يحظى المسجد العمرى العتيق بمدينة إسنا جنوب محافظة الأقصر، بشهرة تاريخية وتراثية عظيمة على أرض الجنوب، حيث فهو المسجد الذى بنى فى عصر الدولة الفاطمية بمصر وله مآذنة تاريخية وتراثية لا تزال قائمة حتى الآن، حيث بنى فى عام 474 هجرية، وسمى بالمسجد العمرى تيمناً بفتح مصر فى عهد عمرو بن العاص وإنشاء مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة.
ويوجد مبنى المسجد العمرى أو المسجد العتيق على بعد 100 متر من نهر النيل ومعبد خنوم بمدينة إسنا، فهو قد بنى منذ فتح المسلمون لمصر فى عهد الصحابى عمرو بن العاص، ويوجد بجانب محراب المسجد، لوح من الرخام قديم مكتوب عليه بالخط الكوفى بسم الله الرحمن الرحيم (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، و"صلوات الله وبركاته على مولانا والإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين أمر بعمارة هذا الجامع المبارك السيد الأجل أمير الجيش سيف الإسلام ناصر أبو النجم بدر المستنصرى أدام الله قدرته، وأعلى كلمته القاضى أبا الحسن على بن أحمد بن النضر فأسس فى النصف من ذى الحجة سنة تسع وستين وأربعمائة وسقف فى النصف من شهر ربيع الأول سنة سبعين وأربع مائة وفقه الله لمرضاته وأعانه على طاعته كما يصرف اهتمامه إلى عمارته".
وفى هذا الصدد يقول الشيخ حسن منصور محمد إمام المسجد العمرى العتيق بإسنا، والذى يعتبر واحد من أفصح الخطباء على مستوى الجمهورية، ونجح بمسابقة الأوقاف وحصل على المركز الثالث على مستوى الجمهورية، أن المسجد العتيق أو العمرى كما يطلق عليه الأهالى، أحد أعظم المساجد التاريخية والتراثية فى جنوب الصعيد والذى يرجع تاريخ بناؤه إلى العام 474 هجرية، فقد بنى فى عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمى وأطلق الخليفة عليه اسم "المسجد العمري"، وذلك تيمناً بمسجد عمرو بن العاص فى القاهرة، وهو نفس الإسم الذى كان يطلق وقتها على معظم المساجد الكبيرة التى بنيت فى العهد الفاطمى فى جنوب مصر، مثل "المسجد العمرى" بقنا و"المسجد العمري" بأسوان.
ويضيف الشيخ حسن منصور لـ"اليوم السابع"، أن المسجد العمرى بمدينة إسنا، لا يزال منارة إسلامية ودينية كيرة فى جنوب الأقصر، فتقام داخله منذ إقامته وحتى اليوم الدروس الدينية اليومية وجلسات مع الاطفال لتحفيظهم كتاب الله، مشدداً على أنه لا يظل المسجد العتيق فى إسنا يحتل موقع متقدم بين المساجد بالأقصر والصعيد بأكمله، حتى إنه أطلق عليه فى فترة من الفترات "أزهر الصعيد" نظرا لضخامة بنائه واحتوائه على "أعمدة جرانيتية" ضخمة وكان مركز كبير للعلم وتحفيظ كتاب الله.
وأوضح إمام المسجد العمرى العتيق بإسنا، أنه خلال تلك الفترة يتم العمل على قدم وساق فى حملات التعقيم والنظافة للمسجد بالكامل، حيث أنه قبل قدوم شهر رمضان المبارك كل عام، يقوم رجال إدارة آثار إسنا وأرمنت بعمليات التطوير والتجديدات داخل المسجد بالتعاون مع الأهالى من أبناء المنطقة عشاق المسجد التراثى التاريخى الكبير، مؤكداً على أن تلك التطويرات والتجديدات تأتى بصورة سنوية منذ بناء المسجد قبل دخول الشهر الكريم وحتى الآن، مؤكداً على أن المسجد رغم مرور أكثر من 970 سنة على إنشاؤه إلا أنه مازالت قواعدة القديمة التى بنى عليها إبان فتح المسلمون لمصر متواجدة حتى الآن رغم تعرضه للهدم أكثر من مرة وأقيم فى عهد الدولة الفاطمية.
وعن تاريخ المسجد يقول محمد عمر فخرى الكوترى مفتش بآثار إسنا وأرمنت، أن المسجد العمرى القديم تغيرت معالمه ولم يبقى منه سوى المأذنة التاريخية المتواجدة فى الواجهة الغربية بإتجاه الجنوب، كما تم تغيير العمارة فى الباب الغربى عام 1295 هجرية، وأقيمت داخله مزولة لمهندس الخريطة الفلكية خليل أفندى إبراهيم فى 1287 هجرية، حيث أن مأذنة المسجد تعتبر واحدة من أقدم المآذن التاريخية فى مصر الإسلامية، موضحاً أنه إستمراراً للتاريخ الكبير للمسجد العمرى الكبير بإسنا، والذى كان يشهد المسجد حسبما ذكر إبن كثير، فى كتاب "البداية والنهاية"، أن مسجد إسنا العمرى العتيق، كان يعد داخله العلماء وحفظة القرآن ومتلقى العلوم الدينية ومن كان يحفظ القرآن داخله ويتلقى علوم الدين يتم إرساله لبلاد دول إفريقيا لتعليم أهلها القرآن وعلوم الدين، ويتم حاليا تنظيم مسابقة لحفظ القرآن الكريم داخل المسجد برعاية الشيخ سيد محمد عبد الدايم وكيل وزارة الأوقاف بالأقصر.
وأوضح مفتش آثار إسنا وأرمنت، لـ"اليوم السابع"، أنه تعد مئذنة المسجد العتيق فى إسنا تحفة معمارية فريدة من نوعها، حيث تم ترميمها مؤخراً على يد الدكتور أنور مهران القائم بأعمال الترميم، حيث تتكون المئذنة من بدن سفلى مربع ارتفاعه 5.10 متر، وفوق هذا الطابق المربع يأتى طابق اسطوانى بارتفاع 8 أمتار، تشغل ثلثه الأخير من أعلى شرفة خشبية محمولة على "كوابيل" خشبية يعلوها طابق مثمن بارتفاع متر ونصف المتر ويتميز بأضلاعه المقعرة، ويبلغ إجمالى ارتفاع المئذنة حوالى 25 مترا وقد دمج البنّاء المسلم بين الطوب الآجر والخشب فى عملية البناء، وتتميز المئذنة من الداخل بسلم داخلى يدور حول عمود فى الوسط تلتف حوله درجات المئذنة التى تصعد من باب الدخول حتى أرضية القبة، وذلك من خلال 99 درجة من الطوب بنيت مقدمتها من الخشب.
ويضيف محمد عمر فخرى لـ"اليوم السابع"، أنه تعرضت المئذنة للعديد من العوامل التى أحدثت بها الكثير من مظاهر التلف مثل تسرب المياه بعد إنشاء قناطر إسنا من خلال فجوات بالتربة أسفل المدينة ومنها التربة الحاملة للمئذنة بالإضافة إلى إنشاء غرف الصرف بجوار الضلع الجنوبى الشرقى لها، وعندما حدث زلزال العام 1992 كان الطريق مهيئا لإحداث ميل واضح لها ناحية الجنوب الشرقى الأِمر الذى تم استدراكه من خلال عمل "صلبات حديدية" تفاديا لزيادة الميل ومنع انهيارها، واستمر وضع المئذنة على هذه الحال لمدة عشر سنوات قبل أن تتم إزالة "الصلبات الحديدية" من على بدنها لتحتفظ بميولها ولكن فى ثبات لا يتزحزح، ولتصبح واحدة من المبانى النادرة فى مصر، فهى فى حالة ميول ثابت، حيث تم تنفيذ برنامج ترميمى شامل لإبقاء المئذنة على هذا الوضع، وهذا البرنامج كان يتمثل فى مجموعة من الخوازيق لنقل أحمال المئذنة بعد تحلل خامات أساساتها الأصلية، وتم حقن التربة المحيطة بها بالمواد الأسمنتية المعالجة كيميائيا لسد الفجوات حتى تكون أكثر تحملا وأمناً، موضحاً أنه بقيت اللوحة التذكارية لإنشاء المئذنة وهى مثبتة على يسار المحراب مكتوبة بالخط الكوفى ونصها: بسم الله الرحمن الرحيم (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، وأمر بإنشاء هذه المئذنة الأجل المنتخب فخر الملك سعد الدولة تاج المعالى ذو العز بن حسام أمير المؤمنين أبو منصور سارتكين الجيوشى نصره الله وظفره وأحسن عونه فى شهور سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ابتغاء مرضاة الله وثوابه ورجاء الدار الآخرة والأمن من عقابه وحشره مع مواليه صلوات الله عليهم أجمعين ورحم من ترحم عليهم آمين يا رب العالمين).
الطراز الإسلام فى المسجد العتيق بإسنا
المسجد العتيق العمرى فى سوق اسنا
المسجد العتيق قديماً بمدينة اسنا
المسجد العمرى العتيق بإسنا تاريخ كبير من الحضارة التراثية بأرض الأقصر
المسجد العمرى العتيق قديماً
المسجد بعد عمليات التطوير باسنا
المسجد بنى فى 474 هجرية بعهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمى وأسماه العمرى
المسجد سمى قديماً بالعمرى تيمناً بمسجد عمرو بن العاص بالقاهرة
المسجد منارة للعلم والعلماء وتم تجديده فى الدولة الفاطمية
المئذنة التاريخية للمسجد العمرى باسنا
المئذنة قديماً فى المسجد العمرى باسنا
جانب من عمليات التطوير داخل المسجد
صور تراثية للمسجد العمرى باسنا
صور نادرة لمسجد العمري الكبير بإسنا
صورة تراثية للمسجد العتيق
مأذنة المسجد العتيق تنير المدينة
مأذنة المسجد العتيق فى إسنا
مأذنة المسجد قديماً بإسنا
مبني المسجد من الواجهة بإسنا
محراب المسجد العتيق بإسنا
محراب المسجد فى صورة تراثية بإسنا
محمد عمر فخرى الكوترى مفتش بآثار إسنا وأرمنت
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة