تستمر موجة الجفاف فى ضرب غالبية المناطق فى العالم، وخاصة الدول الأوروبية وبلدان امريكا اللاتينية، حتى أن تلك الموجة الأسوأ من عقود أدت إلى خسائر فادحة فى المحاصيل الزراعية، وأصبح الغذاء أول ضحاياها فى العالم.
وفى أوروبا، أصبحت إيطاليا أولى الدول التى ألحقت بها خسائر فى إنتاج المحاصيل الزراعية، والتى وصلت حتى الآن حوالى 6 مليارات يورو، مع توقعات بأن يكون عام 2023 أسوأ من العام الماضى، حيث لم تشهد البلاد سقوط أمطار فى أجزاء كثيرة مع انخفاض منسوب مياه نهر بو الذى يجعل الأراضى الزراعية خصبة.
وأوضحت صحيفة "الجورنال" الإيطالية، أن الجفاف يتسبب فى مشاكل خطيرة للزراعة فى شمال البلاد، حيث عانت إيطاليا من انخفاض بنسبة 40% هطول الأمطار مما أثر على 300 ألف شركة لصناعة المواد الغذائية، كما تأثرت صادرات الأغذية الزراعية من جبن البارميزان إلى النبيذ، ومن المعكرونة إلى الخضار الثمينة مثل الهليون – بالجفاف الذى أدى إلى تراجع الإنتاج بشكل واضح.
ويحذر لورنزو باتزانا، المدير الاقتصادى لشركة كولديريتى الزراعية، من أن "الوضع أكثر خطورة من العام الماضى، والعجز المائى أكبر، ومن المتوقع هطول أمطار فى الأيام المقبلة، لكننا نخاطر بأن نترك فى وضع مقلق للغاية، وتم حساب أنه ستكون هناك حاجة إلى شهر من المطر لتعويض العجز الناتج خلال هذا الشتاء شديد الجفاف.
وأعلن روبرتو ماجناجى، رئيس منظمة الأرز الوطنية الإيطالية، أن البلاد تعانى من انخفاض حاد فى إنتاج الأرز بسبب الجفاف، حيث أنه لن يتم زراعة أكثر من 211 الف هكتار من الارز فى عام 2023 وهو الاقل منذ عام 23 عاما.
وأشارت صحيفة "المساجيرو" الإيطالية إلى أن إيطاليا تنتج حوالى 50% من الأرز فى الاتحاد الأوروبى، وتتركز الزراعة فى منطقتى لومبارديا وبيدمونت، ولكن لم تتعافى التربة حتى الآن من قلة الأمطار ولم تتساقط الثلوج بشكل كاف فى الشتاء وهو ما ينذر بجفاف شديد للعام الثانى فى البلاد.
وفى إسبانيا، ارتفعت أسعار الحليب بنسبة 30% عن العام الماضى وذلك بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وأيضا نتيجة لجفاف المياه الذى أثر على المراعى والذى أدى بطبيعة الحال إلى نقص انتاج الحليب من الأغنام والأبقار، وبالنسبة للمستهلك، ارتفع سعر الحليب بمعدل 30%، وذلك بعد أن رفعت بعض المصانع الأسعار نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة وخاصة الكهرباء، حسبما قالت قناة "سير" الإسبانية.
كما شهد زيت الزيتون ارتفاع فى الاسعار بسبب انخفاض انتاجه إلى النصف تقريبا،ووفقا لصحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية إلى أن قطاع زيت الزيتون الإسبانى، وهو ركيزة أساسية لنظام الأغذية الزراعية وأحد المصدرين الرئيسيين فى جميع أنحاء العالم، يمر بمرحلة معقدة للغاية، حيث شهد ارتفاع فى الأسعار بنسبة 60٪، مع مبيعات أقل بنسبة 17.81% فى الشهرين الأولين من عام 2023 الجارى.
وفى أمريكا اللاتينية، هناك المزيد من المحاصيل الزراعية المهددة بالاختفاء مثل القهوة التى انخفضت إنتاجها فى عدد من الدول مثل هندوراس وكولومبيا والبرازيل، لكن الخطر الأكبر أن يصل هذا التأثير إلى محاصيل حيوية مثل القمح والذرة والأرز وفول الصويا وهى محاصيل تزود البشرية حالياً بنحو 75%من السعرات الحرارية، إما بشكل مباشر أو من خلال الحيوانات التى تتغذى على هذه المحاصيل ويتغذى الإنسان على لحومها.
وفى الأرجنتين، أفادت هيئة زراعة الحبوب "روزاريو"، أن الجفاف العنيف الذى ضرب القطاع الزراعى فى البلاد منذ العام الماضى، أدى إلى تدهور الاقتصاد المتعثر بمقدار 3% مما أدى إلى تفاقم الأسعار المرتفعة وضعف عملة البيزو.
وتقدر روزاريو، أن الظروف الجافة للغاية ستؤدى إلى خفض الناتج المحلى الإجمالى للبلاد فى عام 2023 بمقدار 19 مليار دولار، مقارنة بالعام الماضى.
تعتبر الأرجنتين، هى واحدة من أكبر منتجى ومصدرى الحبوب فى العالم، خاصة بالنسبة للسلع الأساسية بما فى ذلك فول الصويا والذرة والقمح، وتعد عائدات ضريبة الصادرات مساهمًا رئيسيًا فى اقتصاد الدولة الواقعة فى أمريكا الجنوبية، والتى تعانى من انخفاض احتياطيات النقد الأجنبى، والديون الضخمة، فضلًا عن التضخم السنوى الذى يصل إلى 100%.
وفى المكسيك، يتعرض المنتج الأول محليا، وهو الأفوكادو لنقص فى الانتاج بشكل واضح، حيث أنها تحتاج للمياه بكميات كبيرة، وتطلب 72 جالوناً من الماء لإنتاج ثمرة واحدة، ويعانى مزارعو الأفوكادو فى المكسيك من انخفاضات كبيرة فى الإنتاج بسبب درجات الحرارة الشديدة والجفاف الذى يؤثر على قوام التربة، وتعانى مزارع الأفوكادو فى كاليفورنيا أيضاً من ظروف مماثلة لموجات الحر والجفاف.