يبدو أن تداعيات ازمة تكلفة المعيشة فى المملكة المتحدة لن تنتهى قريبا وسط استمرار لمعاناة الاسر من جميع الفئات، فعلى الرغم من تحقيق اقتصاد البلاد تحسن وفقا للأرقام التى كشفت عن تراجع طفيف فى معدلات التضخم خاصة تلك المرتبطة بالسلع اليومية الا أن ارتفاع الأسعار لا يزال مستمرا ولكن بوتيرة اقل ما اضطر الاسر والافراد لاتخاذ خطوات استثنائية فى محاولة للتعايش مع الأوضاع.
ضمن المحاولات للتغلب على الازمة، اتجه الأشخاص فى منتصف العمر للاقتراض، بينما يعتمد الشباب على مساعدة الأصدقاء والعائلة، وتتخلى الأسر الأشد فقرًا عن وجبات الطعام، كما أفاد نصف مليون شخص من ذوى الدخل المنخفض أنهم اضطروا لطلب المساعدة من بنوك الطعام أو بنوك الدفء خلال الشهر الماضى.
وجد تقرير نشرته صحيفة الاندبندنت أن "بنك الام والأب" لعب دورا رئيسيا فى دعم العديد من الشباب خلال العام الماضى، قال حوال 83% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 24 وقال 67% ممن تتراوح أعمارهم من 25 إلى 34 عاما انهم تلقوا مساعدة مالية من والديهم فى العام الماضى، واجمالى عددهم 10.8 مليون شخص.
وحذر التقرير من أن الشباب فى الفئة العمرية من 18 إلى 24 عامًا وذوى الدخل المنخفض هم أيضًا أكثر عرضة للتعامل مع ضغوط التكلفة المتزايدة من خلال عدم الدفع على الإطلاق، حيث فاد واحد من كل خمسة بالغين (19%) فى اسر منخفضة الدخل بتخلفه عن دفع فاتورة واحدة على الأقل فى الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال إن الأشخاص الذين تأخروا فى فاتورتين على الأقل كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات للإبلاغ عن ضعف الصحة العقلية، ووجد التقرير أن حوالى واحد من كل سبعة بالغين فى الأسر ذات الدخل المنخفض تناول وجبات أقل أو تخلوا عن وجبات لمدة سبعة أيام فى الشهر الماضي.
وجد التقرير أن الشباب فى منتصف العمر (من 35 إلى 44 عامًا) كانوا الأكثر عرضة للتوجه إلى الإقراض الرسمى، بما فى ذلك بطاقات الائتمان أو السحب على المكشوف أو القروض الرسمية الأخرى، فى الأشهر الأخيرة اتخذ اكثر من 37% الخطوة.
تأتى نتائج الاستطلاع الأخير فى الوقت الذى أفادت فيه مؤسسة Trussell Trust الخيرية عن توزيع أعداد قياسية من الطرود الغذائية فى الأشهر الـ 12 الماضية، حيث دفعت أزمة تكلفة المعيشة أكثر من 750 الف شخص لطلب المساعدة من بنوك الطعام للمرة الأولى.
وزعت المؤسسة الخيرية ما يقرب من 3 ملايين طرد غذائى فى عام 2022/2023، وهو أعلى إجمالى على الإطلاق بزيادة سنوية بلغت 37%، وكان أكثر من مليون طفل يعيشون فى أسر تتلقى الطرود الغذائية من الصندوق.
وفى الوقت نفسه، يشير بحث إلى أن ثلث البالغين يأكلون بشكل أقل صحة بسبب أزمة تكلفة المعيشة ويتواصلون اجتماعيًا أقل مع أصدقائهم بسببها.
كما تعانى البلاد من ارتفاع معدلات المشردين خاصة فى لندن، حيث قالت المؤسسة انها المرة الأولى لما يقرب من نصف أولئك الذين خرجوا إلى الشوارع ما يظهر التأثير القاسى للازمة.
بين يناير ومارس سجلت فرق التواصل 3107 مشرد ينامون فى شوارع العاصمة فى ظروف قاسية بزيادة 14% عن نفس الفترة من العام السابق، وكررت المؤسسات الخيرية دعواتها لمزيد من الإجراءات الحكومية لإصلاح قطاع الإيجارات الخاص، وحثت على نشر مشروع قانون إصلاح المستأجرين الذى طال انتظاره.
وقالت إيما حداد، الرئيسة التنفيذية فى مؤسسة سانت مونجو الخيرية، أن الإيجارات والفواتير المرتفعة تؤدى إلى أن الأشخاص الذين لم يكونوا فى السابق معرضين لخطر التشرد "ينامون الآن فى الشارع ظل ظروف قاسية".
وقالت: "لقد بدأنا نرى التأثير الكامل لأزمة تكلفة المعيشة، حيث أصبح المزيد والمزيد من الناس بلا مأوى فى الشوارع فى لندن.. ارتفاع الإيجارات والفواتير يعنى أن الناس يفقدون أماكن إقامتهم، كما أن عددًا متزايدًا من الأشخاص يواجهون مشكلات صحية عقلية أكثر تعقيدًا، وأن الأشخاص الذين لم يتعرضوا أبدًا لخطر التشرد من قبل ينامون الآن فى ظروف قاسية".
وقال "جيش الخلاص"، أحد أكبر مقدمى خدمات التشرد فى البلاد، أن التمويل لإنهاء الازمة يجب أن يكون ذا أولوية لخدمات الدعم، وخاصة الصحة العقلية وعلاج الإدمان، قال ناثان سلين، مساعد مدير خدمات التشرد فى المؤسسة الخيرية: "نحن نعلم أن الحكومة لديها التزام جاد، مدعوم بأموال، لإنهاء التشرد وكما نعلم أن هناك موارد مالية محدودة متاحة لمواجهة الطلب المرتفع. لهذا السبب نطالب بالاستثمار فى خدمات الدعم والوقاية التى تساعد الناس على كسر حلقة التشرد".