بث تليفزيون اليوم السابع، حلقة جديدة من برنامج السرداب، التى يقدمها "محمود حسن"، والذى يتناول فيها قبة السلطان الغوري، وعلاقتها بقبر آخر سلاطين المماليك طومان باي.
حين خرج السلطان قنصوة الغوري، السلطان المملوكي الذى حكم مصر ما يزيد عن 16 سنة، ليدافع عن حدود سلطنته من هجوم العثمانيين، سنة 1516 ميلاديا، حيث ذهب إلى أقصى شمالها "مرج دابق" شمال حلب، ترك على القاهرة نائبا عنه "طومان باي"، ليدير شئون القاهرة حتى يعود من المعركة.
لكن ما لم يكن أحد يعرفه أن هذا الخروج الذى كان مليئا بالزينة والفخر، على رأس جيش المماليك، سيكون الخروج الأخير للسلطان من القاهرة، لأنه وفي "مرج دابق" سيهزم الجيش المملوكي هزيمة بشعة، والسلطان نفسه سيلقى حتفه تحت أقدام الخيول، ولن يعرف أبدا مكان جثمانه، ليترك المكان الذى بناه كقبة لدفنه فارغا للأبد..
في هذا الوقت، تولى طومان باي السلطنة في ظروف غير اعتيادية بعد امتناع، وحاول إيقاف المد العثماني بما بقى من جيش المماليك، فقابل العثمانيين الذين استولوا على كامل الشام في "غزة"، لكن الجيش المملوكي هزم، فتراجع مرة تانية إلى "صحراء الريدانية"، التي هي حاليا منطقة العباسية شمال القاهرة، وهزم مرة أخرى ، ليدخل العثمانيين القاهرة في يوم 23 يناير 1517، ويختفي طومان باي ويحاول تنظيم المقاومة الشعبية في القاهرة.
وبعد أسبوع، تندلع أول حركات المقاومة الشعبية، حين يقاتل طومان باي من شارع الصليبة في وسط القاهرة العثمانيين، ليتحول الشارع الواقع في قلب القاهرة إلى ساحة معركة، وفى هذه اللحظة كاد العثمانيين أن ينهزموا، لكن استباحتهم البيوت وإحراقهم إياها، اضطر طومان باي للتراجع، وساعتها أقام مذبحة في القاهرة قتلوا فيها عشر آلاف شخص في 4 أيام فقط انتقاما لكمين الصليبة.
ومن مكان لآخر بقى طومان باي ينظم المقاومة، في أطفيح جنوب الجيزة، وفى مركز الجيزة نفسه، وفى منطقة وردان في منشية القناطر شمال الجيزة، وبينما يحاول نقل مركز المقاومة إلى البحيرة، قام الشيخ حسن بن مرعي من أعراب البحيرة، بتسليمه للعثمانيين طمعا في المكافأة.
وطوال هذه الفترة، أعجب سليم الأول قائد العثمانيين جدا بطومان باي وشخصيته، وفكر أن يعفو عنه، لكن الأطراف التي خانت جيش قنصوة الغوري والمماليك، ضغطت على السلطان سليم ليعدمه.
وفعلا وفي يوم الاثنين 21 ربيع الأول سنة 923 هـ الموافق 23 أبريل 1517 م مر طومان باي بشوارع القاهرة على ظهر حمار، حتى وصل باب زويلة، فتشاهد وقرأ الفاتحة تلات مرات، ثم نظر للجلاد وقال له: "خلص شغلك"، وشُنق أمام الناس، وضج الناس عليه بالبكاء والعويل، وظل مصلوبا ثلاث أيام على باب زويلة كي يعرف كل الناس إن آخر سلطان مملوكي مات، وإن دولة المماليك انتهت، وبعدها وفي 26 أبريل أُقام سليم الأول لطومان باى جنازة ضخمة، بل وحمل تابوته بنفسه، حتى أتى به لقبة السلطان الغوري، ودفنه تحتها في قبر بلا معالم، ولا قبة.