محمود السعيد: الحوار الوطنى يعكس رغبة الدولة فى تطوير أجندة أفكار وطنية للتعامل مع كل القضايا الملحة يشارك فى صياغتها كل القوى السياسية بما فيها قوى المعارضة الوطنية
- تحول مصر لدولة صناعية السبيل الأمثل للسيطرة على سعر العملة
كشف الدكتور محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن أهمية الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكدا أنه خطوة من ضروريات هذه المرحلة الاستثنائية التى تشهدها مصر، مقدما رؤيته وأطروحاته لحل الأزمات التى تعانى منها الدولة وكيفية الخروج من تلك الأزمات، مشددا على أهمية التحول نحو دولة صناعية تهتم بالتصنيع والتشغيل والتصدير للسيطرة على العملة.
فى البداية حدثنا عن أهمية الحوار الوطنى ودعوة الرئيس السيسى للحوار؟
تعتبر دعوة الرئيس السيسى للقوى السياسية لإجراء الحوار الوطنى، خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى رمضان 2022 بمثابة نقلة نوعية كبيرة فى الحياة السياسية فى مصر، وهى خطوة تعد من ضروريات المرحلة شديدة الاستثناء التى تمر بها مصر الآن؛ فالدولة المصرية تعانى اقتصاديا كما تعانى معظم دول العالم بسبب المتغيرات العالمية المتمثلة فى آثار جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية ـ الأوكرانية، والتى تسببت فى ارتفاع أسعار السلع والخدمات مع تباطؤ فى معدلات النمو، خاصة أن هذه الأزمات العالمية المتلاحقة أدت إلى حالة ركود تضخمى لم يشهدها العالم من قبل وتعانى مصر من آثارها بشدة، أيضا الحوار الوطنى يسعى لتحقيق أحد المحاور المهمة فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهو المحور المعنى بفتح المجال العام ليكون أكثر شمولا.
كما أن الحوار يأتى لتلبية رغبة الدولة المصرية فى تطوير أجندة أفكار وطنية للتعامل مع كل القضايا الملحة يشارك فى صياغتها كل القوى السياسية بما فيها قوى المعارضة الوطنية، ولهذه الأسباب مجتمعة فإن الحوار الوطنى يعتبر من أهم الفعاليات السياسية فى تاريخ مصر الحديث، وإذا نجح فى تحقيق ما خططت الدولة المصرية أن يحققه، فسيكون من الأحداث التاريخية المسجلة فى كتب التاريخ.
خريطة القضايا المثارة فى الحوار الوطنى.. من وجهة نظرك ما هى أهم العناوين المطروحة فى المحورين السياسى والاقتصادى؟
فى رأيى أن تعزيز دور الأحزاب السياسية وإزالة المعوقات أمامها، هو أهم العناوين المطروحة فى المحور السياسى، فدور الأحزاب السياسية فى الأنظمة الديمقراطية حيويا لا غنى عنه من أجل إرساء حياة ديمقراطية سليمة، وبالتالى فإذا نجحت توصيات الحوار الوطنى فى إعادة دور الأحزاب المصرية كما كانت فى الماضى فإنها تكون بذلك حققت نجاحا باهرا فى المحور السياسى.
أما فى المحور الاقتصادى، فملف الصناعة والزراعة من أهم الملفات فى رأيى، فاعتماد الحكومات السابقة على عوائد السياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين من الخارج تسبب فى مُعاناة، فلم يكن هناك اهتمام مماثل للتصنيع يؤدى إلى التشغيل وتقليل البطالة والتصدير وتقليل فجوة الميزان التجارى، كما أن الاهتمام بالزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الأساسية لم يعد من أولويات الحكومات المتعاقبة وهو ما أدى دائمًا إلى تأثر الدولة المصرية بالصدمات الخارجية، كما حدث مؤخرًا فى موضوع جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، فاعتماد الدولة المصرية على استيراد غذائها من الدول المتحاربة تسبب فى مضاعفة المشكلة، لذا يجب على الدولة المصرية أن تكون دولة منتجة صناعيا وزراعيا، حتى نعالج المشكلات الاقتصادية الهيكلية المزمنة.
وما هى الإجراءات ذات الأولوية فى الاتجاه نحو تمكين هذه القطاعات؟
أهم الإجراءات بدأت الدولة بالفعل فى اتخاذ بعضها، وهى إزالة معوقات الاستثمار، فالمتخصصون يتحدثون عن معوقات الاستثمار منذ الثمانينيات من القرن الماضى، ويتم إصدار قوانين لتسهيل الاستثمار، ولكن لا تنفذ وتنتهى بالإلغاء أو التعديل ثم الإلغاء، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص، وحسنا فعلا الدولة المصرية بإصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة التى تساهم فى خلق البيئة الاقتصادية الداعمة للقطاع الخاص والجاذبة للاستثمارات، وتضع الأسس والمرتكزات الرئيسية لتواجد الدولة فى النشاط الاقتصادى.حدثنا عن منظومة التعليم الجامعى وتحديات البحث العلمى والآليات لمقترحة للتطوير؟
أرى أن التحدى الأكبر فى ملف التعليم الجامعى والبحث العلمى هو قانون تنظيم الجامعات، فهناك حاجة ماسة إلى إصدار قانون جديد وليس ترقيع بعض مواد القانون القديم، ففى عام 1972 صدر القانون رقم 49 لتنظيم الجامعات، ومنذ هذا الوقت وحتى اليوم يدير هذا القانون وتعديلاته منظومة التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر، رغم الدعوات الكثيرة منذ ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013 والمطالبة بإصدار قانون جديد بدلا من القانون 49 الذى مر عليه أكثر من نصف قرن وأصبحت بعض نصوصه قديمة جدًا وتعوق تطوير التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر، فنجد أن بعض نصوص القانون تتعارض مع لوائح نظام الساعات المعتمدة المطبقة فى معظم كليات مصر، وتعديلات بعض النصوص لا تحل المشكلة بل أحيانا تزيدها تعقيدا.ملف التعليم من أبرز الملفات فى لجان المحور المجتمعى، والتعليم العالى دُرّة تاج المنظومة.. من موقعك كأكاديمى وقيادة جامعية، ما هى أبرز التحديات فى ملف تطوير المنظومة الجامعية؟
كما ذكرت سابقا فإن التحدى الأكبر هو إصدار قانون جديد لتنظيم الجامعات، وهو مطلب الكثير من الباحثين والأكاديميين، لأن القانون الجديد من شأنه تطوير منظومة التعليم العالى والبحث العلمى، وتطويرهما هو مفتاح حل كل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة على مائدة الحوار، فمن يحلل أسباب تدهور العملية التعليمية والبحثية فى مصر مقارنة بما كانت عليه فى الماضى سيجد أن من أكبر الأسباب؛ بل هو السبب الرئيسى الثغرات الموجودة فى قانون تنظيم الجامعات المعمول به منذ 1972، وهى الثغرات التى يستغلها البعض فى تحقيق منافع شخصية تسبب أضرارا كبيرة لجامعاتنا المصرية وتعرقل العملية التعليمية والبحث العلمى، فعلى سبيل المثال يستفيد العديد من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات الحكومية المصرية من هذا القانون فى الحصول على إجازة مرافق الزوج لعدد لا نهاية له من السنين، أيضا قد يستمر أحد أعضاء هيئة التدريس على رأس العمل لمدة تتجاوز عشرات السنين دون أن ينجز بحثا أو يشرف على رسالة واحدة أو يشارك فى أنشطة القسم والكلية ، أيضا هناك حاجة ملحة لإعادة النظر فى النصوص القانونية الخاصة بتعيين المعيدين وأعضاء هيئات التدريس المعاونة فى الجامعة، فالاعتماد على معيار المجموع التراكمى كمعيار وحيد قد لا يؤدى إلى اختيار أكفأ العناصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة