تعد وثيقة سياسة ملكية الدولة واحدة من أهم التحركات الهامة التى توليها الدولة اهتماما من أجل تشجيع القطاع الخاص فى مصر، حيث تستهدف استكمال الإصلاحات التى تتبناها الدولة المصرية فى إطار تعزيز دور القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، وخلق البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات، وذلك لوضع الأسس والمرتكزات الرئيسة لتواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى، وسياسة الملكية التى تتبعها الدولة والمنطق من ورائها، وذلك كمرحلة أولى من مراحل تحديد سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول المملوكة لها.
وخلال اجتماع للجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أكد المهندس محمود عصمت وزير قطاع الأعمال العام، أن الوزارة عملت خلال الشهور الماضية وفق استراتيجية محددة وواضحة لتحسين أداء الشركات التابعة، وتعظيم الإيرادات والأرباح بما يتناسب وحجم الأصول التى تمتلكها.
وأوضح الوزير أن هذه الاستراتيجية تأتى متوافقة مع وثيقة سياسة ملكية الدولة التى حددت الأنشطة الاقتصادية التى ستتواجد بها الدولة والقطاعات التى سيتم التخارج منها لصالح الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى، مشيرًا إلى توجه الوزارة نحو الدخول والمساهمة فى صناعات استراتيجية جديدة بهدف توطين الصناعة وخفض الواردات واحلال المنتج المحلي.
وأكد المهندس محمود عصمت أن الوزارة أعدت قائمة بالفرص الاستثمارية المتاحة لدى شركاتها التابعة لطرحها على المستثمرين المحليين والأجانب، مضيفا أن الوزارة لديها حصر دقيق لكافة الأصول غير المستغلة المملوكة للشركات، وتم الاستفادة من بعض هذه الأصول من خلال مبادلتها بمديونيات تاريخية على الشركات لصالح جهات حكومية.
وأوضح المهندس محمود عصمت أن العمالة تمثل أحد أهم الأصول لدى الشركات التابعة، إذ تحرص الوزارة على الاستثمار بالعنصر البشرى من خلال التدريب وإعادة التأهيل فى النواحى الفنية والإدارية لرفع كفاءته وتنمية مهاراته وقدراته.
وخلال الاجتماع أجاب المهندس محمود عصمت، على استفسارات النواب حول العديد من المشروعات الجديدة والتطوير والتحديث فى قطاعات عديدة، ومنها مشروع التطوير الشامل لشركات القطن والغزل والنسيج بتكلفة استثمارية تصل إلى نحو 30 مليار جنيه، بدءًا من زراعة وتجارة القطن وصولًا إلى المنتج النهائى، وتحقيق قيمة مضافة للقطن المصرى وكذلك إنشاء معاصر للزيوت داخل المحالج المطورة.
وتطرق المهندس عصمت إلى تجربة زراعة القطن قصير التيلة التى تتبناها وزارة قطاع الأعمال العام بمنطقة شرق العوينات، موضحًا أنها حققت نتائج إيجابية خلال الموسم الماضى بإنتاجية حوالى 10 قناطير للفدان، والتى تهدف إلى تقليل الواردات من الأقطان قصيرة التيلة، وتوفير مستلزمات الصناعة من هذه النوعية واتخاذ ما يلزم من إجراءات فنية للحفاظ على القطن المصرى طويل التيلة.
وأشار الوزير إلى مشروعات تطوير شركة النصر للأسمدة بالسويس والمساهمة مع القطاع الخاص فى مصنع لإنتاج الأمونيا الخضراء، والمرحلة الثانية من تطوير شركة كيما بأسوان والتى تشمل إنشاء وحدة جديدة لحامض النيتريك ونترات الأمونيا، لافتا إلى الانتهاء من الدراسات الخاصة بتطوير شركة الدلتا للأسمدة بطلخا خلال الشهور القليلة المقبلة.
وأضاف الوزير أن شركة النصر للسيارات نجحت مؤخرًا فى إنتاج نماذج من مركبات للنقل الجماعى تعمل بالغاز الطبيعى وفق المعايير الأوروبية تماشيا مع استراتيجية الدولة لتوطين صناعة السيارات والتحول نحو استخدام الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى أن هذه المركبات تشمل أحجام مختلفة من سيتى باص ومينى / ميدى باص وميكروباص.
وأكد المهندس عصمت أن هناك مباحثات حالية مع شركة كبرى للتوسع فى صناعة المادة الخام اللازمة لصناعة الأدوية ضمن خطة تطوير شاملة لهذا القطاع، موضحًا أن شركات قطاع الأعمال العام مستمرة فى العمل والإنتاج لسد احتياجات السوق خاصة فى القطاعات الحيوية الهامة مثل الأسمدة والأدوية والصناعات المعدنية مثل الألومنيوم وغيرها.
وفى سياق متصل تستهدف وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصول، رفع معدلات النمو الاقتصادى إلى مستويات محققة لطموحات المصريين، وذلك عن طريق رفع معدل الاستثمار إلى ما يتراوح بين 25%, 30%، بما يسهم فى زيادة معدل النمو الاقتصادى إلى ما بين 7% و10% لتوفير فرص عمل كفيلة بخفض معدلات البطالة.
كما تستهدف الوثيقة، تمكين القطاع الخاص المصرى، وتوفير فرص متنوعة لتواجده فى الأنشطة الاقتصادية كافة، بما يساعد على رفع نسبة مساهمته الاقتصادية فى الناتج المحلى الإجمالى والاستثمارات المنفذة، والتشغيل والصادرات والإيرادات الحكومية، كما أنها تساعد فى تركيز تدخل الدولة لضخ الاستثمارات وملكية الأصول فى قطاعات رئيسة يُعد عملا أصيلا للدولة، بما يشمل القطاعات التى يعزف القطاع الخاص عن الدخول فيها، فى حين ينعكس تطوير تلك القطاعات بشكل مباشر فى تحسين بيئة العمل للقطاع الخاص.
كما تستهدف الوثيقة، حوكمة تواجد الدولة فى الأنشطة الاقتصادية، حيث تستهدف الحكومة التواجد فى القطاعات الاقتصادية وفقا لمعايير محددة، وأن يتم التحول من إدارة مؤسسات الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة، وذلك من خلال تحديد آليات تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها سواء من الإدارة أو الملكية هذا إلى جانب تحقيق وفورات مالية تُمكّن من دعم أوضاع الموازنة العامة، وتحقيق الانضباط المالى، وضمان الاستدامة المالية، وتعزيز قدرة الدولة المالية على دعم شبكات الأمان الاجتماعى لحماية الفئات الهشة، وزيادة مستويات قدرة صمود الاقتصاد المصرى أمام الأزمات.
وفى سياق تنفيذ سياسة الملكية للدولة المصرية، فإن هناك عددا من الموجهات الأساسية التى سيتم مراعاتها لضمان التنفيذ الناجح لسياسة الملكية بما يشمل، أولا التنفيذ على مراحل وبشكل تدريجى، حتى ولو كانت محققة المراحل قصيرة الأمد، على أن يكون التخارج بحسب الاستثمار طبيعة الأنشطة الاقتصادية، وما تفرضه طبيعة التطورات الاقتصادية المحلية والدولية وثانيا مراعاة الأبعاد الاستراتيجية والأمنية للأنشطة الاقتصادية عند اتخاذ قرارات ملكية الدولة للأصول: فالدولة ستحافظ على التواجد فى عدد من الأنشطة ذات الأولوية وذات البعد على رفع الاستراتيجى وثالثا استهداف سياسة الملكية لتحسين طريقة تخصيص الموارد الاقتصادية، ورابعا تنفيذ تخارج الدولة من الأنشطة والقطاعات المستهدفة يتحدد وفقا لرغبة واستجابة القطاع الخاص الفعلية بالتواجد فى تلك الأنشطة، مع التزام الدولة بمواصلة كافة الإصلاحات التى من شأنها تعزيز وزيادة مستويات جاذبية مناخ الأعمال.
وخامسا القيام بحصر جميع الشركات المملوكة للدولة أو المساهمة فيها لإعداد قاعدة بيانات تفصيلية لها، حتى يتسنى تحديد جدوى الاستمرار بتلك الشركات وآلية مشاركة القطاع الخاص بها.وسادسا تقييم الأصول المملوكة للدولة استنادا إلى أسس عادلة ومحايدة، وبما يتوافق مع المعايير الدولية لتقييم الأصول، وسابعا تحديد منهجية التعامل بعد التخارج لتجنب التداعيات غير المواتية، من حيث (العمالة والإيرادات، )
ووفقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة سيتكامل مع تنفيذ سياسة ملكية الدولة للأصول قيام الحكومة المصرية بتبنى منظومة كاملة من السياسات الاقتصادية الكلية المحفزة لنشاط القطاع الخاص على عدد من الأصعدة حيث تحرص الدولة المصرية على تبنى سياسة نقدية داعمة للاستقرار السعرى ومعززة لأسس استقرار الاقتصاد الكلى تسعى إلى خفض معدلات التضخم وتحفيز مستويات الائتمان الممنوح، وسياسة مرنة السعر الصرف تساعد على زيادة مستويات تنافسية الصادرات المصرية، بما يدعم فى مجمله بيئة الأعمال، ويحقق المستهدفات الاقتصادية الكلية.
كما تلتزم الدولة المصرية بتبنى سياسة مالية تستهدف تحقيق الانضباط المالى والتحرك نحو مسارات أكثر استدامة للدين العام بما يساعد على توسيع الحيز المالى الداعم للنشاط الاقتصادي. إضافة إلى منظومة من السياسات التى تستهدف تحسين بيئة ممارسة الأعمال للمستثمر المحلى والأجنبى وخفض كلفتها. وتسريع وتيرة التحول الرقمى فى تقديم الخدمات الحكومية والتحسين المستمر لمستويات جودتها، كما ستسعى الدولة كلما كان ذلك ممكنا إلى معالجة إخفاقات السوق من خلال أدوات المالية العامة لها.
وستستمر الدولة فى تبنى الإصلاحات المكملة والمعززة لمناخ الأعمال فى مصر، بما يوفر بيئة مواتية وجاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية خاصة القطاعات ذات الأولوية للدولة فى المصرية بما يتضمن الإصلاحات التنظيمية والمؤسسية والقانونية وبما يحقق دعم وتمكين القطاع الخاص. كما تحرص الدولة على توفير الحوافز اللازمة لتشجيع وجذب الاستثمارات خاصة المرتبطة بتعزيز الإنتاجية والتنافسية.