ارتفعت أسعار الذهب اليوم الأربعاء إلى أعلى مستوى لها منذ شهر مارس من عام 2022، وذلك بعد أن تسببت البيانات الأمريكية الضعيفة في ضعف الدولار وزيادة الطلب على الملاذ الآمن وسط توقعات أن الاحتياطي الفيدرالي قد يخفف من موقفه بشأن تشديد السياسة النقدية، بحسب تقرير gold Bullion وسجلت أسعار الذهب الفورية اليوم ارتفاع بنسبة 0.2% لتسجل أعلى مستوى منذ عام عند 2028.25 دولار للأونصة وتتداول وقت كتابة التقرير عند 2024.86 دولار للأونصة، يأتي هذا بعد كبير خلال تداولات الأمس بنسبة 1.8%.
55 دولارا مكاسب الذهب في أسبوع
منذ بداية الأسبوع حققت أسعار الذهب مكاسب بقيمة 55 دولار لتسجل أعلى مستوى جديد لعام 2023، وتسجل ارتفاع منذ بداية الأسبوع بنسبة 2.8%، بحسب جولد بيليون، والحدث الأساسي الذي تسبب في ارتفاع الذهب واختراق المستوى النفسي 2000 دولار للأونصة كانت البيانات الأمريكية الضعيفة التي صدرت يوم أمس، فللمرة الأولى منذ مايو 2021 انخفضت الوظائف الجديدة المتاحة إلى أقل من 10 مليون وظيفة خلال شهر فبراير الماضي، في إشارة إلى أن جهود الفيدرالي لإبطاء سوق العمل قد آتت ثمارها.
بلغ إجمالي الوظائف المتاحة 9.93 مليون وظيفة أقل من قراءة شهر يناير المعدلة عند 10.56 مليون وظيفة، وذلك وفقاً لاستبيان شهري تقوم به وزارة العمل الأمريكية عن فرص العمل المتاحة ودوران العمالة، بالإضافة إلى هذا انخفض مؤشر طلبات المصانع الأمريكية بنسبة 0.7% في فبراير من انخفاض سابق بنسبة 2.1%، لتضاف هذه البيانات الضعيفة إلى مؤشر معهد التزويد الصناعي الذي صدر يوم الاثنين الماضي وأظهر استمرار انكماش القطاع الصناعي الأمريكي للشهر السادس على التوالي.
تدهور الدولار وانخفاض عائد السندات
انخفض الدولار الأمريكي بشكل كبير خلال بعد البيانات الأمريكية الضعيفة، التي زادت من الاحتمالات أن الفيدرالي الأمريكي لن يلجأ إلى رفع جديد في الفائدة وأن ضغوط التباطؤ الاقتصادي ستدفعه إلى انهاء دورة رفع الفائدة في وقت مبكر، وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الفيدرالية أمام سلة من 6 عملات رئيسية بنسبة 0.5% ليسجل أدنى مستوياته منذ شهرين، واليوم يشهد استقرار بالقرب من أدنى مستوياته وسجل ارتفاع طفيف بنسبة 0.2%.
من جهة أخرى انخفضت عوائد السندات الحكومية الأمريكية بسبب تزايد المراهنات على توقف الفيدرالي عن التشديد النقدي، فقد انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات يوم أمس بنسبة 2.3% ليسجل أدنى مستوى منذ أكثر من أسبوع عند 3.335% لتمحي المكاسب التي سجلها خلال الأسبوع الماضي، أما عن العائد على السندات لأجل عامين التي تعد أكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة فقد انخفض يوم أمس بنسبة 3.7% مسجلة أدنى مستوى في أسبوع عند 3.819%.
ضعف العائد على السندات الحكومية الأمريكية زاد من خسائر الدولار الأمريكي، وفي المقابل تسبب في دعم كبير للذهب الذي تربطه علاقة عكسية مع عوائد السندات، وزادت احتمالية عدم قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في مايو بشكل كبير، هناك احتمال بنسبة 58.7٪ أن يترك الاحتياطي الفيدرالي معدلاته النهائية من 4.75٪ إلى 5٪ ويبدأ فترة إيقاف رفع الفائدة مؤقتًا. ومع ذلك لا يزال هناك احتمال بنسبة 41.3٪ بأن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو.
الجدير بالذكر أن الأسواق قد تجاهلت إلى حد كبير التعليقات الصادرة عن رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند لوريتا ميستر بأن أسعار الفائدة الأمريكية ستستمر في الارتفاع على الرغم من الضعف في الاقتصاد. وترى ميستر أيضًا أن تظل معدلات الفائدة أعلى من 5٪ لفترة أطول.
أداء الذهب
تغيرت بوصلة الأسواق حالياً من الاهتمام بالأزمة المصرفية إلى التركيز مع التباطؤ الاقتصادي الذي تظهر علامات مستمرة عليه في الاقتصاد الأمريكي، فبعد انتهاء مخاوف سقوط البنوك في شهر مارس والتي دفعت الذهب إلى تسجيل مستويات قياسية عادت المخاوف في ابريل إلى التركيز على التباطؤ الاقتصادي ومخاوف الركود، ويظل الذهب هو الرابح الأكبر في الأسواق
وتسبب انخفاض الدولار أمس في دعم مكاسب الذهب بنسبة 25%، وباقي مكاسب الذهب اعتمدت على قوة الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن في فترات الضعف الاقتصادي، بالإضافة إلى الدعم الذي حصل عليه من تغير التوقعات بشأن السياسة النقدية للبنك الفيدرالي، فتوقف رفع الفائدة واحتمالية انخفاضها في النصف الثاني من العام تعد أخبار إيجابية للذهب.
قوة الزخم الصاعد على الذهب حالياً قد تؤدي إلى استقراره فوق المستوى 2000 دولار للأونصة، ولكن استمرار الصعود واختراق القمة التي سجلها في مارس 2022 عند 2070.63 دولار للأونصة يلزم المزيد من الدعم من البيانات الاقتصادية عن الولايات المتحدة.
مجلس الذهب العالمي يكشف تطور حصول البنوك على الذهب
كشف مجلس الذهب العالمي، استمرار الدول في إضافة الذهب إلى احتياطاتها في فبراير مسجلة بذلك أقوى بداية للعام منذ 2010 خلال 2023 كما ارتفع احتياطي الذهب العالمي بمقدار 52 طن في فبراير الماضي ليسجل ارتفاع للشهر الـ 11 على التوالي، يأتي هذا بعد مشتريات بمقدار 74 طن من الذهب في يناير الماضي، بينما شهد عام 2022 مستوى قياسي لشراء الذهب من قبل البنوك المركزي بواقع 1136 طن.
ومنذ بداية العام وحتى اليوم بلغ صافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب 125 طناً، وكان أكبر مشتري في فبراير هو البنك الشعبي الصيني بمقدار 25 طن وهي الزيادة الشهرية الرابعة للصين. كما اشترى المركزي التركي في فبراير بمقدار 22 طن وذلك للشهر الـ 15 على التوالي حيث تعد تركيا هي أكبر مشتري للذهب خلال العام الماضي.
ارتفاع الطلب على الذهب الفعلي من قبل البنوك المركزي العالمية يزيد من قدرة الذهب على تسجيل المزيد من المستويات القياسية في 2023، فالذهب يجد الدعم سواء من المشتريات الفعلية أو الاستثمارات في الأدوات المالية المختلفة المتعلقة بالذهب.