قال عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، إنه ساهم فى مسار العمل الوطنى السياسى بصفة خاصة طوال عقود طويلة، وعاش هذه السياسات بحلوها ومرها، طوال سنوات النصف الثانى من القرن العشرين، وانتقل إلى السنوات الأولى من القرن الحادى والعشرين بمشاكل إضافية لم تحل محل المشاكل القديمة ولكن أضيفت إليها، ولذلك فالإرث ثقيل والأمر خطير، ويتعين علينا أن نتحدث بكل صراحة وأن نطرح الرأى والرأى الآخر.
وأضاف عمرو موسى، فى كلمته بالجلسة الافتتاحية للحوار الوطنى، أن مرحلة الإضراب السياسى فى مصر انتهت فى 2013، وكان هناك إرث ثقيل يتطلب وضع قاعدة كبيرة من إصلاح الحال، فالواقع أن الشعب المصرى يشعر بهذه المرحلة بالكثير من القلق، لأنهم يخافون على مصير هذا البلد، والناس يتساءلون ماذا يجرى؟ وأين فقه الأوليات فى اختيار المشروعات؟ وأين مبادئ الشفافية؟ وما هى حالة الديون وكيفية سدادها لأن الاقتصاد متعب ومرهق؟ كما يتساءل الناس عن الحريات وضمانتها وعن البرلمان وأداءه وعن الأحزاب والاستثمار وتراجعه بل وهروب الاستثمارات المصرية لتؤدى وتربح فى أسواق أخرى، ويتساءلون عن الأسعار والتضخم وهل سيطرت السياسات الأمنية على حركة مصر الاقتصادية أو قيدتها، وهل شلت البيروقراطية المصرية حركة الاستثمار فأوقفتها؟
وأكمل عمرو موسى: "الناس يتساءلون عن مجانية التعليم وتناقضها مع جودة التعليم، والناس يتساءلون إلى متى تمضى الزيادة السكانية دون سياسات جريئة تضبطها، ثم كان الناس يتساءلون عن مصير المحبوسين احتياطيا، والذى أن الأوان فى الواقع للتعامل المباشر والفورى والشامل مع هذا الملف لنغلقه نهائيا".
وأشار إلى أن الإجابة على كافة الأسئلة يجب أن تكون صريحة وأمينة، ولو كانت صادمة يجب إعداد الناس لمستقبل صعب، وهذا واجب ومسئولية كافة مؤسسات الدولة، ومنها مؤسسة الحوار الوطنى، متابعا: "أرى بكل صراحة أن نتائج هذا الحوار وإن كانت من الطبيعى أن ترفع إلى رئيس الدولة، إلا أنها يجب أن تبلغ إلى الشعب عن طريق البرلمان ليناقشها، فإذا جاءت من الحكومة مقترحات محددة بناء على توصيات معينة من هذا الحوار، كان البرلمان على علم واضطلاع على كل ما جرى من خلال الاضطلاع على التقارير التى تقدم إليه رسميا من هذا الحوار".
وأكمل: "الحوار قائم داخل هذه القاعات وفى كل مكان فى مصر، فى مقاهيها ومنتدياتها وأحزابها ونقاباتها وجامعاتها وفى كل تجمعاتها، والكل يتحدث أين نحن؟ وماذا جرى؟ وكيف نصلح الأحوال؟ وأين المنجزات؟ تحدثنا عن الصعوبات والمربكات والسلبيات، هناك مسارات وجسور تبنى وهناك معالجة لوضع العشوائيات ولكن يجدر العلم بأن العشوائيات ليست فى القاهرة فقط ولكن فى كل قرية من قرى مصر عشوائيات، وكل مدينة ومركز فى محافظات مصر يعانى من العشوائيات وهذا أمر خطير ويجب أن يكون فى صبر ما يهتم به هذا الحوار، ولابد من التعامل مع كل العشوائيات فى هذا البلد كله، منها عشوائيات القبح والاعتداء على جمال المدن وهذا يجب أن يتوقف، لأن جمال المدن والقرى من حسن إدارة الأمور".
وواصل الدكتور عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، كلمته بالجلسة الافتتاحية بالحوار الوطنى، وقال: "نجح العهد ورئيسه فى إبعاد خطر الخلط المخيف بين السياسة والدين، ليكون الطريق ممهدا نحو الحكم المدنى الذى أكده الدستور ونص عليه، كما نجح العهد كذلك فى طرح تجديد التفكير الدينى ليعلو الدين الحنيف بعيدا عن أهواء السياسة ومطباتها وبعيدا عن التطرف ودمويته وفى هذا أشير إلى التطور التاريخى الجريء فى هذا المجال والذى يتم فى المملكة العربية السعودية حاليا".
وأكد عمرو موسى، أن هناك مبادرة هامة قدمها الإمام الأكبر شيخ الأزهر منذ 3 أشهر، بعد لقائه مع بابا الفاتيكان، لبناء تفاهم على المستوى العالمى، وتقدم شيخ الأزهر بمبادرة قال فيها: "إن الوقت حان لحوار سنى شيعى، تحت عباءة الأزهر حتى نقضى على تلك الفجوة التى لعبت فيها شياطين الإنس والجن ولا تزال".
وأضاف عمرو موسى، فى كلمته بالجلسة الافتتاحية: "إذا نحن أمام مبادرتين هامتين رئيسيتين، تعملان على تجديد الفكر والممارسة الدينية، ولكن يجب أن نعطى الحق لصاحب الحق فى هذا، لقد كان أول من أثار تجديد الفكر الدينى هو الرئيس عبد الفتاح السيسى، وبناء عليه، فالأمور تتحرك سواء هنا أو هناك".
وأكمل: "أعلت الدولة قيم المواطنة، وأنه لا تفرقة بين مواطن وآخر كما نص الدستور وهذا تقدم عظيم لا شك فيه، وأود أن أشير إلى تأهيل سيناء وفتحها للمواطنين للعيش فيها والتحرك الحر منها وإلى إليها، مع الحفاظ على طابعها الخاص وعلى أماكنها المقدسة مثل الوادى المقدس طوى، ومسار السيدة مريم ووليدها المسيح عليها السلام فى زيارتها لمصر ثم فى عودتها إلى فلسطين، وتم إعطاء الفرصة للمجددين فى مجالات عدة أشر فيها هنا إلى مجال التعليم، وهو نهج مهم أن تعطى الفرصة للمبادرين والمفكرين ليطرحوا وربما لينفذوا خططا تعالج مشاكل أساسية فى مصر، وأقول هذا نهج مهم بصرف النظر عن نتائجه المؤقتة أو الأولية".
وأضاف عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أن الإنجازات التى شهدها الوطن رئيسية فى مسار الفكر المصرى سواء بالنسبة للسياسة والدين، أو بالنسبة لإصلاح الفكر الدينى، أو بالنسبة للمرأة والشباب، أو للمدن، أو الأوضاع الاجتماعية فى مصر.
وأضاف عمرو موسى، فى كلمته بالجلسة الافتتاحية للحوار الوطني: "أمل أن تسجل هذه التساؤلات التى نقلتها إلى مجلس إدارة الحوار الوطنى، أو حاولت أن أنقلها اليوم، تساؤلات مهمة، لا يتوقف الناس عن مناقشتها أو عن افتقادها مثل حرية الرأى أو الرأى الآخر، ولكن أبدأ اليوم فى التعامل معها بطريقة مختلفة، كما أمل وكما يأمل المصريون جميعا، الطريق صعب، والتحديات خطيرة حقا، غير مسبوقة، ولا أقول أن التحديات كلها تأتى من الخارج، هناك تحديات بسبب أخطاء فى الداخل، ويجب أن نكون صرحاء أن نعالجها ونعالجها بسرعة، وأنا من المتفائلين بأن قدرة الشعب المصرى وتجارب الشعب المصرى وآماله يمكنها أن تحدث النقلة المطلوبة وأن تقف فى وجه التهديد بالانهيار، سواء أن كان هذا اقتصاديا أو اجتماعيا بصفة خاصة أمر ووضع الطبقة المتوسطة التى يتراجع دورها رغم أنها هى قبان الميزان فى المجتمع المصرى، ويجب أن نعطى الطبقة الوسطى اهتماما برخائها وأن يفتح لها باب الإنجاز والإبداع وقيادة المجتمع سواء كان فيما يتعلق بالحقوق المدنية أو بالحركة الاقتصادية أو بالوضع الاجتماعي.. وأختم بأن أقول فلتحيا مصر يا رب".