الاستجابة الرئاسية لاستمرار الإشراف القضائى على الانتخابات أجهضت الادعاءات المسبقة والمعلبة للتشكيك فى شرعية ونزاهة الإجراءات
طبيعة التحديات الإقليمية والتغيرات الجيوسياسية الدولية تفرض على الأحزاب والقوى السياسية ترتيب الأولويات والتصدى لأى محاولة لزعزعة استقرار الدولة
الحوار الوطنى نجح فى زرع الأمل ونأمل أن تلقى مخرجاته رضا المواطنين.. والشارع يطمح أن يرى بعض التغييرات
وإلى نص الحوار:
فى البداية كيف ترى الاستعدادات النهائية لبدء جلسات الحوار الوطنى؟
مضى أكثر من عام منذ أن أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، دعوته إلى إجراء حوار وطنى تلتف حوله كل القوى السياسية، وتتفق من خلاله على أولويات تلبى طموحات المواطنين وتساهم فى معاونة الدولة المصرية لمواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية، وهو وقت كبير استنفذ لحدث بمثل هذه الأهمية طال انتظاره، ولكننا نتفهم أسبابه نتيجة الإقبال الكبير من كل القوى والقطاعات على المشاركة فى الحوار، والتوسع الشامل فى أعداد الأطراف المشاركة، وكذلك التنوع الشامل فى الملفات المطروحة على كل الأصعدة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فقد استلزم الأمر من القائمين على إدارة هذا الحوار وقتًا وجهدًا كبيرًا ودراسات معمقة وتنظيمًا هائلًا فى الإعداد له، ونحن سعداء بانطلاق بدء جلساته أخيرًا بعد طول انتظار.ما تقييمك لفكرة الحوار الوطنى بشكل عام؟
الحوار الوطنى ضرورة مهمة للدولة المصرية، لأن نجاحه يصنع جبهة داخلية صلبة ومتماسكة تلتف نحو أهداف قومية ثابتة مبنية على قواسم مشتركة بين كل مكونات المجتمع على اختلاف أطيافهم. والجبهات الداخلية المتماسكة والمتحدة تستطيع أن تدفع دولها إلى الارتقاء فى أدائها لمواجهة كل التحديات التى تواجهها، فمنذ أن قامت فكرة إنشاء الدول ورسم الحدود، لم تستطع أى دولة أن تجابه تحدياتها دون أن تكون لها جبهتها الداخلية الصلبة والمستقرة التى تعتمد عليها فى مواجهة تلك التحديات، كما أن تحديات الدول لا تنتهى وكلما عبرت الدول من تحديات تظهر لها فى الأفق تحديات جديدة، هذه هى طبيعة الحياة وهذا هو ما تعلمناه فى علوم السياسة وعلوم أدوات الحكم وإدارة الدول.من وجهة نظرك ما هى أهم القضايا التى ترى ضرورة أن يشملها الحوار الوطنى؟
كل القضايا المطروحة سواء كانت على الصعيد السياسى أو على الصعيد الاقتصادى أو على الصعيد الاجتماعى هى قضايا كلها مهمة للغاية ولا غنى عن العمل على تحقيق تقدم ملموس بها، لكن طبيعة التحديات الراهنة المتمثلة فى عدم استقرار الدول التى تشاركنا الحدود، وكذلك التغيرات الچيوسياسية الدولية الحالية وما نتج عنها من آثار وتحديات اقتصادية هائلة تفرض علينا بالحوار الوطنى ترتيب الأولويات العاجلة فى الأهمية، مثل الملفات ذات الصلة بالأمن القومى المصرى والاستقرار السياسى والأمنى للدولة المصرية، والتصدى لأى محاولة لزعزعة استقرارها، وأيضًا الملفات الاقتصادية ذات الصلة بمعالجات عجز ميزان المدفوعات وعجز الموازنات وأعباء القروض وتشريعات لتعظيم الاستثمار الأجنبى المباشر فى القطاعات الإنتاجية مثل القطاعات الصناعية والزراعية وقطاعات الاتصالات والسياحة بديلًا عن الاستثمار فى أدوات الدين قصير الأجل وغير المستقر، وهذه هى الملفات الضاغطة التى تحتاج إلى حلول عاجلة، أما باقى الملفات يمكن توزيع أولوياتها على المدى المتوسط والمدى الطويل لتحقيق الأهداف المأمول منها، مع الوضع فى الاعتبار إمكانات الدولة ومواردها وقدرتها العملية على أعبائها، وكل ما سبق يمثل وجهة نظرنا دون الافتئات على الأطراف الأخرى المشاركة فى الحوار والتى يجب علينا أن نستمع إلى وجهة نظرهم فى أولوياتهم أيضًا، ونحاول خلق مساحات مشتركة من التفاهمات بيننا فى ترتيب الأولويات.كيف ترى استجابة الرئيس السيسى لمطلب استمرار الإشراف القضائى على الانتخابات؟
استجابة الرئيس السيسى بشأن استمرار الإشراف القضائى على الانتخابات أغلقت الباب أمام محاولات البعض لتزييف الوعى لدى البسطاء عن طريق التشكيك فى مسار الانتخابات المصرية المقبلة، والحقيقة أن الرئيس السيسى بهذه الإجراءات قد أجهض كل الادعاءات المسبقة والمعلبة لهؤلاء الذين لا يكفون عن ممارسة نهج التشكيك فى شرعية ونزاهة الإجراءات بالدولة المصرية، والتى لا أرى فيهم من خلف هذا التشكيك سوى محاولات لزعزعة الاستقرار السياسى لمصر لخدمة أغراض خاصة، وخلق أوراق ضغط لصالح بعض من تتقاطع مصالحهم مع مصالح الدولة المصرية، وفى جملة واحدة حسنا فعل السيد الرئيس.
ما وجهة نظركم فى عدد من القضايا المطروحة للنقاش كتعديل قانون الإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطى؟
نحن ننتمى لحزب ليبرالى يعلى من شأن حقوق الإنسان ويثمن كثيرًا الحريات العامة والخاصة ويعظمها، وفى نفس الوقت يتفهم جيدًا واجبات الدولة فى الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعى لمواطنيها ويؤمن بضرورة تجنيب المجتمع من الأخطار المحدقة، وبالتالى الأمر أشبه بمعادلة دقيقة ومتشابكة يجب أن تكون متوازنة ويجب التحلى بالرصانة الشديدة فى تناولها وعدم تعظيم أحد جوانب تلك المعادلة الدقيقة على حساب الجانب الآخر منها.هل ترى أنه من الممكن أن يكون هناك دور للحوار الوطنى فى التعاطى مع أزمة السودان؟
دعنا نتفق أولًا على أننا نتمسك دائمًا بمبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فما بالك بالدول الصديقة والشقيقة والتى تربطنا بها علاقات تاريخية ومصالح عميقة متبادلة، ما يحدث فى السودان هو شأن سودانى داخلى لا يمكن لنا أن نتدخل فيه بأى شكل يؤدى إلى تأجيج الصراع، كما أننا نحذر بشدة وبشكل واضح من أى تدخل لبعض القوى الإقليمية والدولية لدعم أطراف على حساب أطراف أخرى فى هذا الصراع، ونخشى كثيرًا من تدويله لأن ذلك من شأنه تعقيد الوضع بشكل كبير، وسيؤدى إلى صعوبة التوصل إلى استعادة الهدوء والتوصل الى تسوية سياسية سلمية.كيف نظرت إلى تعاطى الدولة المصرية مع الأزمة السودانية وإجلاء المصريين؟
أشعر بأسف شديد على تطور الأوضاع السياسية إلى مواجهات مسلحة، وأشعر بقلق شديد على مستقبل السودان والشعب السودانى الشقيق، وتقييمى أن المخرج الوحيد لتلك الأزمة هو الوقف الفورى لتلك المواجهات المسلحة التى يدفع ثمنها الشعب السودانى من دمائه، والعودة إلى طاولة المفاوضات والوصول إلى حل سياسى سلمى يحقن الدماء، ويحافظ على وحدة دولة السودان ويجنبها الفشل والتقسيم.هل يمكن أن يكون الحوار الوطنى لبنة رئيسية لبناء الجمهورية الجديدة؟
بالتأكيد، نجاح الحوار الوطنى سيمثل ركيزة مهمة لبناء جمهورية جديدة، محورها التوافق والبناء على القواسم المشتركة والرؤية الواضحة للأولويات التى تهم المواطن المصرى البسيط الذى أصبح يواجه ضغوطًا اقتصادية شديدة أربكته، وجعلته يبحث عن من يطمئنه للمستقبل، وبالتالى فإن المسؤولية الواقعة على عاتق أطراف الحوار الوطنى أصبحت كبيرة للغاية أمام المواطنين، وتفرض على الأطراف المشاركة فى الحوار بذل كل الجهود وطرح الحلول العملية القابلة للتطبيق والاتفاق على الأولويات التى من شأنها رفعة وتقدم الدولة المصرية ورفع مستوى معيشة المواطنين، والارتقاء بأداء الوزارات نحو تحسين الخدمات المقدمة للمواطن بناءً على الرؤية التوافقية من كل قوى المجتمع ومفكريه ومثقفيه وهى السبيل الوحيد لبث الطمأنينة فى قلوب المواطنين.كيف ترى الإعلان عن حضور الرئيس للجلسات النهائية للحوار؟
السلطة التنفيذية هى السلطة المسؤولة التى تقوم بإدارة شؤون الدولة وهى المؤتمنة على مواردها وثروات شعبها، وهى المسؤولة أيضًا على تنفيذ الخطط والبرامج وتقديم الخدمات للمواطنين من خلال وزاراتها المعنية، وبالتالى فإن المخرجات النهائية للحوار لا بد أن تؤول فى النهاية إلى السلطة التنفيذية لإقرارها وإدراجها بخطتها وتطبيقها، وبالتالى فإن حضور رئيس الجمهورية وهو رأس السلطة التنفيذية، وأعلى سلطة فى البلاد للجلسات الختامية للحوار الوطنى، هى إشارة واضحة للجميع لمدى أهمية هذا الحوار الوطنى، وتأكيدًا على مدى جديته وضمانة لأطراف الحوار بالتزام السلطة التنفيذية لتنفيذ مخرجاته.هل من الممكن أن ينتج عن الحوار الوطنى تعديل أو تغيير حكومى؟
طبقًا للدستور فإن هذا قرار يرجع لرئيس الجمهورية أو للبرلمان إذا ما ارتأى لأعضائه بالنسبة المقررة بالدستور سحب الثقة من الحكومة، وبالتالى لا مجال لاستباق الحديث عن هذا الأمر حاليًا، لكن إذا ما اعتبرنا هذا السؤال مجرد نقل لنبض الشارع المصرى وطموحاته، يمكننى إجابتك بأن الشارع المصرى بالفعل يطمح إلى أن يرى بعض التغييرات فى الحقائب الوزارية الاقتصادية لأنه يعانى الآن وبشكل كبير اقتصاديًا، ولديه تخوفات من تفاقم تلك الأزمة الاقتصادية ويريد أن يطمئن بأن يرى خبراء اقتصاديين مرموقين ومشهود لهم بالكفاءة والقدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، وأن يكونوا على قدر كبير من التناغم والتوافق على السياسات الاقتصادية والنقدية ويكون مشهودًا لهم بالرؤية الثاقبة لكى يديرون الوزارات الاقتصادية بالحكومة.ما هو تقييمك للمحور الاقتصادى؟ وكيف يتعاطى معه الحوار الوطنى؟
كما سبق القول بأن التحديات الاقتصادية الآن هى من أكبر التحديات الضاغطة على المواطن المصرى وحياته المعيشية، وكل أطراف الحوار أخذت على عاتقها تناول هموم المواطنين، لذلك سعدت للغاية برؤية عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين على اختلاف أيديولوجياتهم السياسية مشاركين فى الحوار الوطنى، ويتنافسون فى تقديم أفضل الرؤى والحلول الاقتصادية، وعلينا أن نستمع لهم جيدًا برغم المنافسات الحزبية والأيديولوجية لأن كل ما يتم تقديمه حتى ولو من كيانات منافسة فهو يصب فى صالح المواطن وفى صالح الدولة التى ننتمى إليها ونصبو لاستقرارها.