سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مارس 1965.. عبدالناصر وجيفارا يخطبان أمام عشرات الآلاف فى مؤتمر شعبى بمدينة شبين الكوم

الجمعة، 10 مارس 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مارس 1965.. عبدالناصر وجيفارا يخطبان أمام عشرات الآلاف فى مؤتمر شعبى بمدينة شبين الكوم عبدالناصر وجيفارا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احتشد عشرات الآلاف من أبناء محافظة المنوفية فى المؤتمر الشعبى الكبير الذى أقيم بمدينة شبين الكوم، لاستقبال الرئيس جمال عبدالناصر والمناضل العالمى جيفارا، وكان وقتها وزيرا للصناعة فى كوبا، ووصل عبدالناصر وضيفه وأنور السادات رئيس مجلس الأمة إلى المؤتمر، الساعة السادسة والثلث مساء 10 مارس، مثل هذا اليوم، 1965، حسبما تذكر الأخبار فى عددها 11 مارس 1965.
 
كان جيفارا فى زيارة إلى مصر بدأت من 2 مارس 1965، وكان عبدالناصر يزور المحافظات ويعقد مؤتمرات شعبية، لتجديد انتخابه رئيسا للجمهورية، وفى هذا السياق، كان مؤتمره فى شبين الكوم، الذى سبقه افتتاح مصنع «شبين الكوم للغزل والنسيج » وتجول مع ضيفه بين ماكينات الغزل، وتناول الغذاء فى منزل أنور السادات بقرية ميت أبوالكوم.
 
خطب السادات وجيفارا ثم ألقى عبدالناصر خطابه، وتذكر الأخبار أن جيفارا وجه فى كلمته الشكر إلى عبدالناصر لإتاحة الفرصة له لحضور المؤتمر، وأكد تضامن شعب كوبا مع الشعوب العربية والأفريقية ضد الاستعمار، وقال: تأكدوا أنه لو حدث أى اعتداء ضدكم، فإن فى الطرف الآخر من البحر جزيرة تعلن تضامنها معكم.. وأضاف:  «عندما كنت فى صحبة الرئيس اليوم فى السيارة، وفى طريقنا إلى هنا كانت السيارة لا تستطيع أن تسير لأن الجماهير كانت تتدافع وتمنعها من الوصول إلى مكانها، هذا فى مدينتكم، وبالنسبة لنا ما هو أهم من الانتخابات نفسها هو شعور الشعب الذى لا يمكن صناعته أو إظهاره بما هو ليس عليه. إن الشعب يحيط الرئيس طوال الطريق بالحرارة والمحبة والثقة. إن حب هذا الشعب هو الجائزة الأولى أوالهدية الأولى التى يمكن إعطاؤها لزعيم ثورتكم، ليس هناك أدنى شك فى نتيجة الانتخابات، وأقول لكم أيضا إننى باسم الشعب الكوبى يمكننى أن أقول للرئيس جمال عبدالناصر إنه يمكنه الحصول على أصوات شعب كوبا إذا ما جرت الانتخابات فى كوبا ».
 
كانت المناضلة شاهندة مقلد، والشاعر حلمى سالم شاهدين على هذه الزيارة، فهما من أبناء المنوفية، وسجلا ذكرياتهما عنها، تذكر «مقلد » فى مذكراتها «من أوراق شاهندة مقلد »، أن موكب عبدالناصر وجيفارا كان سيمر من قريتها، كمشيش، فجمعت مجموعة من الفلاحين رفعوا لافتة مكتوبا عليها: «نحن معزولون عنك منذ سنوات يا جمال عبدالناصر.. وممنوعون من الكلام معك.. ونحن نمثل هنا قريةً ثورية، ونقف إلى جانبك»، وعندما توقفت السيارة عند الجسر هتفت:  «نحن نريد أن نتحدث إليك يا عبدالناصر »، وسلمت عليه وقدمت إليه رسالة بمطالب الفلاحين، ثم خاطبت جيفارا قائلة: «نحن فلاحو قرية كمشيش الثورية»، ولما ترجموا إليه كلامها، هب واقفا ورفع قبضته تحيةً لها، فصفق الفلاحون وأطلقوا عاصفة هتافات دون أن يعرفوا هوية الضيف.
 
أما الشاعر حلمى سالم، فتنقل الزميلة نضال ممدوح فى «الدستور، 28 يوليو 2022»، ذكرياته عن هذه الزيارة من سيرته «مدن لها قلوب»، قائلا: «كان ذلك عام 1965، كنت فى السنة الثانية الإعدادية بمدرسة عبدالعزيز فهمى بكفر المصيلحة، وذات صباح، ذاع نبأ بأن جمال عبدالناصر وجيفارا سيزوران شبين الكوم اليوم، وستخرج المدارس كلها فى استقبالهما، كان جيفارا صيته مدويا كقائد ثورى عالمى فاتن، كنا نتابع أخبار ثورة جيفارا بإعجاب مفتون، مناهضته للاستعمار الأمريكى فى كل مكان، تركه عمله كطبيب فى الأرجنتين، وتنقله بين بلاد أمريكا اللاتينية المقهورة من أجل نفى القهر والاستغلال، الطابع الأسطورى لمغامراته النضالية، شكله الملحمى باللحية والشارب والكاب والشعر الطويل، والنظرة الملهمة ».
 
يتابع «سالم »: «فى ذلك اليوم المشهود، جمعوا أبناء مدرستنا، ونقلوهم فى مراكب صغيرة، منذ الصباح الباكر إلى الضفة الثانية من النهر بأقصى جنوب شبين الكوم، لاستقبال الزائرين، وكان من حظ تلاميذ مدرستى أن جاءت وقفتهم، بالضبط، فى النقطة من جنوب المدنية، التى سينزل عندها الرجلان من سيارتهما السوداء المغلقة ليستقلا سيارتهما السوداء المكشوفة، ويدخلان المدينة، واقفين، لتحية الجماهير التى احتشدت فى كل متر من أقصى جنوب المدينة إلى أقصى شمالها حيث المصنع والاستاد ».
 
يضيف: «وقفنا على الطريق، قرابة أربع ساعات حتى جاء الموكب المهيب، جرفتنا هيستريا عاصفة، نحن أمام ناصر وجيفارا دفعة واحدة، أطاح بنا الجنون، كسرنا سياج الحرس الذى نقف وراءه، واندفعنا كالشلال إلى السيارة والرجلين، وهما يترجلان من السيارة المقفولة، ويخطوان خطوات قصيرة إلى السيارة المفتوحة، فى هذه اللحظة بالضبط رأيت عينى عبدالناصر، وعينى جيفارا، أربع حدقات نافذات عميقات، تهزان العالم كله- حينئذ- هزا، كان الحراس يضربوننا ليمنعوننا من الاندفاع على الرجلين، ونحن لا نعير الضرب اهتماما، أشار ناصر إلى الحراس أن يتركوا التلاميذ فتراجع الحرس، وانهمرنا على القائدين، صافحناهما ولامسناهما، ونحن ننكب عليهما بأجسادنا الصغيرة وسط تدافع مريع، وفتح خبراء الاتحاد الاشتراكى العربى الأقفاص التى كانوا يحملونها، فانطلقت عشرات الحمامات فى الأفق وعلى سطح النهر وفى القلوب».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة