مصر والسعودية نموذج "التوافق" الإقليمى.. التنمية المستدامة أولوية مشتركة وقودها "التمكين" والمناخ.. والمرأة والشباب أبرز المشتركات بالداخل.. وتحويل الصراعات الإقليمية إلى تكامل يعزز الصمود الجماعى أمام الأزمات

الأحد، 02 أبريل 2023 06:00 م
مصر والسعودية نموذج "التوافق" الإقليمى.. التنمية المستدامة أولوية مشتركة وقودها "التمكين" والمناخ.. والمرأة والشباب أبرز المشتركات بالداخل.. وتحويل الصراعات الإقليمية إلى تكامل يعزز الصمود الجماعى أمام الأزمات الرئيس عبد الفتاح السيسي والأمير محمد بن سلمان
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تكامل الأدوار بين مصر والمملكة العربية السعودية، يتجسد بصورة كبيرة فى تقارب الأولويات، سواء على المستوى الدولي، أو الإقليمي، وحتى الرؤى التي تتبناها فى الداخل، حيث تعتمد بشكل رئيسي على تهدئة وتيرة الصراعات، عبر توحيد المواقف تجاه كافة القضايا العالمية، والوصول إلى أرضية مشتركة، من شأنها تحقيق حالة من التكامل، والتي تؤدي فى نهاية المطاف إلى خدمة العملية التنموية، سواء على المستوى الجماعي، فى إطار إقليمي، أو على مستوى الداخل فى كل دولة على حدة.

 

ويعد الحديث عن تقارب الأولويات، بين مصر والمملكة العربية السعودية، دليلا دامغا على حالة من "التوافق" غير المسبوق، والذي يتواكب إلى حد كبير مع معطيات الحقبة الجديدة التي يشهدها النظام العالمي، والذي يقوم على حالة من التعددية، في ظل أزمات، لا يمكن مجابهتها إلا بالشراكة بين القوى المؤثرة، جراء حالة العجز التي بدت واضحة من قبل القوى العالمية الكبرى، عن تحقيق أى إنجاز يذكر فى هذا الإطار، وهو ما يبدو على سبيل المثال فى أزمة وباء كورونا، والتي كشفت العديد من النواقص داخل البنية الدولية، فى صورتها التقليدية، والحاجة الملحة إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الشراكة، حتى يمكن الوفاء بالالتزامات الدولية الكبرى، وفي مقدمتها "حفظ السلم والأمن" والتي باتت مهددة ليس فقط جراء الصراعات بين الدول، وإنما أيضا جراء الأوبئة وظاهرة التغيرات المناخية، والتي قد تأكل الأخضر واليابس حال الفشل فى احتوائها.

 

وفى ظل الأولوية القصوى التي باتت تحظى بها العملية التنموية، فى إطار مستدام، من قبل مصر والمملكة العربية السعودية، نجد أن ثمة خطوات متقاربة ومتزامنة، فى إطار العمل من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية، وفقا للعديد من المعايير الدولية، عبر الأخذ فى الاعتبار الجانب البيئي، وهو ما يبدو في المشروعات العملاقة والمبادرات العالمية، التي تبنتها الدولتان في السنوات الأخيرة، لمكافحة التغيرات المناخية والبعد الأمنى، في إطار الحرب على الإرهاب، وتوسيع دوائر التمكين، عبر إحياء الفئات المهمشة التي عانت لسنوات طويلة، وذلك للاستفادة من قدراتهم، والعمل على توظيفها لخدمة المجتمع، والدولة.

 

فلو نظرنا إلى المرأة، ربما نجد أن ثمة طفرة كبيرة شهدها الدور الذي تلعبه فى البلدين، باعتبارها نصف المجتمع، هو ما يبدو فى العديد من المواقف بدءً من تفعيل دورها فى سوق العمل، مرورا بتعزيز مكانتها فى مختلف المواقع التنفيذية والإدارية، حتى تكون شريكا حقيقيا فى مراكز صناعة القرار فى البلدين، بل أنها أصبحت جزءً لا يتجزأ من استراتيجية البلدين، والتي تتضمنها "رؤية 2030"، من أجل الوصول إلى التنمية المستهدفة، وهو ما ينطبق كذلك على الشباب، والذين باتوا جزءً رئيسيا من الأجندة الحكومية للدولتين، عبر تمكينهم وتأهيلهم للمشاركة بفاعلية فى الحياة السياسية والاجتماعية، خلال السنوات الماضية، وهو ما يبدو بوضوح فى وجودهم الملموس فى العديد من المنتديات للاستفادة من تجاربهم، وتقديم الفرصة لهم للاستماع إلى تجارب الأخرين، باعتبارهم الوقود الحقيقي الذي يمكن من خلاله تحقيق مستقبل أفضل.

بينما يبقى مكافحة التغير المناخي، هو الآخر أولوية مهمة، سواء في بناء المشروعات الصديقة للبيئة، أو من خلال المبادرات، والتي عززت مواقفهما الدولية، وهو ما يبدو في مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والتي حرص ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، على إطلاق نسختها الثانية من مدينة شرم الشيخ، تزامنا مع قمة المناخ التي انطلقت في نوفمبر الماضي، في انعكاس صريح على قوة العلاقة بين البلدين، وحرصهما الشديد على تحقيق أكبر درجات التكامل فيما يتعلق بمختلف المواقف الدولية.

وعلى المستوى الإقليمي، ربما تبقى الأولوية القصوى لمصر والسعودية تتجسد في تحقيق أكبر قدر من التوافق، سواء عربيا من جانب، أو فيما يتعلق بالعلاقة بين الدول العربية والقوى غير العربية، وهو ما يبدو في النجاح منقطع النظير في تحقيق التوافق العربي – العربي أولا، ربما تجلى بوضوح في التضامن الكبير مع سوريا في أعقاب كارثة الزلزال الأخير، رغم الخلافات التي طغت بين قطاع كبير من الدول العربية، ودمشق في العقد الأخير، لتفتح الباب أمام عهد جديد من العلاقات العربية الإقليمية، بدا في الطفرة الحالية في العلاقة مع قوى غير عربية، كتركيا وإيران، وهو الأمر الذي من شأنه تخفيف وتيرة الصراعات، من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي، مما يساهم بصورة كبيرة في تعزيز قدرة الإقليم بصورته الجمعية في الصمود في مواجهة أزمات العالم الجديد.

وهنا يمكننا القول بأن العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية، تمثل نواة الاستقرار، حيث تبقى حالة "التوافق" بينهما نموذجا يمكن تعميمه، على مستوى الإقليم ككل، لتحقيق أكبر قدر من الاستقرار، عبر التخفيف من حدة الصراعات، وبالتالي تعزيز الصمود في مواجهة الأزمات، مع العمل بالتزامن على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تبقى مرتبطة في الأساس في بالتكامل بين دول المنطقة.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة