بحذر واهتمام كبير، تراقب واشنطن الزيارة التى يقوم بها الرئيس الصينى شى جين بينج لروسيا، فى ظل قلق أمريكى بالغ من التحالف بين القوتين العظمتين المنافستين لها بقوة على الساحة العالمية. ففى الوقت الذى تدخل الولايات المتحدة فى مواجهة مع كل منهما على حدة وسعى قوى من جانبها لإضعافهما، فإن التقارب والتحالف بينهما قد يصعب مهمتها بشكل كبير.
وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية تناولت زيارة الرئيس الصينى لروسيا ولقاءه بنظيره فلاديمير بوتين فى موسكو، ووصفتها بأنها دفعة سياسية للرئيس الروسى (المعزول) بعد أن اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب فى أوكرانيا.
ورأت الوكالة أن الصين تنظر إلى روسيا كمصدر للنفط والغاز لاقتصادها المتعطش للطاقة، وأيضا كشريك فى معارضة الهيمنة الأمريكية على الشئون العالمية.
ويمنح هذا اللقاء بوتين وشى فرصة لإظهار أن لديهما شركاء أقوياء فى وقت تتوتر فيه علاقتهم بواشنطن، بحسب ما يقول جوزيف توريجيان، الخبير فى العلاقات الصينية الروسية فى الجامعة الأمريكية بواشنطن.
وأضاف توريجيان أن الصين يمكن أن تشير إلى أن بإمكانها فعل المزيد لمساعدة روسيا، وأنه لو استمرت علاقتها مع الولايات المتحدة فى التدهور، فإن بإمكانها أن تفعل المزيد لتمكين روسيا ومساعدتها فى حربها ضد أوكرانيا.
وتوترت علاقة بكين بواشنطن وأوروبا وبعض جيرانها بسبب نزاعات مختلفة حول التكنولوجيا والأمن وحقوق الإنسان وهونج كونج وغيرها.
وتأتى زيارة شى لروسيا بعد إعلان المحكمة الجنائية الدولية يوم الجمعة توجيه اتهامات لبوتين بأنه مسئول بشكل شخصى عن اختطاف الآلاف من الأطفال فى أوكرانيا. وسيتعين على الدول التى تعترف باختصاص المحكمة اعتقال بوتين إذا قام بزيارتها.
ولم يعلق بوتين على هذا الإعلان من قبل المحكمة، لكن الكرملين وصفها بالخطوة الشائنة وغير المقبولة.
وفى تحدٍ من جانبه، زار بوتين الأحد منطقة شبه جزيرة القرم ومدينة ماريوبول التى سيطرة عليها روسيا من أوكرانيا، وذلك للاحتفال بالذكرى التاسعة لضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا. وظهر بوتين فى وسائل الإعلام الروسية يتحدث مع أطفال ماريوبول ويزور كلية للفنون ومركز للاطفال فى مدينة سيفاستبول.
من ناحية أخرى، سلطت صحيفة واشنطن بوست الضوء على العلاقات بين روسيا والصين، تزامنا مع زيارة الرئيس شى جين بينج للعاصمة الروسية موسكو، ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين.
وقالت الصحيفة أن موسكو وبكين لم تكونا حليفتين مقربيتن طوال أغلب فترة الحرب الباردة. وفى الوقت الذى كان فيه الاتحاد السوفيتى القوى المهمينة فى الشيوعية العالمية، كانت الصين لا تزال تتعافى من حرب أهلية مدمرة.
وساهمت المساعدة السوفينية الصين فى بدء برنامجها للأسلحة النووية فى الخمسينيات من القرن الماضى، إلا أن النقاشات الإيديلولوجية أدت إلى انقسام بين الصين والسوفيت فى الستينيات، والتى ساهمت فى النهاية إلى إعادة تقارب بين الولايات المتحدة والصين فى العقد التالى.
وأسفر هذا الدفء فى العلاقات مع أمريكا، بحسب الصحيفة، عن حصول الصين على مقعد دائم لها فى مجلس الأمن الدولى، لتصبح من بين خمس دول فقط يحتفظون بالعضوية الدائمة، إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، ويمتلكون حق النقض (الفيتو).
وتم تطبيع العلاقات بين موسكو وبكين فى نهاية الحرب الباردة مع تفكك الاتحاد السوفيتى، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات الدبلوماسية بينهما، منها الحل النهائى لنزاع حدودى قائم منذ فترة طويلة، كما نمت التجارة بين الطرفين بشكل مستمر.
وفى السنوات الأخيرة، مع تداعى علاقات كل من الصين وروسيا مع الغرب، ت علاقتهما الثنائية. ولم تعارض الصين ضم روسيا لشبه جزيرة القرم فى عام 2014.
وفى عام 2019، وقعت روسيا والصين بيانا يدعو إلى التفاهم المشترك وتسوية لتعاون يحقق الفوز للجميع. وفى عام 2022، أطلقت موسكو وبكين شراكة بينهما بلا حدود.
ويستند التحالف الجديد بين الصين وموسكو إلى حد كبير على معارضتهما المشتركة للولايات المتحدة. وقال الحلفاء إن بكين كانت تراقب عن كثب رد فعل الغرب على الغزو الروسى لأوكرانيا فى ظل نواياها الخاصة إزاء تايوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة