أصدرت دار الإفتاء المصرية كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وغطَّى كافَّة الموضوعات التي تهمُّ الأسرة المصرية.
وتعتزم دار الإفتاء توزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القران، كما تعتزم تحويل محتوى الدليل إلى برامج تدريبية وتأهيلية للمُقبلين على الزواج، بالإضافة إلى إطلاقها حملات إعلامية لنشر أهداف الدليل، فضلًا عن نشر محتوى الكتاب على هيئة "بوستات" عبر منشورات على منصَّات التواصل الاجتماعي.
وفى صدر الكتاب قدمت نصائح وإرشادات في العلاقة بين الزوجين، حيث راعـت الشريـعة الإسلاميـة، نظام العلاقة بين الرجل والمرأة وفــق الاستـعداد الفطـري والتكويـن الجسـدي لكل منـهما، وذلـك لإعمـار الأرض وتحقيـق معنى السكن والمودة والرحمة، مـع غرس روح التـعاون والمشـاركة لصالح الطرفيـن ولصالح المجتـمع كله، فتتسق بذلك دواعي الطبع مع دواعي الشرع، وذلك على النحو الآتى:
1. خدمة المرأة أقارب زوجها من باب المروءة وحسن العشرة.
خدمة الزوجة لأقارب زوجها: كالأب والأم، ليست أمرا واجبًا، ولكنها من باب حسن العشرة والبر والفضل الذي يحبه الله تعالى ويرضاه، فتقوم المرأة بذلك احتسابًا للأجر عند الله تعالى، وإظهارًا لمنزلة زوجها وإكرامًا له، وكذلك على الزوج أن يرعى أهل زوجته ويخدمهم كأهله، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡ﴾ [البقرة: 237].
2. لا يجوز لأحد الزوجين أن يُسكن أحد أهله أو أقاربه معه دون الاتفاق مع زوجه.
ليس للزوج أن يسكن أهله وأقاربه معه في المسكن الـذي أعده للزوجية دون موافقة زوجته، وإن وافقت على ذلك ثم تضررت من وجودها مع أهله وكثرت النزاعات بينهم، فلها حق الرجوع عن موافقتها على ذلك، ويجب على الزوج أن يسكنها في مسكن مستقل بها، وكذلك ليس للزوجة أن تسكن أحد أقاربها في مسكن الزوجية إلا بعد موافقة زوجها.
3. التزما بالآداب العامة عند زيارة الأقارب، كغض البصر، ولبس الثياب اللائقة، والحذر من لبس الثياب الخادشة للحياء أمامهم.
إن الأدب مع الأهل والأقارب والناس جميعًا من أهم أخلاق المسلم، فلتحرصا على الظهور أمام المحارم وغيرهم بملابس ساترة لجميع البدن تجنبًا للوقوع في الفتنة، وذلك حفاظًا على الآداب الشرعية والمجتمعية، قال الله تعالى: ﴿فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ﴾ [النساء:34].
وعلى الزوجة أن تستخدم الكلام الطيب مع أقاربها وأقارب زوجها، ولا ترقق كلامها ولا تكسِّره حتى لا يطمع فيها أحد، فالإسلام ينهى المرأة عن ترقيق صوتها والخضوع في القول، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَخۡضَعۡنَ بِٱلۡقَوۡلِ فَيَطۡمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلۡبِهِۦ مَرَضٞ﴾ [الأحزاب: 32].
وعلى الزوج أيضًا أن يكون معتدلًا في كلامه، فيحفظ مقام الأدب، ولا يتلفظ إلا بما يليق، وأن لا يكون فاحشًا أو بذيئًا في كلامه.
4. احذر من المدح - المبالغ فيه - لإحدى قريبات زوجتك، فربما ترك ذلك أثرًا سيئًا في نفس زوجتك أو فتنة في نفس قريباتها.
على الزوجين أن يلتزما بالآداب العامة في الحديث مع كل الناس وخصوصًا الأقارب ومن يختلطون بهم؛ وذلك حتى يكونا في مأمن من الفتنة وغوايتها، فعلى الرجل أن يحذر في تعامله مع غير زوجته من النساء، فلا يتكلم إلا بأطيب الكلام وأحسنه، ولتكن كلماته واضحة لا لبس فيها.
وعلى الزوجة أن تتعامل مع غير زوجها من الرجال بكل أدب واحترام، ولتكن كلماتها وعباراتها وصوتها عنوان كرامتها وشرفها، فلا تتكسر في أثناء محادثة الرجال.
5. على الزوجين الحذر عند معاملة أحد من أقارب الطرفين، بحيث لا يعرض نفسه للظنون والتهم، ومن وضعَ نفسه موضع ريبة فلا يلومن إلا نفسه.
فقد جاء عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ومن تعرض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن”. ولما جاءت السيدة صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى معتكفه في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب، (أي: تعود إلى بيتها) فقام صلى الله عليه وسلم معها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: «على رِسْلِكما، انتظرا، إنما هي صفية بنت حُيَيٍّ»، فقالا: سبحان الله يا رسول الله!! وكبُرَ عليهما ما قال النبي لهما، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا».
6. لا يأذن أحدكما لأحد بالدخول إلى بيتكما إلا برضا الآخر ورغبته.
وهذا من الحقوق المتبادلة بين الزوجين، وهو للرجل على المرأة أحق، فقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهون»، خاصة إذا كان الداخل من أقارب الزوج الذكور، وقال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والدخول على النساء» فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت». والحمو هو: قريب الزوج، وذلك لأن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير أن يُنكر عليه بخلاف الأجنبي.
وقد أوقع التسامح والتساهل مع أقارب الزوج الذكور الكثير من المصائب.
فلتحذر المرأة أن تثير شكوك الزوج حتى وإن كانت نيتها حسنة، ومقصدها طيبًا، وإذا علمت الزوجة أن زوجها يكره أن يَدخل بيته أحد محارمها -غير الوالدين- كالأخ أو العم أو الخال فلا تدخله بيتها، لا سيما إن كان هذا الداخل ممن يسبب لهما ضررًا أو فتنة، وأما إن كانت تعلم أن زوجها لا يمانع فالأفضل أن تستأذنه في ذلك، وأما غير المحارم فلا يجوز دخولهم عليها إلا في وجود زوجها أو ذي رحم محرم لها؛ لأن الخلوة بالمرأة الأجنبية حرام شرعًا.
وكذلك على الرجل أن يحرص على ألا يكون في موضع الفتنة، وليحذر في تعاملاته مع غير زوجته، وأن يمنع نظره إلى ما حرم الله، وأن يفرَّ من مواضع الفتنة.
7. على الأقارب من الطرفين مراعاة آداب الزيارة ومواعيدها وحدودها، وألا يفاجئوا الزوجين بالزيارات المباغتة.
من آداب الإسلام في الزيارة عمومًا مراعاة آدابها، إذ جاء الإسلام برفع الحرج وعدم إيذاء الآخرين والاعتداء على حقوقهم.
8. اجتنبا مبيت غير المحارم في منزلكما إلا عند الحاجة.
ينبغي القيام بحق الضيف، وإذا اضطرته الظروف إلى المبيت فليكن في مكان خاص، وذلك عند عدم خوف الفتنة أو وقوع الضرر، مع الحفاظ على حرمة البيت وسلامة الأهل.
وانتبها إلى أنه ليس من محارم الزوج: بنت خاله، وبنت خالته، وبنت عمه، وبنت عمته، وكذلك أخت زوجته أو عمتها أو خالتها.
وأنه ليس من محارم الزوجة: ابن خالها، وابن خالتها، وابن عمها، وابن عمتها، وكذلك أخو زوجها أو عمه أو أحد أقاربه، وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ».
9. يجب إرشاد الأولاد داخل الأسرة بالتزام الاستئذان عند دخول البيت والحمام والغرف المخصصة للبنات.
يجب أن يتعلم الأولاد آداب الاستئذان عند دخول البيت أو الحمام أو غرف النوم، وذلك تربيةً لأخلاقهم وحفاظًا على سلامة الأسرة وشرفها، فعلى الأولاد أن يتخلقوا بالأخلاق الحسنة في تعاملهم مع النساء، وكذلك على البنات أن يتعلمن الحشمة والأدب في دخول غرف الرجال، وفي الحديث: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أستأذن على أمي؟ فقال: «نعم»، فقال: إني معها في البيت؟ فقال: «استأذن عليها»، فقال الرجل: إني خادمها؟ فقال: استأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟! قال: لا، قال: «فاستأذن عليها».
وروي عن علقمة قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقال: أستأذن على أمي؟ فقال: ما على كل أحيانها تحب أن تراها! وسأل رجل حذيفة رضي الله عنه، فقال: أستأذن على أمي؟ فقال: إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكرَهُ. فلا بد من مراعاة آداب الاستئذان عند الدخول على محارمكم ولو كانوا في بيتكم.
10. على الزوجين أن يعاملا جيرانهما وأصدقاءهما معاملة حسنة.
التواصل مع الآخرين من أهل وأصدقاء وجيران يجب أن يكون مبنيًّا على الاحترام والإحسان والصيانة والعفاف، فحق الجار كف الأذى مع الإحسان والبر والصلة، قال سيدنا عليٌّ كرم الله وجهه: “ليس حسن الجوار كف الأذى بل الصبر على الأذى. ورحم الله زمنًا كان الرجل تُهدى إليه الهدية من الطعام أو غيره فيدفعها إلى جاره فيدفعها إلى آخر، ثم يدفعها الثالث إلى آخر، وهكذا إلى سبعة دور حتى ترجع إلى الأول”. قال الله تعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ﴾ [النساء: 36]، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة