الفانوس الصاج له ذكريات جميلة متعلقة بذاكرة وجدان المصريين ومع اقتراب شهر رمضان الكريم تعود الذكريات الجميلة بشراء الفوانيس، والفانوس الصاج له أشكال تراثية تيقظ فى القلوب ذكريات الطفولة الجميلة، وفى منطقة شارع الحمام أقدم المناطق الشعبية بمدينة الزقازيق بالشرقية، تقف ورشة العم "رفعت" شامخة محتفظة بمعالمها التي تزيد عن 150 عاما، يصنع بداخلها أجمل أشكال فوانيس رمضان الذى تبقى على هلاله أيام قلائل.
"اليوم السابع" تجول بداخلها للتعرف على سر بقاء هذه الورشة أكثر من 150 عاما محافظة على هذه المهنة على الرغم من كونها موسمية وليست دائمة، ولمعرفة أفضل الفوانيس والمقاسات التى يحبها الجميع، وكذلك التعرف على أسعار الفوانيس، وسر إقبال الكثير من أهالى المدينة على الشراء منها مباشرة بدلا من الذهاب للتجار الذين يضعون ضعف السعر على السعر الخاص به.
فى منتصف الورشة تجلس الحاجة "ايمان عبد المنعم" صاحبة الـ 67 عاما على كرسي من البلاستيك، تباشر مهام العمل بين الصنايعية، تنفيذا لوصية زوجها العم " رفعت السمكرى" الذى رحل قبل عامين حزنا على وفاة إحدى بناته فى ريعان شباها، فلم يتحمل قلب صانع البهجة الحزن الذى انتابه ولحق بها، وقبل وفاته همس فى أذن زوجته أن تظل ورشته مفتوحة.
"الورشة ستظل مفتوحة بحس الغالى" بهذة الكلمات سردت الزوجة الأصيلة رحلتها مع العم "رفعت" قائلة : إنها تزوجت فى الثانية عشر من عمرها من نجل عمها" رفعت" و والده الحاج " أحمد" هو أول من أدخل تصنيع الفوانيس فى محافظة الشرقية، واخدها عن الفاطميين من وقت محاولتهم استطلاع رؤية هلال رمضان، حيث كانوا يصحبون فوانيس كبيرة بداخلها شمع، وبعد ذلك تطورت الصناعة واصبح للفانوس أشكال متعددة، وزوجى ورث الصنعة من أبيه.
استرجعت الزوجة الوفية، ذكرياتها داخل الورشة: زوجى عمل فى تصنيع الفوانيس فى التاسعة من عمره، وفى ذلك الوقت كان يعتمد على الفوانيس بشكل أساسى فى الإنارة والزينة طوال العام، فكانت الورشة لا يمر يوما بدون ضغط شغل، فالفانوس كان يزين الحنطور ومراكب الصيد للصيادين والشوارع والمساجد، مع التطور العصرى أصبح العمل مرتبط بموسم شهر رمضان فقط، وكان قديما تصنع الفوانيس من النحاس والزجاج باشكال على نمط واحد، ثم طورنا المهنية بتصنيع الفوانيس من علب السمنة الصفيح، نقوم بغسلها جيدا فى البحر الذى حمل مكانه منطقة الكوبرى، ونقطع من العلب الصفيح شرائح الفوانيس، وحاليا نتطور العمل لكى يكون تحفة فنية يستخدمها المواطن للزينة فى المنزل طوال العام، منوهة أنها شاهدة على مراحل تصنيع الفوانيس داخل الورشة بداية الزجاج إلى الصاج، وتعتز بإصابة مازالت محفورة بيها اليسرى تعرضت لها أثناء تقطيع الصفيح فى بداية امتهنها المهنة، حيث كانت تعمل منذ كان الفانوس يباع بخمسة صاغ، وكانت الورشة تصنيع الالمبة السهراية فانوس، وبالرغم من بلوغها من الكبر عتيا لم تترك ورشة زوجها حيث تتواجد منذ التاسعة صباحا حتى العاشرة مساء فترة العمل فى المواسم لمباشرة الصناعية وتسافر إلى ميت غمر لشراء الصفيح.
واستطردت: أن بيع الفوانيس ليس قاصرا على المسلمين فقط، فأغلب زبائنها من الأخوة الأقباط الذين يحرصون كل عام علي شراء الفانوس مع كتابة رسومات معينة عليها، بالإضافة إلى أن البعض أيضا يطلب طبع صورته وزوجته أو أولاده علي الفانوس، مشيرة أن جميع أشكال الفوانيس تصنيع داخل الورشة بكافة الاشكال والاحجام والاسعار تبدا من 25 جنيه تناسب الجميع.
تزخر الورشة من الداخل بكافة أشكال الفوانيس، بعضها صنعها العم " رفعت" قبل وفاته حيث تقول زوجته: زوجى كان روحه فى الورشة وكان ينتظر شهر رمضان من العام للعالم، ليس من أجل الربح المادى، ولكن من اجل ادخال البهجة والفرحة فى قلوب أطفال الشرقية، كان الجميع يحبه ويعشقون مداعبته الطيبة لهم، وأغلب زبائنه كانوا من الأخوة الاقباط، وطول رحلته كان مخلص متفاني يتقى الله فى عمله ولا يسعى الى الربح المادى، الصعبة كان يعتبرها زي واحد من اولادنا، وربنا رزقنا بأربعة بنات وولد، ومنذ عامين توفيت إحدى البنات فجأة دون معاناة مع المرض تاركة لنا 3 أطفال فى عمر الزهور، فلم يتحمل قلبه العطوف الحزن فارق الحياة حزنا عليها، وأوصى ان تظل الورشة مفتوحة تصنيع الفوانيس وتسعد الأطفال والكبار بأسعار فى متناول الجميع.
فوانيس-رمضان-(2)
فوانيس-رمضان-(1)
جانب-من-الورشة-(2)
جانب-من-الورشة-(1)
تصنيع-الفوانيس-بالشرقية-(2)
تصنيع-الفوانيس-بالشرقية-(1)
الحاجة-ايمان-خلال-حديثها-لليوم-السابع-(3)
فوانيس-رمضان-(3)