كانت حناجر آلاف الجماهير تطلق نداء «الله أكبر» وهى تهجم على الصخور لإتمام عملية قفل مجرى النيل القديم تماما، يوم 16 مايو، مثل هذا اليوم، 1964، وبوصف الأهرام يوم 17 مايو 1964: «كانت لحظة تاريخية خالدة بعد أن شقت الأيدى المصرية طريقا جديدا لمجرى النيل وسط صخور الجبال، وعلى مرأى من الرؤساء جمال عبدالناصر، والسوفيتى خرشوف، والعراقى عبدالسلام عارف، والجزائرى أحمد بن بيلا، الذين وصلوا إلى موقع السد الأمامى بالباخرة ظهرا، وأغلقت الثغرة المفتوحة فى هذا السد، وبذلك انتهى العمل فى السد الأمامى بجميع أعمال المرحلة الأولى».
أعطى جمال عبدالناصر إشارة البدء فى الانتهاء من قفل مجرى النيل القديم يوم 13 مايو 1964، بحضور الرئيسين السوفيتى خرشوف، واليمنى عبدالله السلال، وعاد يومها «السلال» إلى القاهرة ثم سافر الرئيسان إلى أسوان «عارف وبن بيلا» للمشاركة فى الحدث التاريخى.. «راجع، ذات يوم، 13 مايو 1964».
تذكر الأهرام: «بلغت نشوة الجماهير التى وقفت ترقب السيارات وهى تلقى بثقلها من الصخور فى قلب الثغرة المفتوحة، إلى حد أنهم وقفوا فى طريق هذه السيارات يمنعونها من إلقاء حمولتها من الصخور بالطريقة الآلية التى تستخدمها، ليقوموا بأنفسهم وبأيديهم بحملها كتلة كتلة رغم ضخامتها وثقلها ويلقونها فى مياه النهر، ويسدون بها آخر ثغرة مفتوحة، ومع نداءات الله أكبر يرددها كل واحد من الواقفين، هجمت الجماهير على الصخور وراحت فى نشوة رائعة بتحقيق النصر، تكمل إتمام قفل مجرى النيل».
تضيف الأهرام: «وصل المشهد حد الروعة عندما طلب الرئيس جمال عبدالناصر أن تقترب الباخرة، التى يقف عليها ومعه الرؤساء من جسم السد بدلا من وقوفها على مسافة 100 متر منه، كما كان مقررا فى البرنامج، ووصلت الباخرة فعلا إلى قرب مكان عمل فى الثغرة المفتوحة، وهتافات عشرات الألوف الذين وقفوا على طول السد مكونين جسرا من البشر، تدوى بالإيمان والنصر، الذين تكدسوا حول الثغرة المفتوحة يقذفون فيها بأيديهم كتل الأحجار فى الماء، ويصل رذاذها إلى الشرفة التى يطل الرؤساء منها على المشهد التاريخى».
تذكر «الأهرام» أن الرؤساء عادوا فى المساء إلى مكان جسم السد بعد تسوية قمته، وأصبح على امتداد طوله الذى يبلغ 520 مترا، وعرضه الذى يصل 35 مترا صالحا للمرور فوقه بالسيارات، وفى البداية سار الرؤساء على أقدامهم فوق أرض السد بضعة أمتار، ثم استقلوا السيارات بعد ذلك وعبروا بها جسم السد إلى الضفة الغربية للنيل، ومن نفس الطريق عاد الرؤساء بالسيارات يعبرون النيل إلى الضفة الشرقية ومنها إلى أسوان، ليلتقوا فى استادها الرياضى بالذين شاركوا فى تحقيق المعجزة ويوزعون عليهم الأوسمة والميداليات».
أهدى جمال عبدالناصر 1900 وسام للممتازين من السوفيت والمصريين، الذين شاركوا فى بناء السد العالى، وتؤكد الأهرام أن هذه أول مرة فى التاريخ المصرى يحصل الممتازون من العاملين فى الجمهورية على أعلى أوسمة، وتذكر أن عبدالناصر تحدث أمام الآلاف فى ختام الاحتفالات بأيام السد العالى، عن معنى السد، وقال: إن هذا السد لا يعنى تخزين المياه أو توسيع رقعة الأراضى الزراعية، وإنما يعنى أكبر من هذا، يعنى معركة المصير التى خاضها شعب مصر منذ اتجه تفكيره إلى إقامة هذا السد، ففى 1956 تعرض الشعب لما تصور الغرب أنه أقسى العقوبات عليه، وهو حرمانه من تمويل مشروع السد، وبعد 7 أيام فقط من هذا القرار كان كل فرد فى مصر يغنى ويهتف «حانبنى السد..حانبنى السد».. وأضاف: «النهارده 16 مايو، اليوم اللى اتقال عليه من سنة 1960 تم قفل مجرى النيل القديم، وقبل 15 مايو تم تحويل مجرى النيل».
وفى كلمته باللغة الروسية، وكانت تترجم إلى العربية، قال خرشوف: إنه عمل خلال سنوات عمره التى تفوق 70 سنة تحت قيادة استعماريين، ومن خلال سنوات التجربة اكتشف أنهم لا يختلفون بعضهم عن بعض، كما يقول المثل الروسى: «إن البصل ليس أحلى من الثوم»، وتحدث بعد ذلك الرئيسان عبدالسلام عارف وأحمد بن بيلا.
وتنقل الأهرام عن المهندس صفوت شاهين مدير السدود، أنه بإتمام غلق مجرى النيل القديم تكون أعمال المرحلة الأولى أنجزت تماما بإلقاء 4 ملايين و166 ألف متر مكعب من الصخور، و5 ملايين و922 ألف متر مكعب من الرمال، وقال: «إنه خلال الفترة حتى شهر أكتوبر القادم، سيتم إلقاء كميات أخرى من الصخور والرمال فوق جسم السد تبلغ مكعباتها 4 ملايين متر مكعب منها مليون متر مكعب من الصخور، و3 ملايين من الرمال، وبذلك يكون قد تم إلقاء نحو 14 مليون متر مكعب من الصخور والرمال فى مجرى النيل، ويمكن حجز 9 ونصف المليار متر مكعب من المياه بعد المرحلة الأولى من السد».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة