وسط أجواء من الذكر والمديح وتنظيم حلقات القرآن الكريم، يحتفل أهالى مدينة الأقصر، بالمولد السنوى للعارف بالله سيدى أبو الحجاج الأقصرى، الذي يتم تنظيمه فى الساحات المحيطة بالمنطقة والأسرة الحجاجية، وذلك قبل الليلة الختامية فى ليلة النصف من شهر شعبان من كل عام، حيث يزور الأهالى مقام وضريح الإمام خلال تلك الأيام بكثافة للاحتفال بمولده.
وفي هذا الصدد يقول الشيخ مبارك على محمد إمام مسجد سيدى أبو الحجاج الأقصرى، أنه يتم وسط أجواء من المحبة والفرحة تقديم قصائد دينية ومديح فى حب رسول االله وآل البيت والصالحين، في تلك الأيام احتفالات بالمولد السنوى للعارف بالله، والتى تكون ليلته الختامية والرئيسية في ليلة النصف من شعبان من كل عام، ويحضرها الآلاف من أبناء محافظة الأقصر والمحافظات المجاورة، حيث يتم عمل حلقات داخل المسجد والضريح بجواره لتلاوة القرآن الكريم، وتقديم قصائد دينية وأناشيد فى حب رسول الله وسط فرحة كبيرة من الجمهور من السيدات والرجال خلال زيارتهم للضريح، بجانب الدموع والزغاريد بين الجميع خلال المديح وذكر رسول الله وآل بيته داخل المقام.
ويضيف الشيخ مبارك على محمد، لـ"اليوم السابع"، أنه من السابق في تاريخ احتفالات أبو الحجاج الأقصرى كان الجميع فى مولد أبو الحجاج يخرجون إلى ساحة مسجد أبى الحجاج الأقصرى ويتحركون منها طائفين شوارع الأقصر يذكرون الله وينشدون الأناشيد الدينية ويرتلون القرآن ويمارسون التحطيب والرقص بالعصا والرقص بالخيل وركوب الجمال التي تحمل توابيت من القماش المزركش، ولكن خلال السنوات التي أعقبت ظهور فيروس كورونا تم منع الدورة السنوية للمولد وألغيت أيضاً هذا العام، حيث أنه من ملامح احتفالات التى كانت مولد أبى الحجاج الأقصرى، المركب الذى يجره الآلاف ويطوفون به شوارع المدينة يتبعه عربات تحمل أصحاب المهن المختلفة كل يمارس عمله فوق هذه العربة من النجارين والطحانين وغيرهم في مشاهد تمثيلية هزلية وكرنفال شعبي وفني.
وأضاف إمام المسجد لـ"اليوم السابع"، أنه كان قد شهد مسجد العارف بالله أبو الحجاج الأقصري فى 2019، أكبر خطة دعم وتطوير في تاريخه خلال الفترة الماضية، حيث إنه تم الانتهاء تماماً من خطة مديرية أوقاف الأقصر بقيادة الشيخ سيد محمد عبد الدايم لتجديد وتطوير المسجد الذي يعتبر الأشهر والأقدم بمحافظة الأقصر، لخدمة رواده من الأهالى على مدار الساعة بجانب الأفواج السياحية التي تزور المعبد خلال الموسم السياحى الشتوى ضمن زيارة معبد الأقصر، نظراً لقيمة المسجد التاريخية وجدرانه الفرعونية.
ويؤكد الشيخ مبارك على إمام المسجد، أن العارف بالله أبو الحجاج الأقصرى، هو "يوسف بن عبد الرحيم بن عيسى الزاهد"، الذى استقر فى الأقصر وكان ينتمى إلى أسرة كريمة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير فى الدولة العباسية، وينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقد ولد الشيخ في أوائل القرن السادس الهجري بمدينة بغداد، في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، حيث ترك سيدى أبو الحجاج الأقصرى العمل الرسمى وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائى "صاحب مسجد قنا الشهير"، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته فى عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبى عن 90 عامًا، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وترك أبو الحجاج تراثا علميا، ومن أشهره منظومته الشعرية في علم التوحيد وتقع فى 99 بابا، وتشتمل على 1233 بيتا، وتوفى الشيخ بالأقصر عام 642هـ، ويقال أنه كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب معبد الأقصر.
فيما صرح إيهاب صبرى الحجاجى، ابن الأسرة الحجاجية وأحد المنظمين، إن الاحتفالات فى كل عام تكون مظاهرها موجودة فى كافة منازل الأسرة الحجاجية أحفاد القطب سيدي أبو الحجاج الأقصرى، حيث تم خلال السنوات الماضية منع خروج موكب الاحتفال المسمى بـ"الدورة" لمنع التزاحم بين المواطنين، حيث تتقدم الأسرة الحجاجية للجميع بالتهاني لجميع أبناء الأقصر بقدوم المولد.
ويضيف إيهاب الحجاجى لـ"اليوم السابع"، أن العائلة الحجاجية استعدت بصورة كبيرة لفعاليات الاحتفالية بالترتيب لاستقبال الزوار في دواوينهم ومنازلهم وسط أجواء مميزة إحتفالاً بالمولد السنوى، وذلك بعد توقفه لعدة سنوات مضت لظروف أزمة فيروس كورونا، كما سيتم تنظيم فعاليات من قبل أبناء منطقة المنسية حول المسجد للإحتفال بالمولد على طريقتهم السنوية بليالي الذكر والمديح النبوى، موضحاً إنه تقرر إلغاء المولد ومظاهر الاحتفالات ضمن الإجراءات الاحترازية لخدمة وحماية الجميع، حيث إنه مع قدوم ليلة النصف من شعبان في كل عام تأتى الذكرى السنوية لاحتفالات مولد سيدى أبو الحجاج الأقصرى بوسط مدينة الأقصر، وتقرر منع الاحتفالات ودورة المولد، حيث سيتبادل الأهالي التهاني والاحتفالات بالمولد هذا العام فى منازلهم.
أما عن تاريخ ضريح الإمام أبو الحجاج الأقصرى فيقول إيهاب صبري الحجاجي عضو مجلس إدارة جمعية الشباب الحجاجى، أنه الضريح يتميز بطابع خاص، حيث أنه يحتوى على أعمدة أثرية ويضم أجزاءً من معبد الأقصر، الأمر الذى جعل ضمه لوزارة الآثار أمرا حتميا، ويستقبل ضريح أبو الحجاج بالأقصر، بشكل يومى الآلاف من المواطنين، الذين يقومون بتوزيع الخبز الصغير والأرز باللبن والتمر على مريديه، كما تقصده العروس قبل زفافها لطلب البركة بأهل الله الصالحين، ويتميز المسجد والضريح الذي مضى على بنائه أكثر من 8 قرون، بشكله الفريد وتوسطه لكتلة أثرية فريدة يقصدها السياح من مختلف البلدان جعله يخطف أنظار السياح القاصدين لزيارة معبد الأقصر، وتحول لدى الكثير منهم إلى فقرة رئيسية ضمن برامجهم لزيارة آثار مدينة الأقصر، حيث أنه قيمة تاريخية وأثرية تخطف عيون الوافدين إلى معبد الأقصر، للبحث فى تاريخ هذا المسجد والسبب وراء وجوده فى أحضان معبد الأقصر بهذا الشكل.
ويعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 658هـ، الموافق 1286م، وقد بنى بساحة معبد الأقصر على نسق المساجد الفاطمية القديمة، ليزاحم تماثيل رمسيس الثاني أحد أعظم الملوك الرعامسة، الذى ينسب إليه إنشاء معبد الأقصر، ويقف شاهدًا على 3 حضارات إنسانية، حيث يخترق بطابعه الإسلامى بهو معبد الأقصر الذي يحتوى على الكثير من مظاهر الحضارة الفرعونية من أعمدة وتماثيل ونقوش ورسومات لا تزال حية على جدران المعبد، والذى يضم أيضا بالإضافة إلى المسجد بقايا كنيسة قبطية قديمة طمرت تحت مبنى المسجد الذي يرتفع فوق سطح أرض المعبد بأكثر من 10 أمتار، وكان قد تم تسجيل مسجد أبو الحجاج الأقصرى، كأثر إسلامى فى 21 يونيو 2007، وهو عبارة عن ساحة مربعة الشكل، مغطاة بقبو ومدخله الرئيسي يقع بالجهة الغربية جرت له عمارات كثيرة فى العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية والحديثة، وهو مشيد على الجهة الشمالية الشرقية لمعبد الأقصر، ويبلغ ارتفاع مدخله 12 مترًا، ويخلو من الزخارف الهندسية والنباتية واللوحات الخطية المعروفة في العمارة الإسلامية.
كما يعلو المسجد شريط من الشرفات المبنية بالطوب الأحمر، لكن ما يميز المسجد عن بقية المساجد هو احتوائه على أعمدة وأعتاب ونقوش مشابهة تماما لمعبد الأقصر، وقد جاء اكتشاف هذه النقوش بالصدفة البحتة بعد تعرض المسجد لحريق، وكانت المفاجأة عندما كشف العاملون بالترميم عن وجود أعمدة أثرية من الطراز الفرعونى مطمورة بالمسجد، وتبين أن هذه الأعمدة هى جزء من معبد فرعونى ضخم يغطيه تل من التراب والطمى وهو نفس التل الذى قام سيدى أبو الحجاج الأقصرى ببناء مسجده فوقه، موضحاً أن مأذنة مسجد أبو الحجاج الأثرية من أعرق وأشهر المآذن بمصر، فهى أقدم أجزاء المسجد القديم وتعود إلى عصر أبو الحجاج، وتتكون من ثلاث طبقات الأولى مربعة الشكل، والثانية والثالثة على شكل أسطوانى، وقرب نهايتها مجموعة من النوافذ والفتحات، وهى مبنية بالطوب اللبن، والجزء الأسفل المربع مقوى بأعمدة خشبية، وتشبه مئذنة مسجد أبو الحجاج مآذن الصعيد القديمة ذات الطراز الفاطمى ويبلغ ارتفاعها نحو 14 مترا، وقد أجريت للمسجد عدة عمارات وتوسعات، وتم ترميمه أوائل القرن العشرين، وخلال النصف الأول من القرن نفسه أنشئ مسجد جديد على الطراز ذاته بجوار المسجد القديم، وفى عام 2009، انتهت أعمال ترميم فى المسجد استغرقت عامين، وجرت تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار، وبلغت تكلفتها 7 ملايين جنيه، وشملت العمارة الجديدة توسعة ساحة الصلاة وتدعيم القبة وتغيير الأسقف، بعد أن تعرض المسجد لحريق عام 2007.
الزيارات-فى-ضريح-سيدى-أبو-الحجاج-الأقصرى
باقات-الورود-فى-مقام-سيدى-أبو-الحجاج-الأقصري
تعطير-الضيوف-احتفالاً-بمولد-سيدى-أبو-الحجاج-الأقصرى
توزيع-العصائر-إحتفالاً-بمولد-سيدى-أبو-الحجاج-الأقصرى
جانب-من-الاحتفال-داخل-المسجد-والدروس-الدينية
ضريح-سيدى-أبوالحجاج-يتجمل-مع-المولد-السنوى
فرحة-الأهالى-بمولد-سيدى-أبو-الحجاج-الأقصرى
مظاهر-الإحتفال-داخل-مسجد-سيدى-أبوالحجاج