ظاهره "تايوان" وباطنه "الغاز".. سر توجه قادة أوروبا إلى الصين.. "قوة سيبريا" مشروع عملاق لنقل الغاز من روسيا إلى الصين يثير قلق القارة العجوز.. ماكرون أكد على عدم التبعية فى أى صراع.. وألمانيا تسعى لتوازن جديد

الجمعة، 14 أبريل 2023 06:00 ص
ظاهره "تايوان" وباطنه "الغاز".. سر توجه قادة أوروبا إلى الصين.. "قوة سيبريا" مشروع عملاق لنقل الغاز من روسيا إلى الصين يثير قلق القارة العجوز.. ماكرون أكد على عدم التبعية فى أى صراع.. وألمانيا تسعى لتوازن جديد ماكرون ورئيس الصين
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو الأمر غريبا للوهلة الأولى، فحلفاء أمريكا المقربين يتوافدون على بكين، الخصم الرئيسى لواشنطن الآن والتى باتت الولايات المتحدة تعتبرها التهديد الأول لأمنها القومى.

 

 فخلال الأسبوع الحالى، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكين أدلى خلالها بتصريحات أثارت الجدل، حيث قال إنه لا ينبغى أن تصبح أوروبا تابعا، وانها يجب أن تتجنب أن يتم جرها إلى أى صراع بين الولايات المتحدة والصين حول تايوان.

 

وأضاف أن حاجة أوروبا إلى الاستقلال الاستراتيجى أصبحت مقبولة الآن على نطاق واسع، ولم يكن هناك مثل هذا التسارع فى القوة الأوروبية فى السنوات الأخيرة. ماكرون قال أيضا فى حديث لوسائل إعلام لدى عودته من الصين إن تصاعد التوتر فى مضيق تايوان ليس في مصلحة أوروبا، وأضاف قائلا إن الأمر سيكون "فخا" لأوروبا أن "تشارك فى اضطراب العالم وأزماته، التى ليست أزماتنا.

 كما بدأت أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، الخميس، زيارة لبكين، قالت أن هدفها البحث عن توازن جديد مع الصين، التى تعد شريك تجارى مهم يزداد رغبة فى تشكيل النظام العالمى وفق رؤيته الخاصة. قالت بيربوك فى بيان صدر قبل زيارتها الأولى للصين "أريد أن أكوّن فكرة أوضح عن توجه القادة الجدد لا سيما فى ما يتعلق بالتوتر بين السيطرة السياسية والانفتاح الاقتصادي".

 

وكانت وزارة الخارجية الألمانية حذرت قبل ساعات بكين من أى تحركات "عسكرية تهدد" تايوان وتزيد من "خطر مواجهات عسكرية غير متعمدة".

 

وقالت برلين إنها "قلقة جدا من الوضع فى مضيق تايوان"، داعية "جميع الأطراف فى المنطقة" إلى المساهمة "فى الاستقرار والسلام". لكنها قالت أيضا وتابعت قائلة: "الصين شريك ومنافس وهذه بوصلة السياسة الأوروبية تجاه بكين.. فى أى اتجاه ستتأرجح البوصلة فى المستقبل يعتمد هذا على المسار الذى تختاره الصين.. من خلال استراتيجيتنا الجديدة للصين، سنأخذ دور الصين المتغير فى العالم بعين الاعتبار. بالنسبة لبلدنا، يعتمد الكثير على ما إذا كنا سننجح فى تحقيق التوازن الصحيح فى علاقتنا المستقبلية مع الصين"

 

وتشغل تايوان اهتماما كبيرا على الصعيد العالمى، بعد تصعيد الصين التى أجرت تدريبات محاكاة لهجوم على أهداف رئيسية فى تايوان، وذلك أعقاب قيام رئيستها تساى إنج وينج بزيارة (غير رسمية) إلى الولايات المتحدة، ولقائها مع رئيس مجلس النواب الأمريكى ميفين مكارثى فى كاليفورنيا.

 

 لكن توجه قادة أوروبا إلى الصين لا يبدو نابعا فقط من قلق بشان تايوان، وإنما هناك سبب أقوى يتمثل فى الغاز.

 

 فبنظرة إلى الخلف، وكأحد تداعيات الحرب الروسية فى أوكرانيا، بدأت أوروبا تتخلى عن الغاز الروسى الذى كانت تعتمد عليه بشكل أساسى كمصدر للطاقة، روسيا كانت تمثل 40 % من الغاز الذى تحتاجه أوروبا. وقد دفع هذا موسكو إلى تعويض غياب مصدر أساسى للدخل بتوجيه جزء لا بأس به من مخزونها الهائل من الغاز إلى الصين.

 

وفى ديسمبر الماضى، عقدت روسيا والصين مشاورات مكثفة حول مشروع خط أنابيب الغاز الجديد "قوة سيبيريا 2"، بهدف نقل الغاز الطبيعى الروسى من حقل "يامال" الواقع غرب سيبيريا إلى الصين، التى تعد من أكبر مستهلكى الطاقة فى العالم واسرعها نموًا فى هذا المجال، على أن يتم البدء فى المشروع فى 2024.

 

التحركات الروسية الصينية، تحدث عنها وزير الطاقة الروسى ألكسندر نوفاك منتصف سبتمبر الماضى، عندما سؤال فى مقابلة مع قناة "روسيا 1" عما اذا كانت بلاده بصدد تبديل استراتيجيتها فى مجال تصدير الطاقة من خط أنابيب "نورد ستريم 2" الأوروبى إلى "قوة سيبيريا 2" الآسيوى، فأجاب "نعم"، مشيرًا إلى أن الصين فى طريقها للتفوق على الاتحاد الأوروبى كمستورد رئيسى للغاز الطبيعى، وهو ما يتلائم مع المدى الزمنى للمشروع المقرر اكتماله بحلول 2030.

 

وخلال زيارته الشهر الماضى لبكين، قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن خط أنابيب غاز "قوة سيبيريا" أصبح "صفقة القرن" من حيث السعة والحجم، إذ زادت إمدادات النفط والفحم الروسى إلى الصين بشكل كبير.

 

وأوضح بوتين فى مقال لصحيفة "الشعب" الصينية بعنوان "روسيا والصين - شراكة تتطلع إلى المستقبل": "يتم تنفيذ الخطط والبرامج المشتركة طويلة الأجل بنجاح. على سبيل المثال، أصبح خط أنابيب الغاز الرئيسى الروسى الصينى قوة سيبيريا، دون مبالغة، صفقة القرن من حيث حجمها.. حجم إمدادات النفط والفحم المحلى إلى الصين زاد بشكل كبير".

 

وأضاف بوتين: "تشارك الشركات الصينية بنشاط فى مشاريع الغاز الطبيعى المسال، والتعاون الصناعى والزراعى ينمو بشكل أقوى.. معا نستكشف الفضاء الخارجى، ونطور تقنيات جديدة".

 

 

ومن المخطط أن ينقل خط أنابيب "قوة سيبيريا 1" 38 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى من روسيا إلى الصين بمجرد وصوله إلى طاقته الكاملة، لكن هذا الحجم لا يمثل سوى 25% فقط من المتوسط السنوى البالغ نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الذى أُرسل إلى أوروبا قبل الحرب.

 

وحسب التقديرات الروسية، يمكن سنويا ضخ 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى عبر خط "قوة سيبيريا 2″، وبذلك يبلغ إجمالى واردات الغاز من روسيا إلى الصين 88 مليار متر مكعب عندما يصل كلا خطى قوة سيبيريا إلى طاقتهما الكاملة.

 

ووفقا للاتفاقية المبرمة بين شركة "غازبروم" وشركة "CNPC" الصينية، فإن إجراء الصيانة الوقائية لمعدات وأنظمة "قوة سيبيريا" يكون فى ربيع وخريف كل عام.

 

و"قوة سيبيريا 1" عبارة عن خط أنابيب غاز يهدف لضخ الغاز الطبيعى من الحقول فى الشرق الأقصى الروسى إلى الصين، وبدأت الإمدادات عبره إلى الصين فى الثانى من ديسمبر 2019.

 

 وتزود روسيا حاليا الصين بنحو 10% من وارداتها السنوية من الغاز عبر خطوط الأنابيب وسفن الغاز الطبيعى المسال، لكن مع التحسينات المخطط لها ستصبح روسيا المورد الرئيسى للغاز للصين.

 

فيما تستورد الصين حاليا ما يقرب من 45% من احتياجاتها من الغاز -التى تبلغ نحو 372 مليار متر مكعب سنويا- أنتجت منها 208 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعى، واستوردت أكثر من 160 مليار متر مكعب فى 2021.

 

وتتلقى الصين ثلث غازها من خطوط الأنابيب، والباقى من الغاز الطبيعى المسال المنقول عبر السفن. كما أنها استوردت 53.2 مليار متر مكعب من الغاز عبر خطوط الأنابيب العام الماضى، مقابل 109.5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعى المسال.

 

 ومن بين موردى الغاز الطبيعى المسال للصين: أستراليا بـ43.6 مليار متر مكعب، والولايات المتحدة بـ12.4 مليار متر مكعب، وقطر بـ12.3 مليار متر مكعب، وماليزيا بـ11.7 مليار متر مكعب.

 

واستوردت البلاد 31.5 مليار متر مكعب من الغاز عبر خطوط الأنابيب من تركمانستان، و7.6 مليارات متر مكعب من روسيا، و5.9 مليارات متر مكعب من كازاخستان، و4.3 مليارات متر مكعب من أوزبكستان، و3.9 مليارات متر مكعب من ميانمار.

 

وتوجد فى الصين 24 محطة لمعالجة الغاز الطبيعى المسال بإجمالى قدرة استقبال سنوية تبلغ 109.5 ملايين طن، وتمتلك الدولة 15 محطة لتخزين الغاز، بطاقة إجمالية تبلغ 17 مليار متر مكعب من الغاز.

 

وفضلا عن ذلك، تعتزم بكين توسيع محطات معالجة الغاز الطبيعى المسال لديها، بإضافة 34 محطة جديدة بحلول عام 2035، وبذلك ستصل السعة الإجمالية إلى 224 مليون طن.

 

هذا التعاون الروسى الصينى العملاق فى مجال الطاقة ولاسيما الغاز، أثار قلق أوروبا التى لم تجنى شيئا حتى الآن من سيرها على درب أمريكا فى فرض عزلة على روسيا سوى معاناتها هى فى ظل موسم شتاء قارس يحتاج إلى مخزون كبير من الطاقة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة