قال الدكتور شوقي علَّام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن فتح مكة نصرٌ مبينٌ وانتصارٌ عظيمٌ للإسلام والمسلمين، يجب أن تُستخلص منه الدروس المستفادة التي تؤسِّس لكيفية مجاهدة النفس، والنظر للمآلات، مع الخبرة والحكمة في إدارة الأزمات، وبكل ذلك يكون التقدم والرقيُّ والدعوة إلى الله تعالى والوقوف على مقاصد الشرع من الخلق.
وأضاف خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج “كل يوم فتوى” على قناة صدى البلد، أن صلح الحديبية كان يُعد فتحًا، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل المشركين ولا غير المسلمين في ذلك الوقت، فالثابت أن بعضهم لم يدخل الإسلام بدليل أن أبا سفيان بن حرب لم يزل بعد على الشرك، ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ".
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أخذ برأي زوجته السيدة أم سلمة رضي الله عنها في أمر من أشقِّ الأمور؛ اعترافًا بصواب رأيها وحكمتها، وفي هذا دليل على ضرورة تقدير دَور المرأة في الحياة الأسرية، وكان لأمِّ سَلمة دَور جليل لم يَنْسَهُ التاريخ؛ فبعد صُلح الحديبية اعتبر بعض المسلمين أنَّ ما حدث في هذا الصلح فيه نوعٌ من الذِّلَّة، وحين طلب منهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل عودتهم إلى المدينة أن يحلقوا رءوسهم، ويذبحوا الهَدي؛ تحلُّلًا من الإحرام لم يفعلوا، فكرَّرها ثلاث مراتٍ فلم يَقُمْ أحدٌ منهم، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها غاضبًا قائلًا: «هَلَكَ الـمُسْلِمُونَ»، وأخبرها بما حدث، فجاء الحلُّ لهذه الغُمَّة على لسانها، حيث ردَّت قائلة: يا نبيَّ الله، أتحبُّ ذلك؟ اخرجْ ثم لا تُكَلِّم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، فنحر بيده ودعا حالقه فحلقه، فلمَّا رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق لبعض حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا.