رغم تأثير الحرب الروسية الأوكرانية -التى اندلعت قبل نحو 13 شهرا- السلبى على معظم بلدان القارة الأفريقية خاصة فى جنوب الصحراء، من نقص للحبوب وارتفاعاً لأسعار المواد الغذائية والوقود والسلع والأسمدة وتحمل بلدانها الضريبة الأكبر لهذا النزاع، إلا أنه أكسبتها أيضا أهمية لدى القوى الكبرى، ومن رحم المحن تولد المنح والفرص، فقد كانت بمثابة ضوء الذى ألقى على ثرواتها وأرضيها الغنية بما تحتاجه أوروبا، ومن هنا أصبحت القارة محط أنظار العالم وميدانا للتنافس.
نظرت القوى الدولية فى أعقاب اندلاع الحرب إلى التقارب مع دول القارة الأفريقية باعتباره إحدى أدوات الانتصار فى هذا الصراع، -وفقا لدراسة نشرت نحو عنوان " التنافس الدولى على أفريقيا بعد مرور عام على الحرب الروسية-الأوكرانية" بمركز الأهرام للدراسات السياسية لخبيرة الشئون الأفريقية أميرة محمد عبد الحليم.
وبحسب الدراسة، اكتسبت القارة الأفريقية ودولها المختلفة اهتماماً خاصاً من جانب القوى الدولية، حيث بدا أن القوى الدولية سعت إلى نقل جزء من صراعها للسيطرة على النظام الدولى إلى القارة الأفريقية، ففضلاً عن محاولات هذه القوى تعويض الخسائر التى منيت بها والعقوبات المفروضة على روسيا، وخاصة ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية.
ورأت الدراسة أن القوى الكبرى اعتمدت فى تحركاتها فى القارة الأفريقية لتحقيق مصالحها على العديد من الأدوات التى يتمثل أبرزها في: زيارات متزامنة ووعود اقتصادية، حيث بدأ المسئولون فى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا وألمانيا فى إجراء زيارات للدول الأفريقية.
فضلا عن التعاون والتدريبات العسكرية المشتركة، فقد كانت روسيا من ضمن أولى القوى الدولية التى سعت نحو تأكيد استمرار تعاونها العسكرى مع دول القارة الأفريقية ودعمها للأنظمة السياسية المتحالفة معها دون الأخذ فى الاعتبار معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ورأت الدراسة أن الدول الأفريقية تسعى لـ"تمثيل فى مجلس الأمن ومجموعة العشرين" عبر تعزيز التقارب مع القوى الدولية، وفى أعقاب اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، تصاعدت الوعود الغربية لدول القارة بدعم الحق الأفريقى فى التمثيل الدائم فى مجلس الأمن الدولى، حيث جاءت الوعود الغربية.
واعتبرت الدراسة أن الجهود التى تبذلها القوى الدولية المختلفة وفى مقدمتها "الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين" لدمج الدول الأفريقية ضمن تحالفاتها فى إطار تداعيات الحرب، إلا أنها تتجاهل المصالح الأفريقية.
وخلصت الدراسة إل أنه بعد مرور عام على الحرب لا تزال القوى الدولية تحاول التقارب مع دول القارة وتعويض خسائرها من الحرب عبر توقيع اتفاقيات خاصة بالتعاون فى مجال الطاقة والسلاح، ومحاولة استقطاب مزيد من الدول لمعسكر دون الآخر، حيث لا تزال خسائر الحرب تستنزف الكثير من موارد القوى الدولية فى الوقت الذى باتت تدرك هذه الدول أن أفريقيا تمثل مستقبل الاقتصاد العالمى وأنها ستشكل هذا المستقبل عبر تحالفات دولها على المستوى الدولى.
على الجانب الآخر، توفر الحرب فرصاً حقيقية لدول القارة الأفريقية لإبراز دور القارة الأفريقية وكذلك تعزيز مكانتها وتحقيق مصالحها وأهمها الحصول على مقعد أو مقعدين فى مجلس الأمن والانضمام إلى عدد من المنظمات الدولية الكبيرة مثل مجموعة العشرين، حيث أصبحت أفريقيا جزءاً مهماً فى إدارة النظام الدولى، وهى شريك رئيسى للقوى الدولية المختلفة فى قضايا متعددة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة