لا تزال أسواق النفط فى مقدمة الملفات الأكثر أهمية خاصة مع تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتتحكم فى تلك الأسواق منظمة الأوبك وتحالف الأوبك+، فما اتخذته من قرارات فى الآونة الأخيرة أثر على قطاع الطاقة بشكل أساسى، ولا يزال العالم يترقب القرارات المستقبلية التى تحكم وجهة سوق البترول، وبالتالى تقديرات الاقتصاد العالمى، فقرار منظمة أوبك بلس الذى اتخذته فى أكتوبر الماضى خفض الإنتاج بمقدار 2 مليون برميل يوميًا سوف يستمر حتى نهاية عام 2023.
ضغوط تضخمية
ومن جانبه، أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة، وفق حديثه مع "إنيرجى إنتلجينس"، أن هناك العديد من العوامل التى تؤثر فى توجهات السوق، وتشير التقديرات إلى أن الاقتصاد العالمى سيواصل نموه هذا العام والعام المقبل، لكن ما زال هناك عدم يقين حول وتيرة النمو، إضافةً إلى ذلك بدأت الصين مؤخراً مرحلة التعافى بعد عمليات الإغلاق الممتدة لفترات طويلة إثر جائحة فيروس كورونا، لكن المدة اللازمة للتعافى لا تزال غير واضحة.
ويتسبب التعافى الاقتصادى بضغوط تضخمية، وهذا قد يدفع البنوك المركزية إلى تكثيف جهودها للسيطرة على التضخم.
والتداخل بين هذه العوامل وغيرها يحد من الوضوح، والإجراء المعقول والوحيد الذى يمكن اتباعه فى مثل هذه البيئة المحفوفة بعدم اليقين هو الإبقاء على الاتفاقية التى أبرمناها فى أكتوبر الماضى لبقية هذا العام، وهذا ما نعتزم القيام به، إذ يجب علينا أن نتأكد من أن المؤشرات الإيجابية مستدامة.
وهناك من لا يزال يعتقد بأننا قد نعدل الاتفاقية قبل نهاية العام، وأقول لهم أن عليهم الانتظار إلى يوم الجمعة 29 ديسمبر 2023 ليشهدوا التزامنا التام بالاتفاقية الحاليّة.
مشروع قانون "نوبك"
أضاف وزير الطاقة السعودى، أن هناك اختلافا كبيرا بين مشروع قانون نوبك والتوسع فى فرض سقف الأسعار، ولكن تأثيرهما المحتمل على سوق البترول متشابه، إذ تضيف مثل هذه السياسات مخاطر جديدة وغموضا أكبر فى وقت تشتد فيه الحاجة إلى الوضوح والاستقرار، ويجب أن أؤكد مجددًا وجهة نظرى التى صرحت بها فى أغسطس وسبتمبر، حيث أكدت أن مثل هذه السياسات ستؤدى لا محالة إلى تفاقم عدم استقرار السوق وتقلباته وهذا سيؤثر سلبًا فى صناعة البترول، وفى المقابل، بذلت أوبك بلس قصارى جهدها ونجحت فى تحقيق استقرار وشفافية عالية فى سوق البترول، لا سيما بالمقارنة مع جميع أسواق السلع الأخرى.
ولا يراعى مشروع قانون نوبك أهمية امتلاك احتياطى من القدرة الإنتاجية وتبعات عدم امتلاك هذا الاحتياطى على سوق البترول، ويضعف مشروع قانون نوبك الاستثمارات فى القدرة الإنتاجية للبترول، كما سيتسبب فى انخفاض العرض العالمى بشدة عن الطلب فى المستقبل، وسيكون تأثير ذلك ملموساً فى جميع أنحاء العالم، فى الدول المنتجة والمستهلكة وكذلك فى صناعة البترول.
وهذا ينطبق أيضًا على سقف الأسعار، سواء فرض على دولة أم مجموعة دول، وعلى البترول أو أى سلعة أخرى، حيث سيؤدى إلى ردة فعل معاكسة فرديًا أو جماعيًا مع تداعيات غير مقبولة تتمثل بالتقلبات الكبيرة وعدم الاستقرار فى الأسواق. لذا، فإنه إذا تم فرض سقف للأسعار على صادرات البترول السعودية فلن نبيع البترول إلى أى دولة تفرض سقف أسعار على إمداداتنا، وسنخفض إنتاج البترول، ولن استغرب إذا قامت الدول الأخرى بنفس الإجراء.
وأكد أن احتياطى القدرة الإنتاجية ومخزونات الطوارئ العالمية يشكلان شبكة أمان أساسية لسوق البترول فى مواجهة الصدمات المحتملة، وقد حذرت مرارًا وتكرارًا من أن نمو الطلب العالمى سيفوق المستوى الحالى من احتياطى القدرة الإنتاجية العالمية، فى الوقت الذى تعدّ فيه احتياطيات الطوارئ فى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
لهذا السبب من المهم أن تطبق سياسات تدعم الاستثمارات المطلوبة لزيادة القدرة الإنتاجية فى الوقت المناسب، والحفاظ على مستويات مخزونات الطوارئ العالمية لتكون كافية ومناسبة.
وقد شرعنا فى المملكة العربية السعودية بصورة استباقية فى توسيع قدرتنا الإنتاجية بحيث تصل إلى 13.3 مليون برميل فى اليوم بحلول عام 2027، والعمل على هذا التوسع هو الآن فى المرحلة الهندسية، ومن المتوقع أن تدخل الزيادة الأولى من هذه التوسعة حيّز العمل فى عام 2025.
الإنتاج الروسى
وعلى صعيد متصل، قد أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بأن إنتاج النفط الروسى، باستثناء مكثفات الغاز، انخفض فى يناير مقارنة بديسمبر 2022، بمقدار 88 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 9.7 مليون برميل يوميا.
وكانت مجموعة الدول السبع قد أعربت عن رغبتها فى إبقاء سعر الخام الروسى عند 60 دولارا للبرميل، وذلك بعد أن حذرت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء فى التكتل إلى موقف مجموعة السبع، وقالت أن الرئيس الأمريكى جو بايدن أبلغ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأسبوع الماضى، بعدم وجود رغبة لدى واشنطن لتعديل العقوبات المفروضة على النفط الروسى.
وقد تراجعت عائدات النفط الروسية تراجعت بنسبة 42٪ على أساس سنوى فى فبراير، تحت تأثير عقوبات مجموعة السبع والاتحاد الأوروبى، على الرغم من أن البلاد تتاجر بنفس الحجم تقريبا من النفط الخام.
ووفقا للتقديرات فإن روسيا كسبت 11.6 مليار دولار فى فبراير مقارنة بـ14.3 مليار دولار فى يناير ونحو 20 مليار دولار قبل عام، مع استمرار البلاد لإرسال نفس الكمية من النفط إلى الأسواق العالمية، وهو ما يدل على أن نظام عقوبات مجموعة السبع سمح بعدم تقليص المعروض العالمى من النفط الخام والمنتجات النفطية، لكنه حد من قدرة روسيا على تحقيق عائدات التصدير".
وبلغ إنتاج النفط الروسى فى فبراير تقريبا نفس المستويات التى كان عليها قبل الصراع. وانخفضت الصادرات 500 ألف برميل / يوم إلى 7.5 مليون برميل.
وكان زعماء دول مجموعة السبع، هددوا بتكاليف باهظة للدول التى تواصل مساعدة روسيا على التهرب من العقوبات الدولية التى فُرضت عليها بسبب حرب أوكرانيا، كما حذرت موسكو من استخدام اى أسلحة نووية.
وقال قادة مجموعة السبع: "ندعو الدول الثالثة أو الجهات الفاعلة الدولية الأخرى" التى تحاول التهرب أو تقويض تدابيرنا لوقف تقديم الدعم المادى لحرب روسيا، أو تعريض نفسها لـ "تكاليف باهظة".
كما اعتبر بيان مجموعة السبع أن "خطاب روسيا النووى غير المسؤول غير مقبول، وأى استخدام روسى للأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو الإشعاعية أو النووية سيكون له عواقب وخيمة." وهى "تأسف بشدة" لقرار روسيا تعليق مشاركتها فى معاهدة البداية الجديدة لنزع السلاح.