سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 أبريل 1799..الأهالى والمماليك يقتلون 44 من قوات الاحتلال الفرنسى بينهم ضباط كبار فى معركة «بئر عنبر» بمحافظة قنا

الأحد، 02 أبريل 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 أبريل 1799..الأهالى والمماليك يقتلون 44 من قوات الاحتلال الفرنسى بينهم ضباط كبار فى معركة «بئر عنبر» بمحافظة قنا القائد الفرنسي الجنرال ديزيه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصل القائد الفرنسى الجنرال «ديزيه» بقواته إلى قنا يوم 27 مارس 1799، فالتقى زميله القائد «بليار»، وأخذ يتأهب لسحق المقاومة التى كانت تقلق الفرنسيين الذين قدموا بقيادة نابليون بونابرت لاحتلال مصر، وبدأوا بالإسكندرية يوم 2 يوليو 1798، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية، وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
كانت القوات الفرنسية تواصل زحفها لاحتلال الوجه القبلى بقيادة الجنرال ديزيه الذى عينه نابليون قائدا لها، وبدأت فى التحرك من الجيزة لهذا الغرض منذ أواخر أغسطس 1798، ولاقت مقاومة عنيفة من الأهالى والمماليك والعرب فى القرى والمدن التى استولت عليها، وحسب الرافعى، فإن «معركة أبنود» التى استمرت ثلاثة أيام من 8 إلى 10 مارس 1799، كانت من أشد معارك الحملة الفرنسية هولا وأطولها مدة، وكان حريقها وما أصابها من دمار أفظع مأساة وقعت فى معارك الحملة الفرنسية، وشهدت مقتل ما بين خمسمائة إلى ستمائة من الأهالى وحلفائهم الحجازين، وثمانية إلى عشرة من المماليك، و35 قتيلا و134 جريحا من الفرنسيين.
 
كان «بليار» هو قائد القوات الفرنسية فى «معركة أبنود»، وقصد بعدها إلى قنا، ويذكر الرافعى، أنه وصلها يوم 12 مارس سنة 1799 وأخذ فى تحصينها، واختار منزلا كبيرا لأحد المماليك فاتخذه حصنا يشرف على المدينة وعلى النيل وجعله معسكرا للجنود، وأخذ يبعث برسائله إلى «ديزيه» الذى كان فى أسيوط لينبئه بموقفه، لكن رسله جميعا قتلهم الأهالى فى الطريق ولم ينج منهم إلا واحد بلغ أسيوط برسالته.
 
ترك «ديزيه» أسيوط ورحل بجنوده بعد أن تلقى رسالة بليار، ووصل إلى طهطا ثم إلى أخميم، ثم جرجا، ويذكر الرافعى، أنه بقى عدة أيام فى بلاد أحد المشايخ الذين اشتهروا بمقاومة الفرنسيين وهو «الشيخ عبدالمنعم» للتنكيل به، فأمر بقطع نخيله، وإضرام النار فى القرى التابعة له، ثم وصل إلى قنا يوم 27 مارس 1799، والتقى الجنرال بليار، وأخذا يعدان العدة لسحق المقاومة.
 
 يعلق الرافعى على حال المقاومة فى الصعيد وقتئذ، قائلا: «انتصارات الفرنسيين لم تكسر شوكة البلاد ولم تضع حدا للمقاومة، فالأهالى وحلفاؤهم من العرب والمماليك كانوا يجمعون فلولهم بعد المعارك التى هزمهم فيها الجيش الفرنسى، ثم يعودون لإثارة المقاومة واستئناف الهجوم، وكل معركة تترك لهم ثأرا على الفرنسيين، وبذلك لا تنقضى معركة إلا ولدت معركة جديدة»، وينقل «الرافعى» وصف الجنرال ديزيه لهذا التطور: «إن طبيعة الحرب فى الوجه القبلى تغيرت، لقد هزمنا الأعداء (الأهالى وحلفاءهم) فى كل مكان، ولكننا لم نسحقهم، ومن الواجب أن نصل إلى هذا الغرض، وللوصول إليه سأنظم وحدات متحركة لإكراه الأعداء على أن يظلوا منقطعين فى الصحراء المقفرة أوعلى الأقل نضطرهم لقطع مسافات شاسعة ليصلوا إلى المناطق المزروعة».
 
حاول «ديزيه» تطبيق مخططه فى معركة «بئر عنبر» يوم 2 إبريل، مثل هذا اليوم، 1799 فلاقى مقاومة عنيفة، يذكرها الرافعى قائلا:» شرع ديزيه يوجه قواته لسحق رجال حسن بك الجداوى الذين انسحبوا بعد معركة أبنود إلى جهة (الجطة) فى طريق القصير، فجمع كتيبة من 1500 من خيرة جنوده واتجه جنوبا محاذيا البر الشرقى للنيل ضاربا فى الصحراء، فوصلت الفرقة إلى «كفر أسما» وهى قرية صغيرة فى سفح الجبل، ثم وصلت إلى «المقربية» وعسكرت تجاهها، وكان ديزيه يرمى إلى قطع الطريق على رجال حسن بك الجداوى حتى لايصلوا إلى النيل بأحد الطريقين الموصلين إليه من «الجطة» وهما طريق بئر عنبر وطريق «حجازة» الواقعة جنوبى قوص بقرب الجبل الشرقى، فاحتل بئر عنبر وعهد إلى بليار باحتلال حجازة فاحتلها».
 
يضيف «الرافعى»: «تم للفرنسيين احتلال رأس الطريقين الموصلين إلى النيل، وأخذ الجنرال بليار وهو فى حجازه يستطلع حركات المماليك وحلفائهم الذين كانوا فى الجطة يتحفزون للتقدم يريدون النيل، فلما علم ديزيه بمقصدهم سار بجنود فى صباح 2 إبريل لمنازلتهم، فلما كان على مسير ساعة من «بئر عنبر» التقت طلائع جيشه من الفرسان بقوة المماليك والأهالى يقودهم حسن بك الجداوى ويعاونه عثمان بك حسن، وكان عددهم نحو خمسمائة من المماليك وألف من الأهالى».
 
يذكر «الرافعى»: «دارت معركة شديدة بين الفريقين بالقرب من «بئر عنبر»، تلقت فيها كتيبة الفرسان صدمة الهجوم، وتأخر المشاة عن المعركة لوعورة الطريق وصعوبة السير فى الرمال، وقتل فى المعركة عدد من ضباط الفرنسيين، منهم الكولونيل «دوبليسي» والضابط «بوفاتييه»، وبلغت خسائر الفرنسيين 44 قتيلا و20 جريحا وهى خسارة كبيرة تدل على اشتداد القتال فى تلك المعركة، وكاد الجنرال ديزيه أن يُقضى عليه لولا أن افتداه الكولونيل «دوبليسى «بحياته، وانتهت المعركة بانسحاب المماليك وحلفاءهم إلى الجطة فى طريق القصير بقيادة حسن بك الجداوى».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة