قال نبيل عمار وزير الشّؤون الخارجيّة والهجرة والتونسيين بالخارج ، إنه "من الضروري شرح الوضع الذي وجدت تونس نفسها فيه بعد العشرية الماضية وهو وضع صعب على كل الجبهات والتونسيون يعرفون ذلك جيداً، لذلك يجب أن نُطلع الرأي العام الغربي وشركاءنا، على خصوصيات وتفاصيل هذا الوضع، لأن الرأي العام له تأثير على مواقف القادة ولا بد من استثمار ذلك، حتى لا يكون خطاب المسؤولين بالدول الشريكة هو الخطاب الأوحد.
وأضاف وزير الخارجية في حوار مع وكالة أنباء تونس إفريقيا " لهذا السبب كان لا بد من توضيح الأمور بشأن الصعوبات وخيبات الأمل التي مررنا بها منذ 2011 وكذلك الإحباطات التي أفرزت وعيا لدى التونسيين بالوضع الحرج وإرادة بأن يقرروا مصيرهم بأنفسهم ويتمسكوا بانتصاراتهم، ومن الطبيعي أن يُعبر الشعب عن غضبه وألا يكون راضيا عن الوضع، بعد عقد اتسم بركود المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية.
وتابع عمّار" في 25 يوليو2021 عبّر التونسيون عن غضبهم وأعربوا عن دعمهم لرئيس الجمهورية، قيس سعيّد الذي قرّر تولي زمام الأمور بنفسه ، قائلا "أنا شخصياً مقتنع بسلامة المسار الذي أطلقه رئيس الدولة وقد صوّت الشعب التونسي بأعداد كبيرة لصالح الرئيس قيس سعيد الذي لم يسمح بانحلال الدولة".
وشدد على أنه لا مجال اليوم لإرساء دكتاتورية في تونس .. كما أن التونسيين لن ينتظروا أي شخص، أو شريك، للدفاع عن حرياتهم، وإذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات.
وأفاد بانه يجب أن يُدرك التونسيون الرهانات الحالية والمسألة اليوم تتعلق بتنشيط اقتصاد البلاد .. "لدينا مزايا كبيرة ورأسمال بشري لا يستهان به؛ والوقت الآن مناسب لاستثمار ذلك وهذا الشرط لا بد من توفّره لتحقيق النجاح"
وقال إن التونسيين مهما كانت اتجاهاتهم، مطالبون اليوم بإبراز تضامنهم وتماسكهم وبأن يتوافقوا حول الأساسيات، لأننا نعيش في لحظة حاسمة ومصيرية وعلى كل التونسيين أن يدركوا الرسالة ويستوعبوها ولهذا السبب يجب أن نردّ وأن نرفع أصواتنا وندافع بوضوح عن مواقفنا" .
وردا على سؤال حول الهجرة غير الشرعية عبر الحدود التونسية ، قال إن إيطاليا والاتحاد الأوروبي وشركاءنا عامة، يُدركون جيدًا أن الهجرة غير الشرعية تفوق قدرة دولة واحدة، وخاصة تونس، باعتبار أن هذه الظاهرة عالمية، ومن وجهة نظر جغرافية، فإن تونس معنية بهذه المسألة، لأنها تقع في الطريق التي يسلكها المهاجرون غير الشرعيين للعبور إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، لكنها مع ذلك ليست في قلب هذه الديناميكية.
وأوضح أن حل هذه المشكلة يجب أن يشمل جميع البلدان المتضررة من هذه الظاهرة ولابد من التنسيق لمكافحة الاتجار بالبشر ومن ثمة مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
وحول رغبة عدد من الدول الإفريقية والعربية، من بينها الجزائر ومصر، الانضمام إلى مجموعة "بريكس" التي تعد قوة صاعدة تستحوذ على 24 من الناتج الداخلي الخام العالمي و16 بالمائة من التجارة الدولية ، وهل هذه المجموعة يمكن أن تشكلا بديلا عن الشركاء التقليديين لتونس .
وأكد وزير الخارجية أن إقامة علاقات ممتازة مع جميع شركائنا، على اختلافهم وتنوعهم، يعد عنصر قوة للدبلوماسية التونسية وقد سعينا دائما إلى تطوير علاقاتنا مع شركائنا ومن الجيد جدا العودة إلى ركائز الدبلوماسية التونسية والقائمة على عدم التحالف مع أي طرف ضد آخر والعمل على تطوير وتنويع علاقاتنا.
فقد حافظت تونس، خلال الحرب الباردة، على علاقات جيدة مع كل الشركاء، سواء حلف وارسو أو المعسكر الغربي وقد كانت لدينا علاقات جيدة جدا مع الطرفين وهو مكسب هام للدبلوماسية التونسية.
"البريكس" هي مجموعة اقتصادية تختصر الحروف الأولي لأسماء دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، لكن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية يشكلان شريكين استراتيجيين لتونس، تماما مثل روسيا والصين.
وأوضح ن تونس تسعى دائما إلى دعم علاقات الصداقة والشراكة مع جميع البلدان، لكن الأهم هو عدم الانحياز لفائدة أي محور على حساب الآخر .. لقد ساهم موقعنا الجغرافي في تيسير علاقاتنا مع مختلف الدول ونحن ندين بقدرتنا على التأقلم وإتقان اللغات الأجنبية لهذا التلاقح الثقافي وهو نتاج عديد الحضارات التي تعاقبت على تونس وأثّرت فيها".
وفيما يتعلق بإجلاء التونسيين من السودان ، قال عمار إن عملية الإجلاء كانت صعبة للغاية، إلا أنها كانت ناجحة وقد استجابت كل الأطراف بسرعة وفي مقدمتها رئيس الجمهورية ، مشيرا إلى أن ممثلي السفارات كانوا على رأس المكان وقد حرص السفير شخصياً على مرافقة الراغبين في إجلائهم نحو الحدود مع مصر، حيث كانت طائرة عسكرية تابعة للجيش الوطني التونسي تنتظرهم لإعادتهم إلى أرض الوطن. وقد عاد 46 شخصًا إلى تونس، في حين فضّل 6 أشخاص البقاء في مصر.
وأشار إلى عملية الإجلاء تطلبت اتخاذ قرارات ناجعة وبشكل عاجل، وتم تنظيمها بسرعة كما عمل قسم الشؤون الخارجية بالسرعة المطلوبة .. وجدنا كل التعاون من بعض الدول، على غرار مصر والسودان والنرويج والأردن ونحن نشكرهم على ذلك.
وأكد أن جميع الأطراف المعنية عملت على النحو الأمثل، وبالتعاون مع السلطات السودانية التي راقبت الموكب إلى الحدود المصرية وبدورها عملت مصر على تسهيل العبور . ولم يكن الأمر سهلاً، خصوصا في ظل وجود نساء وأطفال يجب إجلاؤهم.
وبالنسبة إلى السودان، لا يسعنا إلا أن نعرب عن الأمل في إنهاء الاقتتال بين مختلف أطراف النزاع وتحقيق الاستقرار لمصلحة هذا البلد الشقيق".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة