- «الأسمرات» اختصار واقعى لكلمة «حياة كريمة».. وأيقونة التنمية الحضارية فى مصر
قبل سنوات قليلة كانت منطقة صحراوية، تحيط بها تجمعات سكنية متنوعة، وفجأة دب بها العمل على مدار الساعة، الكل يواصل الليل بالنهار، لا وقت للراحة، الراحة ستكون فقط يوم تسليم المكان كما هو مطلوب، ليبدأ فريق عمل مهمة أخرى لا تقل عن مهمة البناء، بل هى أصعب، كونها مرحلة «بناء البشر» أنفسهم.
اليوم تحولت الصحراء إلى بقعة سكانية مليئة بالحياة والحيوية، اتخذت من «الأسمرات» اسما، ومن أهالينا فى المناطق العشوائية سكانا جدد.
الأسمرات باختصار شديد هى «أيقونة» التنمية الحضارية فى مصر، أو بمعنى أدق هى اختصار واقعى لكلمة «حياة كريمة»، فبداخل حى الأسمرات مئات بل آلاف القصص والروايات لأسر كان أقصى أمانيها أن تحظى بوصلة مياه صالحة للشرب، فمن كان يسير فى شوارع القاهرة، عاصمة أكبر دولة فى المنطقة، كان يرى بعينيه القبح العمرانى، والحياة اللا آدمية المتمثلة فى مناطق كثيرة متناثرة شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وأحاطت بالعاصمة من كل جوانبها، فأصبحت عن حق «عشوائيات» فى كل شىء.. السكن عشوائى، والحياة عشوائية، كل شىء عشوائى، بل لا حياة من الأساس، محسوب من يعيش فيها على أنهم أحياء، لكنهم فى الحقيقة ليسوا كذلك، وكيف يحيا الإنسان بدون أمن وأمان واستقرار، بل بدون بيت يستظل به ويحميه، وبدون أدنى مقومات الحياة؟!
لم يكن يظن مئات الآلاف من قاطنى هذه العشوائيات أنه سيأتى اليوم الذى يجدون فيه من ينظر إليهم ويعتبرهم مصريين كبقية المصريين.
حياتهم طبعت على عقولهم وقبولهم الغضب من الدولة، فما هو مفهوم الدولة لدى من يعيش فى عشش؟ بالطبع لا دولة لديه.
كتب كثيرة وروايات أكثر وافلام ومسلسلات تحدثت عن ظاهرة العشوائيات فى مصر، ونبهت من خطورتها على المجتمع، لكن أحدا لم يستمع، وأحدا لم يتعظ، بل لم يفكر أحد فى هذا الملف باعتباره قنبلة موقوته قابلة للانفجار فى أى لحظة.
فقد قاطنو العشوائيات الأمل، لذلك حينما تستمع إليهم اليوم بعدما ردت إليهم أرواحهم وحياتهم مرة أخرى، فلا أقل من أن ننصت لهم جيدا، لأن لديهم الكثير الذى يجب أن نسمعه ونفهمه ونعيه جيدا.
تحول كبير طرأ على أهالينا فى العشوائيات، بعد نقلهم إلى أماكن يستحقونها، أماكن ردت إليهم اعتبارهم وحقهم فى الحياة الآدمية الكريمة، حدث ذلك كله لأن مصر وجدت من يفكر فى كل المصريين وليس فئة أو مجموعة بعينها، وجدت من ينظر لمصر باعتبارها دولة تستحق الكثير، وللمصريين بأنهم شعب عظيم يستحقون الحياة الكريمة التى تليق بهم جميعا، حدث ذلك فقط بعدما خرج من مصر، رئيس أسمه عبد الفتاح السيسى، ليس له هم سوى أن يحيا المصريين كراما كلا فى مكانه.
أعود مرة أخرى إلى أهالينا قاطنى العشوائيات، الذين زينوا اليوم المساكن الجديدة التى تم بناؤها خصصيا لهم فى الأسمرات وأهالينا وروضة السيدة وغيرها الكثير والكثير فى القاهرة وبقية المحافظات من أسوان جنوبا حتى الإسكندرية شمالا، فأهالينا لديهم ما يستحق أن نسمعه، فهم أصحاب تجربة مليئة بالعبر والدروس لنا ولمن يريد أن يتعلم.
وحده الذى آمن بهم وبقدراتهم، ولديه إدراك بأن أهالينا لديهم ما يريدون أن يقولوه، وما يستحق أن ننصت له.
تذكرت ذلك كله وأنا اتابع مجريات ما حدث الخميس، 15 رمضان، حينما وقف الرئيس السيسى وسط أهالينا فى الأسمرات، بعدما اختار أن يتناول الإفطار بينهم، وأن يدير معهم حوارا مفتوحا، يسمع منهم ويناقشهم فى حياتهم وتجاربهم السابقة، وكيف يفكرون فى المستقبل لهم ولأبنائهم ولأحفادهم.
تذكرت كل ذلك وأنا اتابع ومعى ملايين المصريين، أهالينا فى الأسمرات وبينهم غارمون وغارمات تدخل الرئيس لتسديد مديونياتهم والإفراج عنهم ليقضوا شهر رمضان بين أهاليهم، يقدمون لنا ملخص تجاربهم علنا نستفيد منها، وللحق فإننا سنستفيد منها، لأنها مليئة بالكثير من الدروس والعبر.
فجأة، وجد أهالينا فى الأسمرات أنفسهم وجها لوجه مع رئيس الجمهورية، يناقشهم ويحاورهم ويستمع إليهم.
سأتوقف هنا أمام 3 نماذج لأحاديث أهالينا أمام الرئيس، وكيف تعامل معها الرئيس، ثم بعدها نتحدث.
الأولى كانت السيدة «نعمة إمام»، التى قالت بملء فيها إنها تتشرف بانتمائها إلى حى الأسمرات بفضل الرئيس السيسى، موجهة حديثها للرئيس وقالت: «حضرتك غيرت المكان وغيرتنا إحنا كمان».
وهنا استوقفتنى عبارة «وغيرتنا إحنا كمان» التى قالتها السيدة نعمة، لأنها تعنى الكثير، فالتغيير لم يكن مقتصرا على الانتقال بأهالينا من العشوائيات إلى مناطق تليق بهم، بل أيضا تطبيق مقولة «بناء الإنسان» قولا وفعلا، سواء من خلال توفير مصادر دخل لأهالينا، أو تربية النشء والشباب وتعليمهم، وهنا أشارت السيدة «نعمة» إلى مبادرة «جيل جديد» المنضم إليها نجلها الطفل محمد، وقالت إن هذه المبادرة حققت الكثير لأطفال الأسمرات، بعدما شجعتهم على الدراسة وممارسة الرياضة، ولخصت السيدة «نعمة» رسالتها بقولها للرئيس السيسى: «أنصفتنا يا ريس ربنا يعينك على المسؤولية وينصرك».
وقبل السيدة «نعمة» كان الطفل يوسف عبدالله، أكثر إسهابا فى الحديث عن مبادرة «جيل جديد» باعتباره أحد طلابها، بقوله إنه استفاد منها الكثير وأطلعته على العديد من المجالات المهمة فى مصر، متمنيا فى الوقت نفسه أن يصبح فى المستقبل من أحد ضابط الشرطة أو الجيش حتى يستطيع أن يدافع عن بلاده مصر، وهنا كانت رسالة الرئيس السيسى للطفل يوسف معبرة، بقوله له: «كنت بامشى بشوف مناطق صعبة، وأنا إنسان عادى زيك كده، وكنت أقول لو إيدى طالت هاعمل، وده كان حلم وربنا أراد، حلمى لم ينته، وأتمنى أن أرى كل المصريين وهما فى أحسن حال.. ضرورى تحلم لأن ربنا موجود وتحلم ويحقق لك حلمك عندما تجرى عليه وتحلم، وكل ما كان حلمك مخلص وأمين وجميل، سوف يساعدك الله فى تحقيقه».
الثانية كانت السيدة «منال على سعيد»، إحدى الغارمات التى تم الإفراج عنها أوائل شهر رمضان المبارك، وهى لديها بالفعل ما تريد أن تقوله، لذلك رأينا كيف كان الرئيس حريصا على تسجيلها للحديث لتشرح لكل المصريين كيف ساقتها الأقدار إلى دخول السجن، بعدما حررت على نفسها ايصالات أمانة نظير سلع بلغ قدرها 45 ألف جنيه، وتعثرت فى السداد، فكانت النتيجة صدور أحكام بالحبس ضدها وصلت إلى أكثر من 30 عاما.
السيدة منال قالت إن «المبلغ الذى ألقى بها فى السجن يبلغ 45 ألف جنية مصرى»، داعية الجميع إلى عدم اللجوء فى أى حال من الأحوال إلى إيصالات الأمانة، وشددت على ضرورة النظر على مدى الإمكانيات المتاحة لدى كل فرد، وعدم النظر إلى أعلى منها حتى لا يتم اللجوء فى نهاية المطاف إلى التوقيع على إيصالات الأمانة لتحقيق الطموحات التى تعد أكبر من إمكانيات الأفراد.
ووجهت منال فى ختام كلمتها إلى الأشخاص الذين يدفعون الأفراد إلى التوقيع على إيصالات الأمانة «اتقوا الله»، معربة عن شكرها العميق للرئيس السيسى على قرار الإفراج عنها من ضمن الغارمات.
الثالثة هى السيدة «منال صالح»، التى تحدثت عن الإمكانيات والإنجازات التى تتوفر فى حى الأسمرات، ودعت الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى توفير فرص عمل للشباب.
وهنا تدخل الرئيس بقوله إنه منذ توليه مسئولية البلاد إلى اليوم، تم تنفيذ 2 مليون وحدة سكنية، و25% منها ينفذها المطورون العقاريون، غير مساكن الأهالى، وبالتالى توافر فرص عمل كثيرة فى هذا الشأن، مشيرا إلى أن كل ما تم إنجازه خلق العديد من فرص العمل للشباب من خلال مشروعات البنية الأساسية التى تنفذها الدولة، وقال إن الدولة تحتاج إلى 700 ألف فرصة عمل خلال العام الواحد للشباب الخريجين.
وأوضح الرئيس السيسى أن الدول المتقدمة لم تستطع توفير ذلك فى ظل الظروف الاقتصادية التى تواجه الجميع، مشيرا إلى أن نسبة البطالة وصلت إلى 7.4 فى المائة، لافتا إلى أن هذه النسبة تعتبر جيدة بالنسبة لدول كثيرة فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التى يعانى منها الكثير، مشددا على أن الدولة تبذل كل ما فى وسعها لتوفير فرص عمل للشباب، وقال الرئيس السيسى فى ختام الكلمة: «إننا نسير فى برنامجنا ونحلم.. ونثق أن الله سبحانه وتعالى، بصبرنا وجهدنا وإخلاصنا وأمانتنا وشرفنا.. سوف يكلل المسيرة بفضله تعالى بالنجاح».
الثلاثة نماذج التى اختارها من المتحدثين أمام الرئيس السيسى، كشفوا لنا كيف يفكر أهالينا، وأكدت أن مهمة بناء الإنسان تسير بالشكل الذى أريد لها، فأهالينا بعدما توفرت لهم الحياة الكريمة، تغيرت أحوالهم وتبدلت أفكارهم، فبعدما كانت فى قلوبهم غصة تجاه الدولة لأنها كانت تنساهم، اليوم يفكرون فى الدولة وليس فقط فى أنفسهم، فأرادوا أن يشاركوا تجاربهم معنا، ويقولون لنا إن المصرى متى وجد من يحنو عليه، فإنه سيكون دوما فى المقدمة، وأول مدافع عن الدولة فى وجه من يفكر فى معاداتها.
هناك فى الأسمرات حيث تقيم آلاف الأسر التى وجدت حياة كريمة تليق بها، تحولت القنبلة الموقوتة إلى محركات عمل وطاقة أمل، تحاول دوما العبور إلى المستقبل بعقول متفتحة وقلوب محبة للوطن، ومدافعة عنه، حدث هذا التحول لوجود رئيس استطاع أن يعيد بناء الثقة فى قلوب أهالينا، فهو قال إنه يجب ألا نرى المجتمع يعانى ويقاسى، ولا نتحرك من أجله ونساعده، ولم يتوقف عن القول بل تحرك وعمل وعمل، واليوم نحصد ثمار ما فعله من خير وجهد لتحسين حياة المواطنين، وفق منهج علمى يتخذ من التعليم رأس الحربة، لأنه كما قال إنه فى حال تمكنا من عمل تعليم جيد ستكون مصر فى مكان آخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة