نظم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة، قراءات شعرية صباحية حضرها جمهور حاشد ومُحب، وأحياها الشعراء فاتح البيوش من سوريا، وأحمد أبو دياب من مصر، وأنور بومدين من الجزائر، ضمن برنامجه الاحتفالي باليوم العالمي للشعر، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي.
وقد قدم الأمسية وجيهة خليل، التي أثنت على التواصل المتجدد بين البيت والشعراء عبر مناسبات الشعر المختلفة، والبرنامج السنوي الذي يحرص القائمين عليه على تقديم تجارب شعرية متنوعة عبر منبره في كل مرة، مما جعله مدرسة شعرية تحتفي بالرواد، وترعى التجارب الشعرية الجديدة، وتقيم ورشات فن الشعر والعروض. وجاءت مواضيع القصائد ملونة بالحب بمعناه الشامل والكبير الذي تجلى في نصوص تتغنى بأوجاع الأوطان وتشظيات الوجدان، وحضر الحزن ملحا للقصائد، التي جاءت في أثواب لغة رشيقة المعاني والصور.
افتتح القراءات الشاعر أنور بومدين الذي صعد بالمستمعين إلى آفاق الضوء في حضرة النبي الهاشمي صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله، بقصيدة جاء فيها:
إنّي أتـــيـت الـــيــمّ أشـرح وجهه
كي أقذف المعنى الذي قــد تـاه فيْ
من بــــدء كـلّ الخلق، بــورك خلقهُ
وإلى انتهـاء المنــتهى يــبقى العليْ
ماذا أقـول؟ وفي فمي سـرّ النّبو
ءة.. يصغـر المعنى أمام الهـاشميْ
ثم قرأ نصا محملا بوصايا أبيه الذي أوصاه بالابتعاد عن الشعر، لما يستصحبه في جُبِّتِه من وجع وحزن ودموع، يقول مطلعها:
يقول أبي: يا بنيْ..
لا تكنْ شاعرا وكنْ ما تشاءْ
وحدّدْ مساركَ في الضّوءِ
حين تمرّ اللّيالي عليكَ
لتعبرَ ما كان من ذكريات الشّتاءْ
والذي لا يلبث أن يرجع عن موقفه في آخرها موصيا له أن " كنْ شاعرًا، لكي لا تكون سواكْ".
ثم ختم بنص استلهم فيه مراحل العمر التي تبدأ بولادته وحيدا على حافة الهلاك، مستعرضا مراحل عمره في قصيدة نالت استحسان الحضور.
تلاه الشاعر أحمد أبو دياب الذي افتتح بقراءة من " من ذاكرة الماء" متخذا الماء قناعا لروحه المتعبة، في قصيدة احتشدت فيها صور رمزية بديعة استحضرت تجليات الطبيعة وصورها الملهمة.
ثم قرأ نصا يطرح تساؤلات وجودية طاعنة في الوجع والفزع، مبللة بدموع الأمهات وندى زهور الحب، يقول فيها:
- ما الوقتُ؟ - ما جدوى سؤالُ الوقتِ
إذْ منهُ سؤالُ الموتِ يقفزُ مُفزِعَا ؟!
في شُرفَةٍ خلفَ المُسافِرِ أمُّهُ
وعيونُهَا دمعٌ يُخالِطُهُ الدُّعـَا
وبثغرِ شُبّاكِ الحبيبةِ وردةٌ
وأنا أذوبُ تردُّدًا ومواجِعَا
وختم قراءته بقصيدة عنوانها " ما لا يقتفى"، في إشارة للعجز عن تتبع القلب، وتحذيره من وجع الحب الغافي على سطور القول، يقول فيها:
مرّت على لُغتي من قبل سيّدةٌ
لم يكْتَنِفْ سرّها طيرٌ ولا شجرُ
من أين أتبعُهاَ أَوْ أقتفي تعبي؟
لن يسلمَ القلبُ مهما خطَّهُ الحَذَرُ!
يا أيُّها القولُ إن الحبّ أوجعنا
ما حدّهُ في الهوى بُعدٌ ولا سَفَرُ
تلاه الشاعر فاتح البيوش الذي ابتدر قراءته بقصيدة مهداة إلى مقام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جاء فيها:
في كفِّ سلطانَ مُزْنُ الحبِّ مشرقةُ
مازالَ ينبتُ من أكمامها الوَدَقُ
كأنها قِبلةٌ للضوء يرفدها
جيلٌ تَربَّى على أكتافه الألقُ
ففي المجازِ كؤوسُ النورِ مُترَعةْ
وجفنةُ الحبِّ كمْ دانتْ لمنْ سَبَقوا
ثم قرأ قصيدة عزفت على وتر الوجع والفجيعة مُعلنا أن "لا وقت للحزن"، في نص مليء بالحزن والشحن على وطنه سوريا، المنكوب بالحرب والزلازل، متنقلا بين محطات الوجع وراسما صوره في لغة شعرية عالية، وبليغة، جاء في مفتتحها:
لا وقتَ للحزنِ لا ميقاتَ للوجعِ
ولا دموعَ ستطفي جمرةَ الولَعِ
قد أرهقتنا يدُ الأيام وانكفأتْ
فجاذبتنا ذئابُ الجوعِ والفزعِ
وفوقَ أرصفةِ الآهاتِ كم وُئِدَتْ
أحلامُنا عبثاً في لوثةِ البِدَعِ
وفي الختام كرّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء ومُقدم الأصبوحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة