أطلق اليوم السابع منذ وقت قريب مبادرة مهمة هى "لن يضيع" لحماية تراث الرواد، ومن جانب آخر بدأنا فى تنفيذ فكرة نوعية تتعلق بتنفيذ فيديوهات عن الأعمال الفنية الخاصة بالحركة التشكيلية المصرية، ورأينا أن متحف الفن الحديث الذى يقع بدار الأوبرا، أفضل المتاحف التى تبرز أهم هذه الأعمال، وبالفعل جهزنا لزيارة المتحف، لتقديم فيديو عن المعروضات الموجودة لتليفزيون لـ اليوم السابع، وتوجهنا بسؤال لمديرة المتحف " إيمان نبيل"، خارج سياق الفيديو عن الفنانين المنسيين فى الفن التشكيلى، وأفادت بأنه فعلا لدينا عدد كبير من الأعمال الفنية لفنانين تشكيليين لا تتوافر عنهم أية معلومات إطلاقا، والبعض الآخر توجد عنه معلومات لكنها ضئيلة للغاية..
ومن هنا تبلورت الفكرة، فخرجنا من سؤالنا إلى السؤال عن "هؤلاء التشكيليين المنسيين".. وكيف نبحث عن سيرتهم الذاتية؟ فموضوع نسيانهم ليس بسبب أن أعمالهم سيئة، بل بالعكس أعمالهم مهمة فى الحركة التشكيلية، والدليل اقتناء متحف الفن الحديث لأعمالهم وتواجدها حتى الآن بجانب أعمال كبار التشكليين أمثال محمود سعيد وعبد الهادى الجزار وحامد ندا وغيرهم..
أحمد وهبى شاكر
الفنان أحمد وهبى شاكر
النحات أحمد وهبى شاكر
رسومات أحمد وهبى شاكر
لوحات أحمد وهبى شاكر
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (1)
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (2)
وبعد مضى وقت، زرنا متحف الفن الحديث مرة أخرى، فى يوم 25 فبراير 2023، وأجرينا مقابلة مع مديرة متحف الفن الحديث، وقالت إن من بين هؤلاء الفنانين المنسيين الفنان والنحات أحمد وهبي شاكر، وله عملان مصوران معروضان حاليا فى صالة العرض بالمتحف، والمفاجأة أن حفيدته "غادة إمبارك (خال والدتها) موجودة، وأثناء زيارتها للمتحف وجدت أعماله، وقالت إن هذه أعمال جدها الراحل، ومن هنا انتهزنا الفرصة وتواصلنا معها للسؤال عن جدها.
وفى البداية رحبت غادة إمبارك بفكرة الموضوع، وقالت إنها سعيدة بتواصلنا معها لكى نحيى أعمال جدها الراحل من جديد ونتحدث عن حياته الفنية بعد مضى وقت طويل على وفاته، حيث إنه رحل عن عالمنا بشكل درامى للغاية.. فكيف كانت قصته؟
الفنان أحمد شاكر من مواليد القاهره 3 نوفمبر عام 1917، عمل مثَّالاً بالمتحف الزراعى بالدقى "متحف فؤاد الأول الزراعى – سابقاً"، قضى طفولته وشبابه فى القاهره وتخرج من مدرسة الفنون و شد رحاله سنة 1935 إلى إيطاليا ليدرس النحت.
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (3)
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (4)
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (5)
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (6)
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (7)
لوحات وأعمال أحمد وهبى شاكر (8)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (1)
وأمضى فى روما ثلاث سنوات، وقدم ثلاثة معارض فنية، منها معرض چيوتسكا فى فلورانس 1937 إيطاليا، وترينالى ميلانو سنة 1936 إيطاليا، وبينالى فينسيا سنة 1936 إيطاليا ثم عاد إلى الوطن ليعمل مدرساً للرسم فى مدرسة بنات الأشراف للبنات، و كان أول أستاذ مصرى فى قسم النحت بمدرسة الفنون الجميلة بالزمالك (كلية الفنون الجميلة الآن) ثم التحق بالمتحف الزراعى مثالاً ورساماً.
تخصص أحمد هيبة شاكر فى النحت، ولكنه كان يهوى الرسم، و كان يرسم لوحات زراعية تعلق على جدران المتحف، وكان يهوى التحف الصينية والأطباق و يعلقها على جدران بيته، و من أروع أعماله تمثال "الفلاحة حبلى" ويعد من أعظم ما صنع و هو الآن بالمتحف الزراعى بالدقى، وله أعمال تصوير و نحت فى متحف الفن الحديث و بعض أعماله التصويرية مقتنيات عند أصدقائه وأقاربه.
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (2)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (3)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (4)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (5)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (6)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (7)
مقتنيات النحات أحمد وهبى شاكر (8)
وكان كثير الأصدقاء يحبهم و يحبونه ومن أكثرهم قرباً له الفنان المثال محمود مختار و الفنان عبد المنعم مدبولى، وكانت صديقته الأقرب إلى قلبه كلبة من طراز "الشيان لو" واسمها (شيتا) و كان دائم الحنين إلى الأطفال، و كان يحلم باليوم الذى سوف يرزقه الله بولد، ولكن لم يرزقه الله، حيث إنه توفى يوم 6 مايو سنة 1947 هو وزوجته" نفوسه نجاتى" إثر انفجار قنبلة تحت مقعديهما فى سينما مترو.
السيدة نفوسة نجانى رحلت فى سن الخامسة والعشرين، قضت طفولتها فى الخرطوم، حيث كان والدها موظفا بحكومة السودان، تم انتقلت العائلة إلى القاهرة، فالتحقت نفوسة بمدرسة البنات الأمريكية تم التحقت بمدرسة بنات الأشراف، وهو أستاذها يدرس لها الرسم وكانت شديدة الإعجاب بأستاذها الفنان الشاب وكان هو أيضا يبادل تلميذته الإعجاب، وفى سنة 1940 انتزعها من حجرة الرسم فى المدرسة ليضعها فى بيت الزوجية.
والعجيب أنه هو من رسم حوائط سينما مترو، حيث أرسلت التصميمات من أمريكا، وهو من قام بتنفيذها و كان يحب سينما مترو بالذات ليرى لوحاته وانفجرت القنبلة ومزقه الانفجار وتساقط الطلاء عن لوحاته وضاعت معالمها فى نفس الوقت الذى مات فيه.
والشيء المحزن والمؤسف فى نفس الوقت، أن والدة الفنان أحمد شاكر قامت من أثر صدمة الوفاة بتمزيق والتخلص من أعماله الفنية سواء كانت تصوير أو نحت الموجودة فى منزله، حزنا على رحيله ومن هنا ضاعت أهم أعماله الفنية ولم يتبق منها سوى القليل الموجود عند أهل زوجته التى ماتت معه فى هذه الحادثة البشعة وعند الأصدقاء المقربين، كما أن كلبته ماتت أيضا من حزنها على رحيله.
وقامت حفيدته "غادة" بإرسال تليفون "ليلى نجاتى" حفيدة زوجة الفنان "نفوسة نجاتى"، وقالت إنها تفكر فى كتابة قصة قصيرة خاص بهما، وتفكر فى جمع أعماله الفنية من الأقارب والأصدقاء لإحياء ذكراه وليتعرف عليه الأجيال، وتوصلنا مع ليلى التى أرسلت لنا بعض الصور الفوتوغرافية عن نفوسة ولوحات بورتريه رسمها الفنان للعائلة.
ومن جانبا، أردنا البحث أكثر عن الفنان، وأن نسأل عليه فى الوسط التشكيلى، لكن كثيرا من نقاد الفن التشكيلى الكبار، أكدوا أنهم لم يسمعوا عنه من قبل، وأنهم سعداء أن "اليوم السابع" سوف يمكنهم من الاطلاع عن الفنان وعن أعماله وعن حياته، قائلين: "زمان لم يكن لدينا للأسف سجل توثيق شخصى للفنانين التشكيليين"، كما أنهم توجهوا بالشكر لما بذل من جهد، ووعدوا إذا جاءت لهم أى معلومة عن الفنان سوف يمدوننا بكل ما هو جديد.
ومن هنا سوف يسدل الستار عن واحد من أهم الفنانين التشكيليين المصريين المنسيين، الذى رحل غدراً وهو بمقتبل العمر، ولكن على الرغم من قلة أعماله الفنية الموجودة بالوقت الحالى إلا أنه يشكل علامة مضيئة فى تاريخ الحركة التشكيلية، وللحديث باقية، ففى خلال الأيام المقبلة، سوف نبحث عن فنان تشكيلى منسى أخرى، انتظرونا.