فى مثل هذا اليوم 30 مارس من عام 1807م، فشلت أولى مؤامرات الإنجليز لاحتلال مصر من خلال حملة شهيرة والتى عرفت بحملة فريزر، ولكن ما حدث كان بمثابة المفاجأة لدى الإنجليز لما فعلوه المصريين آنذاك، فما الذى حدث ؟ هو ما نستعرضه عبر السطور المقبلة.
فى "الكتاب الأسود للاستعمار البريطانى فى مصر" للباحث شحاتة عيسى إبراهيم، والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، يقول أنه منذ أن رحلت الحملة الفرنسية من مصر سنة 1801م، والإنجليز لا يفتئون يتحينون الفرص للوثوب عليها، واحتلالها، فهم لم يعاونوا السلطان فى إجلاء الفرنسيين عن مصر، حبا فى سواد عينيه، كما يقولون، أو انتصارًا للفضيلة، أو دفاعًا عن الحق والمثل العليا، وإنما توطئة للقيام بالعدوان نفسه من جانبهم، واحتلال البلاد التى على منتصف الطريق، بين جزيرتهم وبين الهند، الدرة اليتيمة فى تاج إمبراطوريتهم، وتفاديا من المأزق الحرج الذى أوقعهم فيه نابليون بونابرت عام 1798م عندما احتل مصر، كى يقطع الطريق عليهم إلى الهند، ومستعمراتهم فى الشرق الأقصى.
ظلوا يتحينون الفرص ست سنوات كاملة، منذ مغادرة الحملة للأراضى المصرية، ويدبرون المؤامرات، ويحوكون الدسائس، مستعينين بأحد زعماء المماليك، المدعو "محمد بك الألفى" الذى اتخذوا منه عميلا لهم فى مصر وهذا كان سبب تلكئهم فى مغادرة الأراضى المصرية، عقب مغادرة الفرنسيين لها، وأخيرًا رحلوا عنها سنة 1803، ومعهم عميلهم الألفى، وفى إنجلترا، أغدقوا عليه الهدايا والأموال، حتى إذا ما عاد إلى مصر نفذ مخططهم، وعمل على تثبيت قدمهم، ولكن سياستهم باءت بالفشل إذ لقى الألفى حتفه على يد منافسية من المماليك، كما فشلوا فى الضغط على السلطان لابعاد محمد على وجنوده عن مصر، وعندئذ كشف الإنجليز عن نياتهم، فشرعوا يستخدمون القوة فى إدراك مآربهم، ونفذوا حملة مسلحة لاحتلال مصر سنة 1807م، هى التى عرفت بحملة فريزر، احتلت الإسكندرية فى مارس 1807م ثم احتلت رشيد.
غير أن الشعب المصرى، الذى دوخ الفرنسيين بثوراته المتلاحقة ضدهم، هب لصد المعتدين الإنجليز، ووقف أهل رشيد وقفة رجل واحد وهزموهم هزيمة منكرة، وكانت قد نمت إليهم أخبار أهل القاهرة واستعدادهم لحمل السلاح، والتوجه إلى الإسكندرية ورشيد، للقضاء على فريزر وحملته، لذلك لم ير الإنجليز بدأ من الانسحاب، وأبرموا صلحا مع المصرين، أجلوا بمقتضاه فى سبتمبر سنة 1807م، راضين من الغنيمة بالإياب.
رحلوا، ولكنهم لم ييئسوا، وأخذ الإنجليز يعملون بهمة لا تعرف الملل، يحوكون المؤامرات، ويرتبون الخطط والمناورات، أربعة وسبعين عاما، إلى أن تهيأت لهم الفرصة، لتحقيق حلمهم الملح، فاحتلوا مصر سنة 1882م.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة