والثابت أن الإمام الشافعى تتلمذ على يد الإمام مالك، حيث يقال إن الشافعي طلب العلم بمكة على من كان فيها من الفقهاء والمحدثين، فتفقّه، لكن همّته في طلب العلم لم تقف عند هذا الحد، فقد وصل إليه خبر إمام المدينة مالك -رضي الله عنه-، وكان ذلك في وقت انتشار اسم الإمام مالك في الآفاق، فَسَمَت همّة الإمام الشافعي إلى الهجرة إلى يثرب في طلب العلم.
وقال الإمام الشافعي: مالك بن أنس معلمي، وعنه أخذت العلم، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم، وما أحد آمن علي من مالك بن أنس، وكان يقول: إذا جاءك الحديث من مالك فشد به يديك، كان مالك بن أنس إذا شك في الحديث طرحه كله.
ويذكر أن الشافعي ذهب إلى مالك ليقرأ عليه الموطأ، ولما رآه مالك وكانت له فراسة قال: "يا مُحمَّد اتق الله واجتنب المعاصي، فإنه سيكون لك شأن من الشأن، إن الله -تعالى- قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بالمعصية، ثم قال له: إذا ما جاء الغد تجيء"، وقال الشافعي: "فغدوت عليه وابتدأت أن أقرأ، فكلما تهيبت مالكاً، وأردت أن أقطع، أعجبه حسن قراءتي وإعرابي، فيقول: يا فتى زد، حتى قرأته عليه في أيام يسيرة"، وبعد أن روى الإمام الشافعي عن الإمام مالك موطّأه لزمه يتفقّه على يديه، ويُدارسه المسائل التي يُفتي فيها الإمام الجليل إلى أن مات مالك بن أنس -رحمه الله- سنة (179هـ)، وقد بلغ الشافعي وقتها بداية الشباب، وبهذا أخذت حياة الشافعي تتّجه إلى الفقه بجملتها.