الخميس 2 مارس 2023، كان موعدا لافتتاح عدد من المشروعات التنموية والخدمية بمحافظة المنيا، لكنه تحول إلى يوم تاريخى فى قراراته، وأيضا ما أحاط به من تأييد والتفاف شعبى حول الرئيس، ليعيدوا معا تشكيل العلاقة بين الرئيس والشعب، من أجل استمرار مسيرة البناء والتنمية. المسيرة التى لم تتوقف منذ إطلاقها فى 2014، رغم ما واجه الدولة من تحديات وصعاب، لكن كان التغلب عليها هو السمة المميزة لكفاح شعب فى مواجهة ما يواجهه من ضغوط متلاحقة، تأتينا من الخارج، وتلقى بظلالها الكثيفة على الوضع الداخلى.
فى المنيا كانت هناك تظاهرة شعبية، نقطة تمركزها فى مدينة المنيا الجديدة، حيث مكان الاحتفالية التى شهدها الرئيس السيسى وآلاف المدعوين، ونقاط انتشارها بطول الجمهورية، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، فقد كان أهل المنيا، هم أقرب تمثيل لكل مكونات الشعب المصرى، فى إعلان وقوفهم بجانب الرئيس والدولة، وتعهدهم بأن هذه الوقفة ستظل مستمرة ومتماسكة مهما حدث.
لماذا المنيا؟
لأن المنيا من أكثر محافظات مصر تضررا من عنف جماعة الإخوان الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو 2013، وكانت قبل ذلك المحافظة سيئة الحظ حينما اتخذتها الجماعة الإرهابية، وما تولد عنها من جماعات تكفيرية، موطنا بجانب محافظة أسيوط، فتحولت المحافظتان فى ذاكرتنا إلى موطن للإرهاب قبل 2000.
وكما كانت منسية، ومعرضة لعنف الإرهاب والجماعة الإرهابية، فإنها اليوم شاهدة على الفلسفة التنموية التى تسير عليها الدولة، والتى لا تتركز فى منطقة جغرافية بعينها، وإنما تشمل كل أرجاء الجمهورية، لتصل التنمية إلى كل المصريين، فالمنيا بالفعل شاهدة على اهتمام الدولة بها، ووضعها فى بؤرة الاهتمام، من خلال إعادة الحياة إليها، بمشروعات تنموية متعددة، وبنية تحتية نلمسها فى كل مكان بالمحافظة، فالمنيا بحق هى أقرب مثال لمن يريد أن يعرف كيف تتعامل الدولة مع المصريين.
فى كلمته الارتجالية بالاحتفالية قال الرئيس السيسى: «أنا بعثت قوات خلال عشر ساعات إلى المنيا وبنى سويف فى أعقاب ما حدث من محاولة اعتداء على الناس وعلى الكنائس، من أجل حماية وتأمين الصعيد من محاولة التدمير والتخريب والتضييع، واتقاء مخطط الفتنة والحرب الأهلية فى مصر، والله نجانا من كل هذا وحمى الناس الطيبة البسيطة».
ما قاله الرئيس السيسى بشأن ما تعرضت له المنيا وبنى سويف من هجمات إرهابية من الجماعة الإخوانية فى 2013، تذكير لنا جميعا بأن الرئيس حتى قبل أن يستدعيه المصريون لتولى مسؤولية الرئاسة، يضع كل المصريين وكل شبر فى المعمورة فى اهتمامه، فهو يسير على مبدأ لم يحد عنه أبدا وهو: «طالما نحن يد واحدة، لن يستطيع أحد أن يؤثر علينا أبدا».
«معاك يا ريس»
قبل القرارات التاريخية التى انتصر خلالها الرئيس كعادته للمواطنين فى مواجهة الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، لم ينتظر الحضور هذه القرارات لإعلان تجديد البيعة والوقفة والالتفاف حول الرئيس، لأن الحب عفوى، والمحبة تغذيها الأعمال على الأرض التى لمسها الشعب من الرئيس، فلم يكونوا بانتظار إعلان القرارات ليجددوا البيعة والمحبة، بل أعلنوها صراحة حتى من قبل إعلان القرارات، ودون أن يعلموا بها.
قال الحضور «معاك يا ريس.. سر بمصر إلى بر الأمان».. حينما تحدث الرئيس السيسى عن تأثر مصر «مثل باقى دول العالم تأثرت سلبا بالأزمة الروسية- الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا، مما تسبب فى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على مستوى العالم وتأثر سلاسل الإمداد والتوريد العالمية»، مؤكدا أنه رغم الأزمات الدولية التى تؤثر سلبا على الاقتصاد المصرى، فإن الدولة ماضية فى استكمال مسيرة التنمية والبناء».
قالوا «نحن معك» لأنهم يلمسون الصدق فى القول والفعل، ويرون بأعينهم ما تحقق على الأرض، ليس فى المنيا وحدها، وإنما فى كل شبر على امتداد الجمهورية.
غطاء آمن للحماية الاجتماعية
فى المنيا قال الرئيس السيسى، إن الإصلاحات الاقتصادية التى نفذتها مصر منذ عام 2016 وإنجازات الدولة فى مجال البنية التحتية ساهمت فى احتواء الآثار السلبية للأزمة العالمية، كما قامت الدولة بتوفير غطاء آمن للحماية الاجتماعية ولا تزال تواجه الأزمة من خلال تطوير الصناعة وسد الفجوة الاستيرادية وإنتاج الغذاء وجذب الاستثمارات، موجها حديثه للشعب المصرى بقوله: «ما تم من إنجازات كان بعزيمة المصريين وإرادتهم وامتلاكهم القدرة على استكمال مسيرة البناء والتنمية التى تزامنت مع جهود استعادة الوطن ممن أرادوا سلب هويته.. إننا تجاوزنا على مدار عقد كامل بعزيمة لا تلين أزمات كثيرة ولم تنل من إرادتنا حملات التشكيك والإرهاب التى استهدفت الدولة المصرية».
ووجه الرئيس السيسى التحية إلى أهل صعيد مصر بصفة خاصة وإلى كل الشعب المصرى بصفة عامة، وقال إن «ذلك الشعب الذى يسطّر كل يوم ما يُدلل على عظمته وأصالته الممتدة بامتداد تاريخ أمتنا العظيم.. الأمة المصرية التى صنعت الحضارة وكتبت التاريخ وتسعى بدأب فى الحاضر لصياغة المستقبل»، معربا عن سعادته وفخره بما صنعته أيادى المصريين التى رسمت خريطة جديدة للوطن، وقال إننى «متفائل بشباب مصر الذى يصنع التاريخ ويزرع الأمل وثقتى فيهم مطلقة».
«وضعت المواطن المصرى نصب عينى، وجودة حياته هى الهدف المُحدد الذى لا نحيد عنه.. وبقدر شعورى بحجم الضغوط التى يواجهها فى الوقت الحالى، بقدر ثقتى فى قدراته وتجرده فى تجاوز التحديات.. وأتابع عن كثب شواغل الرأى العام المصرى، وأستمع لكل الأصوات من هنا وهناك»، كانت هذه رسالة الرئيس السيسى لكل المصريين من المنيا، وتبعها بتوجيهاته للحكومة بالتنفيذ الفورى للإجراءات المهمة التى يحمى بها الرئيس المصريين من الضغوط الاقتصادية، وتتمثل الإجراءات فى:
أولاً: التعجيل بإعداد حزمة لتحسين دخول العاملين بالجهاز الإدارى للدولة وأصحاب الكادرات الخاصة اعتبارا من أول إبريل 2023، بحيث يزداد بموجبها دخل الموظف بحد أدنى ألف جنيه شهريا.
ثانيا: زيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالدولة وذلك على النحو التالى:
- بالنسبة للدرجة السادسة وما يعادلها لتكون بقيمة 3500 جنيه شهريا.
- بالنسبة للدرجة الثالثة النوعية وما يعادلها لتكون بقيمة 5000 جنيه شهريا.
- بالنسبة لحاملى درجة الماجستير من العاملين بالدولة لتكون بقيمة 6000 جنيه شهريا.
- بالنسبة لحاملى درجة الدكتوراه من العاملين بالدولة لتكون بقيمة 7000 جنيه شهريا.
ثالثا: زيادة المعاشات المُنصرفة لأصحابها والمستفيدين عنهم لتكون بنسبة 15% اعتبارا من أول إبريل 2023.
رابعا: رفع حد الإعفاء الضريبى على الدخل السنوى من 24 ألف جنيه ليكون بقيمة 30 ألف جنيه سنويا اعتبارا من أول إبريل 2023.
خامساً: زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من برامج تكافل وكرامة بنسبة 25% شهريا، اعتبارا من أول أبريل 2023.
القرارات الرئاسية التى استقبلها الشعب بفرح وترحاب شديد، تؤكد أن الرئيس بالفعل يستمع لنبض الشارع، ويتفاعل معه، وتعكس حرصه على حماية المصريين من التداعيات الراهنة وانتصارا للمواطن البسيط، وهو ما يراكم كل يوم حجم الثقة المتبادلة بين الرئيس والمصريين، لذلك حرص الرئيس السيسى للتأكيد للمصريين أن الدولة تعمل من أجل تجاوز آثار الأزمة العالمية وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد، وقوله للمواطنين: «لا داعى للقلق نهائيا على الأوضاع الراهنة، الدولة والحكومة تبذلان كل الجهد لتجاوز الأزمات وتخفيف الآثار الاقتصادية الصعبة عن طريق اتخاذ بعض الإجراءات اللازمة لذلك»، منبها إلى أمر خطير، يدركه الشعب، لكن استمرار التذكير به أمر مفيد، وهو أن هناك قوة شر تحاول بشتى الطرق إفقاد المصريين الثقة فى أنفسهم وفى القيادة السياسية، فهذه القوى كما قال الرئيس: «تحاول تخريب الدولة منذ عام 2013، وأن الكثير من الدول ما زالت متضررة مما حدث لها ولم تستطع تجاوزه بسبب قوى الشر، وأن الله تعالى حفظ مصر من هذا الشر».
«لا تقلقوا أو يخاف أحد من المستقبل، سيكون غدا أفضل من اليوم ولابد أن تكونوا متأكدين من ذلك، وتذكروا الصعوبات عام 2013 لتعلموا إننا كنا فى خطر شديد جدا».. رسالة قوية من الرئيس للمصريين، بأن الماضى الذى كان شاهدا على وقوف الدولة بجانب الشعب، هو مؤشر على المستقبل بأن الدولة أبدا لن تتخلى عن الشعب، بل ستكون معه خطوة خطوة.