فى كل موسم للانتخابات الرئاسية الأمريكية، يطرح الحديث عن المرشح الثالث. فعلى مدار عقود، بل وقرون، انحصر السباق على البيت الأبيض بين المرشحين عن الحزبين الأساسيين، الديمقراطى والجمهورى، فى عدا مرات قليلة للغاية استطاع فيها مرشح ثالث أن يفرض نفسه، ولكن دون أن يبدو قريبا بأى حال من الأحوال من الفوز.
ومع تبقى عام ونصف على موعد الانتخابات القادمة، المقررة فى نوفمبر 2024، تعود الفكرة مرة أخرى، ويتسع الحديث عنها هذه المرة فى ظل رفض كثير من الناخبين لكلا المرشحين الأبرز حتى الآن فى هذه المرحلة من السباق، وهما الرئيسان الحالى جو بايدن، عن الحزب الديمقراطى، والسابق دونالد ترامب عن الحزب الجمهورى.
وتطرقت صحيفة يو إس إيه توداى إلى فكرة "المرشح الثالث"، وقالت إن أغلبية الأمريكيين قالوا فى استطلاع تلو الآخر إنهم لا يريدون بايدن أو ترامب.. فماذا لو كان هناك بديلا؟.
لذلك، أطلقت جماعة "لا للتصنيفات" غير الحزبية، وهى منظمة غير ربحية تروج للسياسات اليسارية، حملة لطرح مرشح عن حزب ثالث على بطاقة الاقتراع فى كافة الولايات الخمسين فى الانتخابات الراية العام المقبل. واستطاعت المنظمة بالفعل أن تؤمن مكانا على بطاقة الاقتراع فى كل من أريزونا وكولورادو وألاسكا وأوريجون.
وتحظى تلك الجماعة، التى لم تستقر على مرشح بعينه بعد، بتمويل يقدر بـ 70 مليون دولار من مانحين ترفض الكشف عن أسمائهم. وتقول الصحيفة أن إمكانية وجود مرشح مستقل تسبب ذعرا بين الديمقراطيين، وحتى بعض الجمهوريين، الذين يخشون أن طرح مرشح عن حزب ثالث قد يهدرا أصواتا من ترامب أو بايدن، بما يعيق دخول أى منهما إلى البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى.
ويقول مات بينت، مؤسس مركز أبحاث (الطريق الثالث) فى واشنطن، المناصر لسياسات يسار الوسط، إنه من وجهة نظرهم لا يوجد تهديد لأمريكا أكبر من إمكانية إعادة انتخاب ترامب.
ويقول بينت أنه على الرغم من أن مرشحا عن حزب ثالث لن يمكنه الفوز بالرئاسة، فلم يحدث هذا فى تاريخ البلاد على مدار 247 عاما ولن يحدث فى 2024. إلا أن هذا المرشح يمكن أن يكون مفسدا ويزيد العراقيل أمام فوز ترامب مجددا.
ويصر قادة الجماعة على أن هدفهم هو تقديم خيار أخر للناخبين المعتدلين الذين أبعدهم وجود المتطرفين فى السياسة، وغير راضين عن الخيارات المقدمة لهم من قبل الحزبين الرئيسيين.
وقالت نانسى جاكوبسون، الديمقراطين السابق والتى كانت أحد مؤسسى المنظمة، أن الوسط بحاجة لصوت له فى هذا البلد. وتصر جماعة "لا تصنيفات" على أنها ليس لديها هدف فى أن تكون بمثابة إفساد نجاح لترامب، وتقول أن مثل هذه المخاوف لا أساس لها.
وفى مقال نشر مؤخرا، قال اثنان من مستشارى المنظمة، وهما السيناتور الديمقراطى السابق جو ليبرمان، وبنجامين تشافيز، إنه لا ينبغى أن يكون ترامب رئيسا مرة أخرى للولايات المتحدة. وفى نفس الوقت، فإن هناك أغلبية كبيرة أرهقتها سياسات المظلومية والضحية، ويعتقدون أن أمريكا يمكن أن تكون أفضل بكثير من الخيارات التى يبدو أنها ستطرح لهم فى انتخابات 2024.
وعلى مدار التاريخ الأمريكى، سيطر الحزبين الديمقراطى والجمهورى على سباق الانتخابات الأمريكى، فيما عدا ثلاث استثناءات مؤثرة، كان الأول فى عام 1865، عندما حصل المرشح الثالث ميلارد فيلمور عن الحزب الأمريكى على 21.5% من الأصوات. والثانى فى عام 1968، عندما حصل جورج والاس عن حزب المستقلين الأمريكيين على 13.5% من الأصوات. بينما حصل المرشح روس بيرو المستقل على 19% من الأصوات فى انتخابات عام 1992 التى تنافس فيها كلا من بيل كلينتون وجورج بوش الأب.