيناء تختلف عن الشمال والجنوب وهكذا، كما أن الطبيعة القبلية نفسها تختلف بين منطقة وأخرى، حيث يتوطن سيناء عدد كبير من القبائل ومن أشهرها قبائل الترابين والسواركة والرميلات والحويطات والبياضية والتياهة، وغيرها من القبائل التى تمتد شمالا وجنوبا، ويندرج تحت كل قبيلة عدد من البيوت والعواقل، ودعنا نتذكر قول نعوم شقير فى كتابه عن سيناء: «لقد نصحت المتعبين من كثرة الأشغال وجلبة المدن أن يتنزهوا فى سيناء، وهى بلد عربى محضة يعيش الإنسان فيها على الفطرة كأنه معاصر لإبراهيم وموسى وله عقل الشيوخ وقلب الأطفال».
قبائل سيناء.. رمانة الميزان فى الحرب على الارهاب
الشيخ ما هى بالجوخة... ولا بكبر العباية يا بنية
الشيخة كب القهاوى.. زى العيون الروية
الشيخة جر المناسف «الأكل».. فى السنين الروية
فى ظل تلك الرحلة الممتدة كان التوجيه المعلن من الرئيس السيسى بضرورة الحفاظ على التواصل مع قبائل سيناء، واعتبار أن ذلك ثقافة لا يمكن إغفالها على الإطلاق، مع الانتباه الجيد لكل ما يدور وعدم ترك السلاح فى سبيل الحفاظ على أمن سيناء بالكامل، وهذا ربما ما ذكره نعوم بك شقير «تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها»، الصادر عام 1916، وبالمناسبة هو أحد أهم المراجع التى أوردتها لجنة عودة طابا واعتمدت على ما ذكر فيه، يذكر واقعة حول الضيافة بأنه فى عام 1905 ذهب للقاء بعض المشايخ، فاختلفوا فيما بينهم على من يضيفه، وكل منهم يريد ضيافته، فذهبوا لشيخ القبيلة ليحكم بينهما وحكم لصالح واحد منهما، ويضيف «شقير» بأن المضيف له لا يجلس يأكل بل وقف يخدم الناس حتى ينتهوا وذهب بالأكل للنساء فى الخيم أيضا.
أبناء سيناء.. عماد الشركات الوطنية العاملة فى أرض الفيروز
وفكرة التواصل مع القبائل والشباب فى سيناء، والاعتماد عليهم بشكل رئيسى فى المشروعات القومية، بالإضافة إلى اعتبار أن الشركات الوطنية من أبناء سيناء هى القوام الرئيسى لأى تحركات يمكنها أن تتم فى سيناء بالكامل، حيث قدم هؤلاء التضحيات الكبيرة جنبا إلى جنب مع أشقائهم من رجال الشرطة والجيش المصرى، وهى المعركة الممتدة على مدار عشر سنوات أو تزيد، واستطاعت فيها الدولة المصرية أن تعلنها وبشكل واضح بأن الإرهاب أصبح تاريخا، بل وشهد الرئيس السيسى خلال الفترة الأخيرة اصطفافا وطنيا للمعدات التى عبرت إلى سيناء لزيادة مجالات التعمير والتنمية فيها.
دراسة بحثية تؤكد: أهالى سيناء كلهم أبطال
وأتذكر حينما كنت أتحدث لمواطن سيناوى فى إحدى الزيارات السابقة لسيناء حول شعوره بعد عودته لأرضه ومنزله، ذكر سياقا مختلفا تماما، حينما قال «شعرت بالغربة فقط حينما غادر الكمين محيط أرضنا، فلقد تعودنا عليه وعلى الضباط والجنود، إلا أن الإجراءات الأمنية الحالية خففت من القيود لذلك تحرك الكمين من حدود أرضنا»، وهو شعور تلقائى بالارتباط الناشئ بين أهالى سيناء وأبطال ومقاتلى الشرطة والجيش، وفى ذلك تقول الباحثة داليا هشام فهمى، فى رسالتها للماجستير عن أهالى سيناء والمنشورة فى جامعة عين شمس 2021، بأن البطولات التى قام بها أهالى سيناء عبر التاريخ كثير ولا جدال فيها حتى أنه لا يمكن حصرها، ولا تقتصر تلك البطولات على قبيلة أو فئة معينة، فكل أهالى سيناء أبطال.
الرئيس السيسى يكشف وضع سيناء فى 2011
فى الندوة التثقيفية الأخيرة للقوات المسلحة، والتى حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى، تحدث خلالها عن ظروف المواجهة مع الأوضاع والإرهاب فى سيناء خلال عام 2011، قائلا: «قبل عام 2011 مش حصل تدخل من الجيش والشرطة للتعامل مع الوضع هناك.. طبعا كان فيه ظروف واتفاقيات.. الموضوع أن القوات اللى موجودة شرطية محدودة.. وقوات الجيش على خط «أ» بس.. وفضل الموضوع كده.. وظهرت المؤامرة بأبعادها الكاملة فى 2011.. والناس مشغولة فى الميدان.. كان يتم تخريب تواجد الدولة المصرية هناك والقضاء عليه.. أقسام ومديريات وكل ما يتعلق بمصر.. واتعمل ولاية.. واتعمل قضاء شرعى على قد تعبيرهم يعنى.. وحاجات من هذا الأمر».
وأضاف الرئيس السيسى، خلال كلمته بالندوة التثقيفية الـ37 للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد: «يوم 28 يناير عام 2011 بقت الأمور خارج السيطرة.. الله يرحمه سيادة المشير طنطاوى.. قولت له يا فندم.. ممكن يكون فيه مشكلة كبيرة جدا.. لو الأمر استمر كده.. ممكن يعملوا عمليات عبر الحدود ضد إسرائيل.. وإسرائيل ترد ويبقى صراع كبير ومشكلة كبيرة.. وجاء القرار من سيادة المشير الدخول بقوات.. وعملنا إجراءات مع إسرائيل لدخول القوات فى العريش ورفح والشيخ زويد.. للسيطرة على الموقف هناك.. ده بسجلوا للتاريخ.. وفى إسرائيل تفهموا ده.. قالوا بس ادونا الخبر بالقوات قد إيه.. ونسقوا معانا.. واستمرينا من الوقت ده لغاية دلوقتى.. يمكن حجم القوات اللى كان موجود خلال الـ8-9 سنوات دول.. من 2011 لغاية النهاردة.. زادت القوات كل مرة علشان نتعامل مع التحديات اللى موجودة هناك.. وفى لقاء سابق قولت اوعى عينكم تغفل أو تنام على حاجة جوه مصر.. مش بس كده كمان انتبه أى حاجة ممكن تمسنا بره مصر».
مصر وإسرائيل.. تنسيق مؤسسى لحماية المصلحة القومية
وفى ذلك المسار حول سيناء وفكرة استهدافها، يقول الدكتور جمال حمدان فى كتابه «سيناء فى الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا»، إن هناك عدو ما يشكك فى الماضى بطريقة ما فى مصرية سيناء، ويطمع فيها بصورة وأخرى سواء بالضم أو السلخ أو العزل وغير ذلك مثل البيع والشراء، وفى موضع آخر يقول عن وصف سيناء: «لا يوجد مبرر أو حيرة، فسيناء على المستوى الطبيعى أفريقية أكثر مما هى آسيوية، وهى مصرية أكثر وأكثر من كونها عربية».
إذا فعملية التنسيق الأمنى فى سيناء مع الجانب الآخر هى عملية مؤسسية ترغب فيها الدولة لتأمين قواتها بشكل رسمى ومعلن، حتى يمكنها التعامل بأريحية لمجابهة الإرهاب، ولعل الرقم الكبير الذى أعلنه الرئيس السيسى فى مداخلة هاتفية عام 2017 حول كتائب الجيش المصرى التى دخلت سيناء بعد 2013 لمجابهة الأرهاب قد وصلت لأكثر من 41 كتيبة تضم ما يقرب من 20 ألفا إلى 25 ألف مقاتل فى الجيش المصرى، وهو التحرك الذى كان يستلزم التنسيق مع الجانب الإسرائيلى فى ظل التزام دولى متعلق باتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام بالملاحق الأمنية.
فى سفر الخروج إصحاح 19 يقول: «فى الشهر الثالث بعد خروج بنى إسرائيل من أرض مصر.. فى ذلك اليوم جاءوا إلى برية سيناء»، وفى سورة المؤمنين فى القرآن الكريم يقول الله تعالى: «وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين».
التنسيق المتبادل.. معاهدة السلام تلزم الطرفين بالتنسيق
فى ظل تأكيد تام من القيادة السياسية المصرية على احترام المواثيق والمعاهدات المبرمة، وانسحاب ذلك على اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع الجانب الإسرائيلى، فإن ذلك الأمر يستدعى من مصر كما يستوجب على أى دولة تحترم المواثيق الدولية، أن تحترم الاتفاقية وبنودها والتى قسمت المنطقة بين مصر وإسرائيل إلى 4 مناطق رئيسية، هى «أ» و«ب» و«ج» و«د»، والمنطقة الأخيرة تقع فى العمق الإسرائيلى، ولذلك يجب الوقوف هنا على أن تلك المناطق الأربع محددة القوات والأعداد، لذلك فإن ما ينطبق على المناطق التى تقع فى مصر ، ينطبق على المنطقة «د» التى تقع فى إسرائيل، وفيها عدد قوات معلن ومحدد ولا يمكن تغييره إلا بتنسيق رسمى مع مصر.
القوات المسلحة تعلن فى نوفمبر 2021 تعديل بنود فى الاتفاقية الأمنية مع إسرائيل
ولا يمكننا إغفال بأن النتيجة المنطقية لتطوير عدد القوات فى سيناء خلال فترة العشر سنوات الأخيرة، أن تصدر القوات المسلحة المصرية بيانا فى نوفمبر 2021، والذى أعلن نجاح اللجنة العسكرية المشتركة بناءً على الاجتماع التنسيقى مع الجانب الإسرائيلى فى تعديل الاتفاقية الأمنية بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكانياتها فى المنطقة الحدودية بمنطقة رفح.
وأضاف بيان للقوات المسلحة حينها إن ذلك يأتى فى ضوء المساعى المصرية للحفاظ على الأمن القومى المصرى، واستمرارا لجهود القوات المسلحة فى ضبط وتأمين الحدود على الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى، وفى إطار اتفاقية دولية بما يعزز ركائز الأمن، طبقا للمستجدات والمتغيرات.
وذلك البيان تحديدا يشير إلى السير فى مسارات رسمية وقانونية فى عملية التنسيق، ويشير إلى أن التعديل فى بنود الاتفاقية الأمنية بهدف تأمين القوات فى تحركاتها، وربما يكون أداة ووسيلة للنقاش المستمر الذى قد يسفر عن تعديلات أخرى متى استدعت الحاجة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة