فى السنوات الثمانى الماضية ، أصبح تحول الطاقة أحد أهم القضايا ذات الصلة والذى يحتل دورا رائدا فى المناقشات العالمية حول مستقبل توليد الطاقة، وأصبح الانتقال الى الطاقة النظيفة والمتجددة شغل اوروبا الشاغل خاصة بعد ازمة الغاز مع روسيا.
وأشارت صحيفة "الباييس" الإسبانية فى تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى إلى أنه في 1 يناير 1993 ، مع دخول معاهدة ماستريخت حيز التنفيذ ، تم إنشاء السوق الأوروبية الموحدة، وفى 1 فبراير اطلقت المفوضية الأوروبية الخطة الصناعية للميثاق الأخضر والتى تهدف إلى تحسين القدرة التنافسية للصناعة الأوروبية مع انبعاثات صافية صفرية وبالتالى تسريع مكافحة تغير المناخ.
وأشارت الصحيفة إلى أن اوروبا تحتاج 487 مليار يورو سنويا فى الاتحادالأوروبى وحده، وذلك أيضا لإزالة الكربون وتحقيق هدفه المتمثل فى صافى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.
ويرى الخبراء أنه يجب أن تسهل أي لائحة جديدة انتقال الطاقة وهذا يتطلب إنشاء سيناريو يفضى إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة، ويتطلب هذا السيناريو الثقة التي يوفرها إطار تنظيمي مستقر ويمكن التنبؤ به ، والثقة التي يوفرها اليقين القانوني ؛ يحتاج إلى إشارات أسعار مناسبة ومنافسة تعزز الابتكار ، بالإضافة إلى تفضيل المستهلك، من الضروري احترام السوق الحرة والسوق المفتوحة والتنافسية، في سيناريو النضال من أجل الموارد المالية اللازمة.
وقالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إن الطاقة المتجددة فى أوروبا تواجه عدة تحديات، التحدى الاول هو الصين، التى تنتج المواد اللازمة فى توليد الطاقة المتجددة من الشمسية والرياح والكهرومائية ، باسعار تقل كثيرا عن تلك المصنعة فى أوروبا.
أما التحدى الثانى، هو ان العملية الانتقال الى الطاقة المتجددة "بطيئة" والسبب ضعف الاستثمارات فى هذا النوع من الصناعة ، والانتقال نحو استثمارات اكثر اسرع عائدا بعيدا عن الطاقة.
وتقدر مجموعة الأعمال التي تمثل قطاع طاقة الرياح، أن هناك حاجة إلى 9 مليارات يورو فقط لبناء البنية التحتية للموانئ المطلوبة للوفاء بأهداف الرياح البحرية، مع عدم احتمال أن يلبي القطاع الخاص التكلفة الكاملة.
وفى العام الماضي، حقق الاتحاد الأوروبي رقما قياسيا في تركيب الألواح الشمسية بأكثر من 8 جيجاواط بعد محاولة استبدال الغاز الروسى.
الهيدروجين
يشكل تعريف "الهيدروجين الأخضر" في الدليل التوجيهي لمبادرة الاتحاد الأوروبي المعروفة بمسمى "ريد3" (RED3) نقطة الخلاف التالية، والذي سيضع أهدافاً لاستعمال الوقود بقطاعي الصناعة والنقل.
وأشارت الصحيفة إلى أن بحر الشمال لديه القدرة على ان يصبح موقعا لإنتاج الهيدروجين البحرى من الرياح البحرية وشبكة أنابيب الهيدروجين التى تربط دول شمال غرب اوروبا، ويتوقع الاتحاد الأوروبي أن يصل الطلب على الهيدروجين المحايد مناخيا إلى 2000 تيراواط/ساعة بحلول عام 2050، مع إمكانية إنتاج 300 تيراواط/ساعة من الهيدروجين باستخدام الكهرباء من مزارع الرياح البحرية في بحر الشمال بحلول عام 2050.
الطاقة النووية
تعتبر الطاقة النووية ايضا من الخطوات التى تتبعها اوروبا لاستبدال الغاز والوقود الأحفورى، وقالت صحيفة "20 مينوتوس" الإسبانية في تقرير لها إن الدول الأوروبية تسعى لإنشاء أكثر من 20 محطة نووية جديدة في دول مختلفة بأوروبا، منها السويد وبلجيكا وهولندا وبريطانيا، بعد أن كانت هناك نية للحد من مشروعات توليد الكهرباء من الطاقة النووية إلا أنه بعد أزمة الطاقة التي تواجهها القارة العجوز لنقص الغاز الروسى ، بدأت عدة دول للاتجاه الى الطاقة النووية مجددا.
وفي إسبانيا ، يتم إنشاء محطة نووية جديدة في بلدية سالامانكا ، حيث صممت شركة إسبانية بناء المحطة النووية حيث يمكن البدء في استخراج الطاقة في بداية 2024، واضطرت الشركات في القطاع النووي الإسباني إلى تكييف عملياتها لتلبية متطلبات خطة الطاقة والمناخ الوطنية المتكاملة (PNIEC) ، والتي تنص على إغلاق المنطقة النووية الإسبانية بأكملها في عام 2035، على الرغم من أنه في كثير من أوروبا ، خاصة بعد أزمة الطاقة الناتجة عن اعتماد روسيا على الغاز ، تم اتخاذ قرار زيادة الاستثمار في المحطات النووية.
وفي إسبانيا، لا تزال هناك سبع محطات طاقة نووية عاملة توفر ما يقرب من 20٪ من الكهرباء المستهلكة في البلاد ككل. أعلنت الحكومة المركزية إغلاق واحد فى كاستيلا ليون، وآخر بورجوس في عام 2017.
ولكن فرنسا تعتبر من أكثر الدول التى تطالب اوروبا بالاعتراف بالقطاع النووي كقوة أساسية، وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشييد 6 مفاعلات جديدة على الأقل في بلاده، على أن تدخل الخدمة بداية من عام 2035.
وتعتبر السويد من أكثر الدول الأوروبية التي لديها محطات للطاقة النووية مع وجود 6 مفاعلات نووية ، ولكن من المتوقع أن يتضاعف الطلب بحلول 2045 نظرا لاستخدام الكهرباء في كل شىء.
وفى بلجيكا، اتفقت الحكومة البلجيكية وشركة الطاقة الفرنسية إنجى على تمديد عمر خدمة محطتى الطاقة النووية Tihange و Doel 4 لمدة عشر سنوات إضافية.
وتعتزم بلجيكا، استثمار 100 مليون يورو خلال أربع سنوات في تقنية الطاقة النووية مع التركيز على المفاعلات النموذجية الأصغر، وإمكان التعاون مع فرنسا وهولندا، فيما كانت تعتزم إغلاق محطاتها النووية بالكامل بحلول عام 2025، وجاء قرارها باستمرار العمل في إطار الجهود المبذولة لتجنب الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري من روسيا نظرا لتداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.. وتمتلك بلجيكا محطتين للطاقة النووية بإجمالي سبعة مفاعلات.