دينا الحسيني تكتب: سلامة الجبهة الداخلية حصن الأمان الأول.. نزاعات الداخل تقود الدول إلى هاوية السقوط.. الشعوب تدفع الثمن والمستفيد دعاة الفتنة ومن يضعون مصالحهم الشخصية فوق أمن واستقرار الأوطان

الإثنين، 17 أبريل 2023 08:05 م
دينا الحسيني تكتب: سلامة الجبهة الداخلية حصن الأمان الأول.. نزاعات الداخل تقود الدول إلى هاوية السقوط.. الشعوب تدفع الثمن والمستفيد دعاة الفتنة ومن يضعون مصالحهم الشخصية فوق أمن واستقرار الأوطان أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتعدد المشكلات وصور الأزمات التى يمكن أن تطال الدول، وربما يتصور البعض أن الحروب المباشرة والاستهداف من الخارج أخطرها، لكن الواقع وحقائق الأرض تُثبت أن مناعة الجبهة الداخلية هى حصن الأمان الأول والأساسى للدول، وأن المساس بتلك المناعة أو خلخلتها أخطر ما يمكن أن يُهدد بلدا من البلدان، إذ يجعله هشًّا ومنقسما على ذاته داخليا، ومطمعا ضعيفا وفى المتناول لأعداء الخارج.. كل التجارب السابقة تؤكد بشكل قاطع أن هزيمة الدول تبدأ من داخلها.
واجه العراق نموذجا أزمات عدة منذ خمسينيات القرن الماضى، شهد فيها تحولات سياسية واقتصادية وصولا إلى الحروب المباشرة مع الجيران، لكن مناعة الدولة العراقية لم تهتز وتضعف، والمؤسسات لم تتراجع وتُقوض قوتها، إلا عندما تشققت الجبهة الداخلية وانقسمت على نفسها، المشهد نفسه يُمكن رصده فى تحولات الساحة الليبية، وفى سوريا واليمن، وحتى فى نماذج أفريقية وعالمية أخرى مثل مالى والصومال وبعض دول آسيا وأمريكا اللاتينية.
 
ما يعنينا فى هذا المجال السياق العربى والإفريقي وما يكتنف خريطة المنطقة، إذ طالما كانت قوة الدول العربية والإفريقية فى تجانسها الاجتماعى والثقافى، وفى وحدة جبهتها الداخلية والتفاف المواطنين حول الدولة الوطنية ومؤسساتها، هكذا تحررت دول المنطقة من الاستعمار وقطعت مسارها نحو الاستقلال والتنمية وبناء المؤسسات، لكنها حينما انتكست داخليا بسبب الصراعات السياسية، أو بروز وانتشار تيارات الإسلام السياسى، أو تبعية بعض التيارات السياسية والفكرية لجهات ومؤسسات وأيديولوجيات وافدة من الخارج، تراجعت قدرة المجتمع على توجيه قواه الشاملة لصالح المجموع أي الدولة والمواطن، وبات التنوع الذى كان دليل ثراء وقوة مدخلا للتشتت والصراع وانقسام الولاءات، وصولا إلى اهتزاز فكرة الدولة الوطنية وتحلل مؤسساتها وبدء مسار مفتوح من الضياع، طال كل الخصوم والفرقاء بلا فرز أو تمييز!
 
وفي الأخير بات على الدول التي لازالت لم تتعافى من الصراعات والانقسامات إما الإثنية الدينية أو الإيدلوجية، أو تلك التي تشهد حروباً أهلية علنيه ، أن تتعلم من دروس الماضي، وتضع نصب أعينها تأثير تلك الصراعات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، و تعي أن الشعب وحده هو من يدفع الثمن، ولن يستفيد من هذا الخراب والدمار  إلا دعاة الفتنة، والخاسر الأكبر فيه من يضع مصالحه الشخصية فوق أمن واستقرار وطنه، لأنه سيختفى من المشهد بصورة مهينة ودون مكاسب .
 
هؤلاء المتصارعين عليهم جميعاً تغليب صوت الحكمة و الجلوس على مائدة حوار لوضع خارطة مستقبل بأرضية وطنية خالصة خالية من أية مطامع أو أنانية سياسية يمكن أن تقود إلى تدمير شامل للمجتمع وتشل مؤسسات الدولة، والبدء في إجراء انتخابات رئاسية لاختيار من تتوافق عليه كل القوى الشعبية و السياسية لإدارة شئون البلاد، ومن ثم تثبيت أركان الدولة ومؤسساتها، والالتفاف حول جيشها، بخلاف ذلك ستؤدي تلك الأنانية وهذا التعنت إلى تصاعد وتيرة النزاعات الداخلية التي أثبتت كل التجارب السابقة أنها تقود الدول إلى هاوية السقوط.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة